وإن كان من الطبيعي أن تحرص أي أغلبية في العالم على تعزيز التواصل والتنسيق بين مكوناتها، فإن ميكانيزمات التحالفات في المغرب، واختلالات المشهد السياسي، وأيضا ما تشهده البلاد، منذ فترة، من حراك حزبي متفاوت الأهمية، كل هذا يجعل اجتماع اليوم جاذبا للاهتمام الإعلامي والسياسي، ويتطلع المتابعون إلى ما قد يحمله من إشارات.
تجتمع الأغلبية عقب انطلاق أشغال دورة أكتوبر البرلمانية، التي شهدت انتخاب زعيم الاتحاد الاشتراكي لرئاسة مجلس النواب، وأيضا في ظل سلسلة من اللقاءات الثنائية التي جمعت بين عدة مكونات من تحالف الأغلبية، أو بين بعضها وهيئات توجد اليوم في المعارضة، وهو ما أثار نقاشا إعلاميا وسياسيا، حول تماسك التحالفات والخرائط السياسية، ما يجعل من اجتماع اليوم مناسبة لكشف مستوى تماسك مكونات الأغلبية، ومدى استمرار التزامها بمضمون البرنامج الذي كانت حكومة عباس الفاسي قد تقدمت به .
من دون شك ستحضر في الخلفية كل ما تعيشه بعض أحزاب الأغلبية من توترات داخلية، وجدالات، وما تنقله الصحف يوميا على هذا الصعيد، لكن الأساسي يكمن في قدرة أحزاب الأغلبية على تجسيد تماسكها، وتأكيد قوتها وقدرتها على الفعل الموحد والجدي في حركية المشهد السياسي والمؤسساتي في البلاد.
من جهة ثانية، يلج الائتلاف الحكومي المرحلة الثانية من ولايته ضمن سياق وطني يعيش أيضا على إيقاع تواصل المطالب الاجتماعية لدى فئات مختلفة من شعبنا، علاوة على التحولات الاقتصادية التي يشهدها المغرب وكل العالم في السنوات الأخيرة، ومن ثم فإن الأولوية اليوم تتمثل في الانكباب على تلبية مختلف هذه الحاجيات، والنهوض بمتطلبات التنمية.
وحيث أن اجتماع اليوم يأتي في ظل النقاش الوطني الذي خلفه تقرير المجلس الأعلى للحسابات، وفي ضوء انطلاق أوراش تنموية وتأهيلية جوهرية بالنسبة لرهاناتنا الاقتصادية والاجتماعية، وكذا في ظل تطورات ملف وحدتنا الترابية، فإن المشاركين فيه مطالبون بجعل مناقشاته وخلاصاته تتمركز في عمق إشكالات الفعل العمومي، والحاجة إلى تمتينه وتأهيله.
معنى هذا أن لقاء الأغلبية، وإن كان عقد الاجتماع في حد ذاته إيجابيا على كل حال، يمثل مناسبة لتفعيل حوار صريح وعميق بشأن معيقات تنفيذ البرنامج الحكومي، وتقييم التنفيذ في حد ذاته، بالإضافة إلى ضرورة السعي إلى بلورة فهم مشترك، أو متقارب، بخصوص أوراش الإصلاح والتنمية، والأفق المراد للمغرب في المرحلة القادمة.
الانشغال يجب أن يكون في عمق… الوطن، وترقى المسؤولية إلى حجم الأسئلة السياسية والتنموية والاستراتيجية المطروحة اليوم على البلاد.