إذا كان لسحر الألوان قوة جاذبة تدعونا للتأمل والغوص عبر جغرافيتها واستراتيجياتها البصرية وإيقاعاتها ورمزيتها المتفاعلة، التي تتسلل إلى مسالك الروح ودواخل الذات البشرية على اختلاف تفاعلاتها، فللقصيدة سحر خاص يعج بالمفردات والكلمات التي تنبثق منها الصورة الشعرية بكل دلالاتها ورمزيتها التي تشعرنا بذواتنا وبالآخرين أيضا، وبالتالي فهي ثنائية وثيقة الصلة فيما بينها، فألوان اللوحة قصيدة مرئية، وأبيات وبحور القصيدة لوحة شعرية. وتعتبر سلسلتنا هذه “قصيدة من وحي لوحة ” جسر تواصل وتلاقح بين الفن التشكيلي والقصيدة الشعرية من خلال باقة فريدة من اللوحات على اختلاف مستوياتها ومدارسها الفنية لمجموعة من الفنانين التشكيليين المغاربة، ومجموعة قصائد شعرية لنخبة من الشاعرات و الشعراء الذين اجتهدوا لتأكيد هذه الثنائية التي تجمع بين فن الرسم وفن الشعر من خلال قصائد نظمت من وحي هذه اللوحات.
< إعداد: محمد الصفى
الحلقة العاشرة
الشاعرة سعاد بازي المرابط و شفيق الزكاري
شفيق الزكاري فنان تشكيلي وناقد جمالي، من مواليد مدينة القصر الكبير سنة 1960، خريج المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة بفرنسا، كانت بدايته مع الخط العربي ليتأثر بعدها بالفنان الفرنسي هو ماليفيتش لتتحول أعماله للقضايا التي لها صلة بالإنسان وهمومه وانشغالاته، من مؤسسي جمعية نقاد الفن التشكيلي بالمغرب، عضو اتحاد كتاب المغرب له إسهامات عدة في مجال الكتابة الفنية وتصميم أغلفة الكتب.
“فراغ”
هنا الأبيض لون الحِداد والكفن
لا المكان مكان ولا سلطة للزمن
الفراغ مكتمل الحضور
تُفرِد مخيلتي جناحيها
ترى الأبيض يطال الرأس أيضا
منحنيا كالهزيمة
تدلى فوق جسد قوي
حري به أن يقف مع الأعمدة
يسند السماء كي لا تقع
حري به أن يأوي إلى جبل يعصمه
من هذا الكابوس الجاثم
يعطيه وزنه حمولة صبر
حبذا لو أعاره الذكاء نبراسا
كي لا يبقى غبي الأوصال
مفتول العضلات
ممتدا في قيلولة دون معنى
يجفو المُتع
لا ورود ولا زاد فوق مائدة جرداء
يجفو الاستراحة على الكنبة الحمراء
اللون الأحمر وحده لا يقدح شرارة الحب
عندما يفقد الرأس التوازن
تتلاشى مقومات الجمال
فعندما يغيب الجبين
لا نرى هل يقوم بمهمة التقطيب