بالرغم من كل الاكراهات وظروف الإعداد الصعبة، وغياب أكثر من لاعب أساسي، تمكن فريق الرجاء البيضاوي من تحقيق ما كان يعتقد الكثيرون أنه من سابع المستحيلات، وذلك بتحقيق انتصار مثير، وكسب لقب تاريخي، على حساب اتحاد جدة السعودي، في نهائي كأس محمد السادس لكرة القدم.
كل المعطيات كانت ترجح كفة أصدقاء العميد كريم الأحمدي، نظرا لعدة اعتبارات موضوعية ومنطقية.
فالفريق السعودي يتوفر على تشكيلة متجانسة، تضم خمسة لاعبين أجانب، لهم من التجربة والخبرة، ما يمكنهم من تجاوز أحسن الفرق، كما أن الدوري السعودي انطلق مؤخرا، وخاض فريق الاتحاد أول مباراة له، حيث فاز خلال الدورة الأولى بثلاثة أهداف لصفر، كما خضع لعدة معسكرات تدريبية في الداخل والخارج.
في الطرف الآخر، وعلى النقيض من ذلك، فالرجاء دخل مرحلة الإعداد متأخرا بحكم انتهاء البطولة الوطنية في حدود شهر يوليوز، كما أن إضراب اللاعبين عن خوض الحصص التدريبية زاد من تعقيد الأمور، أضف إلى ذلك مغادرة مجموعة من اللاعبين الرسميين الفريق الرجاوي نحو فرق أخرى، ولعل أبرزهم الهداف الكونغولي بين مالانغو.
لهذه الأسباب وغيرها، رجح الكثيرون كفة الفريق السعودي، وهو ترشيح منطقي، إلا أن طموح وعزيمة وتحدي كل مكونات الرجاء، كذب كل التكهنات، ومكن من تجاوز الصعاب، وتحقيق لقب تاريخي في أمسية لن تنسى.
وبالرغم من تمكن الفريق السعودي من تسجيل هدف مبكر، إلا أن عناصر الرجاء ظلت متماسكة، صامدة، وتمكنت من الرجوع في المقابلة، والأكثر من ذلك إنهاء الجولة الأولى بتفوق بحصة 3 – 2 .
في الجولة الثانية، اعتقدنا أن ضعف الإعداد البدني سيؤثر لا محالة على لاعبي الرجاء، وفعلا ظهر بعض الفتور على عناصر معينة، إلا أن الفريق ظل واقفا حتى عندما تمكن الفريق المنافس من تسجيل هدفين في ظرف عشر دقائق، عادل من خلالهما النتيجة لتصبح 4 – 4، وهذه الحصة الكبيرة أظهرت إلى أي حد كانت الندية حاضرة بقوة طيلة أشواط المباراة.
وأمام التكافؤ الغريب الذي طبع هذه المباراة النهائية طيلة تسعين دقيقة، كان الاحتكام الضروري للضربات الترجيحية، والتي ابتسمت مرة أخرى للرجاء، إذ كان الحارس أنس الزنيتي في الموعد، بعد أن صد ضربة حاسمة، ليوقع عمر العرجون على الفصل الختامي، مسجلا الضربة الخامسة والأخيرة، ليعلن عن تتويج ملكي للرجاء العالمي.
تتويج سيمكن الرجاء من كسب منحة مالية مهمة، ستخفف عنها بدون أدنى شك، وطأة الأزمة المالية الخانقة التي تعرفها منذ عدة سنوات، كما ستسمح لإدارة الفريق بصرف المتأخرات المالية للاعبين، وتأدية جزء من الديون المتراكمة.
المنتظر هو أن يساهم هذا اللقب العربي، في خلق أجواء إيجابية داخل النادي الرجاوي، وأن يستثمر على نحو أفضل، وذلك بالدفع في اتجاه تماسك كل المكونات، وعودة اللحمة داخل العائلة الرجاوية.
فالرجاء في حاجة إلى كل أبنائها، خاصة الذين يحبون الخضراء بدون حسابات ضيقة، ولا أهداف خاصة، ولا شعبوية زائفة ولا أطماع انتخابية…
محمد الروحلي