لوحظ منذ انطلاق البطولة الوطنية الاحترافية لكرة القدم، والتي وصلت هذا الموسم إلى النسخة العاشرة، صعود فرق تصنف بـ”الصغيرة”، ينتمي بعضها لحواضر، وأحيانا بوادي تفتقد لمقومات وشروط، احتضان فرق تنتمي لعالم الاحتراف.
وفي الوقت الذي تسعى فيه الجامعة إلى تطوير الممارسة الكروية على الصعيد الوطني، وذلك بفرض نظام الشركات وهيكلة الأندية على أسس سليمة من حيث الحكامة والتدبير المقاولاتي، جاء صعود فرق صغيرة، لتشكل حقيقة عائقا كبيرا أمام تحقيق هذا الهدف، مع ما يترتب عن ذلك من اختلالات على مستوى الممارسة وقيمة المنتوج الكروي.
فهناك فرق تفتقد لأبسط الشروط، من حيث ضرورة وجود ملعب لاحتضان المباريات، وآخر لخوض الحصص التدريبية اليومية، وغياب إدارة قارة، وعدم التوفر في بعض الحالات إلى فئات صغرى، كما تفتقر إلى موارد مالية كافية، لمواجهة كلفة الانضمام إلى بطولة احترافية، من عقود ورواتب ومنح، وغيرها من الالتزامات التي لا تتحمل التأجيل ولا الإلغاء…
وهناك أيضا فرق، لا تساهم في تكوين اللاعبين، ولا تعمل على إنتاج مواهب شابة، بل نجدها كل موسم تقدم على جلب عدد كبير من اللاعبين، لتشكيل فريق يشارك بمباريات البطولة، وبعد نهاية الموسم تغادر الأغلبية، ليتم مرة أخرى إبرام صفقات جديدة، مع ما يكلف ذلك من إهدار موارد مالية مهمة.
أغلب هذه الفرق ليست لها القدرة، لا المالية ولا التقنية، تسمح لها بالمنافسة على اللقب، أو الذهاب بعيدا بمباريات الكأس، همها الوحيد ضمان البقاء بالقسم الأول، وغالبا ما يكون تحقيق هذا الهدف بالصعوبة بمكان…
صحيح أن كل طموح يبقى مشروعا، وتحقيق الحلم ممكن، إذا توفرت العزيمة والرغبة في ركوب التحدي، لكن الطموح شىء والواقع شىء آخر، وأغلب الطموحات التي كانت وراء صعود فرق تصنف بالصغيرة، كان وراءها أفراد اجتهدوا من أجل تحقيق هدف، وغالبا ما يكون طموح مجرد فردي، وترجمة لرغبة شخصية، آو مناسباتية ليس إلا…
والتساؤل الذي يفرض نفسه في هذه الحالة هو: ماذا تقدم مثل هذه الفرق لكرة القدم الوطنية؟
فالموارد المالية التي تصرف من أجل المشاركة بالبطولة الاحترافية، كان من الأفيد توجيهها للاهتمام بالفئات الصغرى، والمساهمة في منح الفرص لشباب المنطقة، وتحسين البنية التحتية، والانكباب على التأطير والتكوين، وإشاعة ثقافة مبنية على روح العمل الجماعي، والتحسيس بأهمية الرياضة كمدرسة للحياة.
قد يكون هناك من لا يتفق مع هذا الرأي، بل هناك من يصفه بالشوفيني وغير المنصف، وغيرها من الأحكام الجاهزة والكليشهات المعروفة، إلا أن المصلحة تقتضي التجرد، والنظر للواقع كما تفرزه الحقائق على الأرض، فالصعود في غياب المقومات يعد انتحارا بكل ما في الكلمة من معنى، وهناك حالات صادمة لفرق ناضلت من أجل تحقيق الصعود، وبعد موسم واحد فقط، وجدت نفسها بالمنحدر، تقاوم الخصاص على جميع المستويات…
>محمد الروحلي
