انفلاتات في زمن الاحتراف…

بعيدا عن المعطيات التقنية لمباريات البطولة، الوطنية الاحترافية لكرة القدم، بقسميها الأول والثاني، وكل ما هو متعلق بالمردود الفني لبداية الموسم الحالي، فإن هناك حالات غطت على جانب الأداء العام، وحولت درجة الاهتمام بنسب كبيرة، نحو حالات مرتبطة بسلوك المسيرين، إذ أصبحوا يخطفون الأضواء خلال مباريات بطولة تسمى “احترافية”، أكثر من اللاعبين والمدربين… فبعد واقعة مباراة الرجاء البيضاوي ضد الجيش الملكي، وما صدر عن الناطق الرسمي للفريق المحلي، إثر مهاجمته للاعب زكرياء الهبطي، ورد فعل هذا الأخير، بعدما شعر  كونه ضحية سب وشتم، ومحاولة الاعتداء من طرف عبد الإله الإبراهيمي، جاء ناطق رسمي آخر “لينطق” هو الآخر، بما هو مرفوض… ناطق رسمي آخر، ضبطته الكاميرا،  وهو يهاجم بالسب والشتم والوعيد، اتجاه أفراد من جمهور فريقه حسنية أكادير، الأمر يتعلق برشيد البطاحي رئيس جماعة سيدي إفني، والنائب الأول لرئيس الحسنية والناطق الرسمي بإسمها، وعضو الجامعة الموقرة… وقع الحادث أثناء مقابلة الحسنية ضد المغرب التطواني، عن الدورة الثالثة من البطولة، حيث وثقت فيديوهات، هذا المسؤول الأكاديري، وهو يرد بألفاظ غير مقبولة على فئة من الجمهور، بعد الاحتجاجات التي اندلعت من جراء حصد الفريق للهزيمة، في المباراة المذكورة. ويبدو أن ما صدر عن البطاحي، كان رد فعل على تعرضه، هو والرئيس أمين الضور، لعبارات السب والقذف والاتهامات، وهو أمر مرفوض، لأن للاحتجاج قواعد ومجموعة من الضوابط، لا يمكن تجاوزها إلى حد التخوين، والمس بأعراض الناس. وعلى ذكر البطاحي، فقد سبق أن اعتدى جسديا على صحفي رياضي أثناء تغطية أشغال الجمع العام للحسنية، ومرة أخرى، فإن سلوك هذا المسير وثقته أشرطة فيديو، حيث ظهر بوضوح إقدام هذا المسؤول الجماعي والرياضي والجامعي، بالاعتداء جسديا على احد صحافيين، إذ قام سيادته بالتهجم عليه، وصفعه بقوة وكسر هاتفه النقال، وتهديده بمزيد من الانتقام… وبالملعب البلدي ببرشيد، وثقت أيضا لقطات الفيديو، تهجم أحد مسؤولي الفريق لحريزي، على الحكم النحيح أمام مستودع الملابس، حدث هذا مباشرة بعد نهاية مقابلة فريق اليوسفية ضد شباب المحمدية، اتهم هذا المسؤول الحكم باتخاذ قرارات ضد الفريق المحلي، سواء خلال هذه المباراة، أو مباراة الموسم الماضي ضد الرجاء البيضاوي بمسابقة كأس العرش.حالة أخرى جاءتنا هذه المرة من وجدة، وبالضبط خلال مقابلة الاتحاد الوجدي والراك، حالة نادرة بطلها أحد المصورين، تجرأ بالدخول لأرضية الملعب، محاولا عن طريق الكاميرا التي يحملها، التأثير على قرار الحكم، بعد تضارب الآراء بخصوص مشروعية هدف، بين حكم الوسط ومساعده الأول. تم توقيف المباراة لأزيد من ربع ساعة، في مشهد مؤسف حقا، انخرط فيه كما تظهر ذلك الصور ولقطات الفيديو، بعض مسؤولي الفريق الوجدي، في تدخل سافر لمصور من المفروض أن يطبع سلوكه، الحياد الضروري واحترام المهنة. ودائما في خضم السلوكات غير المقبولة للسادة المسيرين، تم توقيف جمال السنوسي، العضو الجامعي، رئيس فريق سطاد المغربي، والرئيس السابق لعصبة الهواة، عن ممارسة أي نشاط كروي إلى حين الإحاطة بكل حيثيات النازلة. وحسب بلاغ للجنة الأخلاقيات، فتوقيف السنوسي جاء بناء على شكاية مقدمة ضده، من طرف كل من عبد الله الزاكي، حكم جهوي بالعصبة الجهوية لعصبة الرباط سلا القنيطرة، لسبه وشتمه لاعبات أشبال الصخيرات والطاقم التحكيمي، واقتحامه أرضية الملعب، بالإضافة الشكاية التي رفعها ضده فريق جمعية سلا ومدربه مراد فلاح، بسبب السب والشتم والقذف… كلها حالات تعكس المستوى المتدني الذي وصل إليه التسيير داخل كرة القدم الوطنية، والأكيد أن هناك ممارسات أفدح وأفظع بكثير يفرزها واقع مؤسف، إلى درجة أن لجنة الأخلاقيات، أصبحت أنشط لجنة داخل الجامعة والعصبة الاحترافية، تسعى جاهدة لمتابعة كل مظاهر الانفلاتات التي تعرفها الملاعب بجل الأقسام، واتخاذها قرارات تأديبية، منها ما هو مستحق، ومنها ما هو مخفف… والمفروض الزيادة في نسبة الصرامة وعدم التساهل أو التراجع، أمام أي ضغط من طرف أية جهة كانت، كيفما كان وزنها أو درجة تأثيرها، لأن اتخاذ القرارات بناء على قيمة النادي أو المسير، أو أي متدخل آخر، سيفتح المجال أمام التمادي في ارتكاب الأخطاء، ويصعب بالتالي الحفاظ على مصداقية المؤسسات…

محمد الروحلي

Top