السادسة تابثة في عهد محمد السادس… اختيار الفيفا للملف الثلاثي لاحتضان مونديال 2030

سيبقى الرابع من شهر أكتوبر 2023، يوما مشهودا في تاريخ المغرب الحديث، اليوم الذي أعلن جلالة الملك محمد السادس، الاحتضان الرسمي لمونديال 2030، بملف مشترك إلى جانب كل من إسبانيا والبرتغال.

يوم مشهود، بالنسبة لشعب طارد الحلم لمدة أربعين سنة، اخفق في أكثر من مرة وحورب مرات، لكنه لم ييأس وظل دائما، صامدا مطالبا بالانصاف والعدالة، مؤمنا حتى النخاع بحظوظه وامكانياته، إلى أن جاء الاعتراف باحقية هذا البلد الافريقي الطموح، في احتضان عرس كرة القدم العالمية؛ باستحقاق كبير، وفي نسخة غير مسبوقة، تشكل بالفعل منعطفا كبيرا، يضع هذه التظاهرة الكونية ضمن تصورات مستقبلية مغايرة لما سبق…

والرائع أن الخبر الرسمي، جاء من خلال بلاغ للدوان الملكي، في سبق متفرد يعكس قيمة استثنائية، حيث زف جلالة الملك محمد السادس، الخبر السعيد لعموم الشعب المغربي، وذلك بالإعلان الرسمي عن اختيار الفيفا للملف الثلاثي، كملف وحيد وبدون منافسة لاستضافة مونديال في نسخته ال (24).

باسم إفريقيا ومن اجل افريقيا، ومن موقع التميز، كان المغرب دائما السباق إلى اسماع صوت الافارقة عاليا، ووفق مقاربة تشاركية، تبتعد على كل أساليب الهيمنة والاحتكار ، وعلى اساس مبدأ رابح- رابح

فقد لعب المغرب وعبر التاريخ، دور الريادة على المستوى القاري، وكثيرا ما سخر كافة الإمكانيات، ورهان بصدق على القوى الحية لافريقيا، والعمل على ابراز خصوصياتها، وامكانياتها وطاقات شبابها، سواء من حيث احتضان المؤتمرات، والندوات ومختلف اللقاءات، كما أصبحت المدن المغربية قبلة لمنتخبات واندية القارة،  اما للاستعداد أو لإجراء مباريات رسمية، أضف إلى ذلك فتح أوراش التكوين، أمام الأطر بمختلف الدرجات والأصناف ومن الجنسين…

وجاء مونديال كرة القدم لسنة 2030، بمثابة مفاجأة جميلة وحدث استثنائي؛ في أبعاده ومكوناته، وأهدافه غير العادية، كما سبق ان جاء في الرسالة الملكية السامية، لحظة الاعلان الرسمي عن الترشح الثلاثي، وكان ذلك خلال شهر مارس الماضي، بالعاصمة الرواندية كيغالي، يوم تتويج جلالته بوسام الاستحقاق والتميز ، اذ كانت يومها لحظة فارقة أعلن خلالها عن التقدم بترشيح ثلاثي، في سبق متفرد يعكس الكثير من السمو والابهار:

“.. يعد سابقة في تاريخ كرة القدم، عنوان الربط بين إفريقيا وأوروبا، وبين شمال البحر الأبيض المتوسط وجنوبه، وبين القارة الإفريقية والعالم العربي والفضاء الأورومتوسطي، كما سيجسد أسمى معاني الالتئام حول أفضل ما لدى هذا الجانب أو ذاك، وينتصب شاهدا على تضافر جهود العبقرية والإبداع وتكامل الخبرات والإمكانات”.

إن قبول الاتحاد الدولي، هو اعتراف صريح بقيمة دولة إفريقية، أعطت دائما الدليل على قدرتها، والفعل الملموس والتفاعل الإيجابي، وكانت سباقة في أكثر مناسبة، إلى المطالبة بالإنصاف، وتحقيق العادلة وتكافؤ الفرص، بين مختلف الدول والقارات، فالمغرب كان أول من طالب بحق أفريقيا، في احتضان التظاهرات الدولية الكبرى؛ وفي مقدمتها مونديال كرة القدم، ولم يتخلى عن هذ المطلب الذي اضفى عليه مشروعية مستمدة، من تاريخ عريق ومصداقية في الفعل والتعامل، واحترام كبير وسمعة دولية…

  ففي كل الترشيحات التي سبق أن تقدم بها سنوات 1994 و1998 و2006 و2010 و2026، كان المغرب قريبا من تحقيق الحلم، إلا أن لعبة الأصوات المدبرة من طرف جهاز (فيفا)، كانت تحرمه في كل مرة من ذلك، وما التسريبات التي جاءت من بعد، والتأكيد على وجود ممارسات غير نزيهة، تتمثل في شراء ذمم بعض المصوتين، إلا دليل قاطع على أن المغرب تعرض للظلم، وكان الأحق في احتضان نسخة من النسخ الخمس التي ترشح لاحتضانها.

    والأكيد أن التأثير الاقتصادي والسياحي، سيكون مهما سواء بالنسبة للمغرب أو المنطقة بكاملها، خصوصا ببلد يتمتع بجاذبية كبيرة، مع الأهمية الاستفادة من الزيادة في عدد البلدان المشاركة، مما يوسع دائرة الاشعاع الإقبال والاثارة…

   فالمغرب عمل باستمرار على تحسين ببنياته التحتية، وتقوية مؤسساته، وتطوير مجالات الاتصالات والطرق السيارة والقطارات، بنوعيها السريع والعادي، اضف الى ذلك هناك مميزات تؤخذ عادة بعين الاعتبار من طرف مختلف الهيئات الدولية، وتتمثل في الأمن والاستقرار والانفتاح، والتمتع بثقافة التسامح، والمكانة الخاصة للمرأة…

    كانت السادسة إذن، تابثة في عهد محمد السادس، برهان قوى على كل سبل النجاح وبمستويات مختلفة، وبفضل ملف متكامل ثلاثي الابعاد، متعدد الخصوصيات، ورهانات واعدة، ومميزات غير عادية، تعد سابقة في التاريخ ب”نظرة استباقية وعمق في التخطيط، وتفوق في وضع استراتيجية العمل المستقبلي…”.

    هنيئا للمغرب قمة وقاعدة على هذا الاستحقاق الرائع، والرهان المستقبلي الموفق، والدعوة مفتوحة من الان من اجل تعبئة وطنية لكل الطاقات والكفاءات، من أجل احتضان بكل الترحاب والسعادة، مونديال إفريقيا سنة 2025 ، ومونديال كل العالم سنة 2030 .

محمد الروحلي

Top