لتجاوز الانتقادات حول التأخر الحاصل في تفعيل القانون التنظيمي المتعلق بعدم دستورية القوانين، والذي يتيح للمتقاضين مواطنات ومواطنين اللجوء إلى القضاء الدستوري لاختبار مدى دستورية التشريعات الوطنية، خاصة في الحالات التي تمس فيها هذه التشريعات بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور، أقدمت وزارة العدل على تنظيم ندوة دولية حول الموضوع في محاولة للتغلب على الإشكالات التي تحيط بتفعيل هذا النص القانوني مستحضرة في ذلك تجارب مقارنة طرحها عدد من الخبراء والأساتذة المتخصصين.
وفيما يبدو إقرارا بالتأخر الحاصل على مستوى التفعيل، قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، في تدخل ألقاه في هذه الندوة التي نظمتها الوزارة بشراكة مع الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا، وذلك بمعهد التكوين تكنوبوليس بسلا، والذي عرفت مشاركة عدد من الخبراء والأساتذة المتخصصين وأطر عن المجالس والمؤسسات المعنية بالموضوع “ارتأينا فتح نقاش تشاركي واسع حول مبدأ الدفع بعدم دستورية القوانين”، بإشراك مختلف المختصين من خبراء وأطر عن المجالس والمؤسسات المعنية بهذا الشأن، مع الانفتاح على تجارب مقارنة ، آملين أن يفيدنا ذلك في إخراج هذا القانون إلى حيز الوجود، كاملا؛ شاملا؛ ومجيبا على كل الإشكالات التي اعترضت دخوله حيز التنفيذ”.
ومضى الوزير مبرزا أهمية آلية الدفع بعدم دستورية القوانين، بالنظر للدور الرقابي الحيوي الذي تضطلع به حماية لحقوق المواطنين، فضلا عن أنه يمكن المواطنات والمواطنين من اللجوء إلى القضاء الدستوري للطعن في دستورية التشريعات، مما يجعله بذلك ضمانة أساسية لمراقبة مدى توافق القوانين مع مبادئ وأحكام الدستور، بما يفضي إلى محصلة تتمثل في تحقيق العدالة الدستورية.
ويشار أن نص القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بالدفع بعدم دستورية قانون، والذي تم بمقتضاه تحديد الشروط والإجراءات التي تتيح اللجوء إلى القضاء الدستوري باستغلال الآلية الدستورية التي أقرها دستور 2011، وفقا لمنطوق المادة 133 منه ، وهو بذلك يشكل نصا مؤطرا للرقابة البعدية للقوانين والذي من شأنه تطهير الترسانة القانونية من كل الشوائب التي قد تؤدي إلى المساس بما يضمنه الدستور للمواطنات والمواطنين من حقوق وضمانات”.
ومعلوم أن إقرار القانون التنظيمي، الذي تم إقراره منذ أكثر السنتين، كان وفق ماجاء آنذاك في تعليقات عدد من المتتبعين، قد وضع حدا للنصوص القانونية التي أصبحت في تعارض مع دستور 2011، خاصة وأن القانون أتاح وفقا لمنطوق المادة 3 منه، الإمكانية لإثارة الدفع بعدم دستورية القانون أمام مختلف محاكم المملكة، وكذا أمام المحكمة الدستورية مباشرة بمناسبة البث في الطعون المتعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان.
كما أتاح في الفقرة الثانية من المادة ذاتها، إمكانية إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة ثاني درجة أو أمام محكمة النقض، كما لم يفت المشرع أن ينبه ، في الفقرة الثالثة من المادة نفسها، إلى أنه يجب في جميع الأحوال أن يثار الدفع بعدم الدستورية قبل اعتبار القضية المعروضة على المحكمة جاهزة للحكم، ومنع على المحكمة أن تثير الدفع تلقائيا من لدنها، وفق ما جاء في الفقرة الرابعة.
واشترط القانون، في حال تم تقديم الدعوى بعدم الدستورية أمام المحاكم، أن يتم إثارة الدفع بعدم الدستورية بواسطة مذكرة كتابية، مع مراعاة أن تكون مقدمة بصفة مستقلة، وتكون موقعة من قبل الطرف المعني أو من لدن محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المحامين بالمغرب، وأن تتضمن المقتضى التشريعي موضوع الدفع.
واعتبر وضع شروط محددة للراغبين في رفع مذكرات الدفع بعدم دستورية القوانين، كاشتراط تنصيب محام وتقديم مذكرة مكتوبة، بأنه يرجع إلى كون الأمر يتعلق بقوانين وقرارات للمحكمة الدستورية والتي قد يكون لها انعكاس خطير على باقي القوانين”.
هذا وتضمن القانون في منطوقه مادة تنص على أن الدفع بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية، يقدم بمناسبة البت في منازعة متعلقة بانتخاب أعضاء البرلمان، ويتم التقديم بواسطة مذكرة كتابية، ونص في القانون في المادة 22 منه، على آجال حددها في ستين يوما لبث المحكمة في الدفع بعدم دستورية قانون ابتداءا من تاريخ إحالة الدفع إليها أو من تاريخ إثارته لأول مرة أمامها.
فنن العفاني