كشف عبد اللطيف وهبي وزير العدل، عن التحول الذي سيطرأ على نص القانون الجنائي الذي يوجد حاليا لدى رئيس الحكومة، والذي من المنتظر أن تتم إحالته في الأسبوعين القادمين على المؤسسة التشريعية، حيث سيتم إخراجه من مجال الإيديولوجيا إلى مجال القانون، وبموجب ذلك سيتم تحديد المجال العام الذي سيبقى حكرا على الدولة والمجال الخاص الذي يرتبط بالحياة الخاصة للأشخاص ولا يمكن أن يتدخل فيه أي أحد إلا بناء على طلب الشخص الموجود في هذا المجال.
وأعلن الوزير، في لقاء صحافي، عن قرب فتح نقاش حول المشروع الجديد مع الأغلبية والمعارضة، مبررا سحب نص مسودة مشروع القانون الجنائي السابق من البرلمان، لكونه كان غارقا في الإيديولوجية عوض أن يكون نصا قانونيا بحثا، كما تم التعامل معه بانتقائية حيث كان يتم اختيار نصوص معينة ويتم تقديمها للمناقشة ، قائلا “أنه كحداثي تعامل بحداثة مع نص مشروع القانون الجنائي في حين فشل المحافظون في إخراج هذا النص”.
وحول بعض القضايا التي لازالت تثير الكثير من الجدل، اعتبر الأمر بأنها لا تعدو أن تكون محاولة استغلال، وأن المشروع الحالي قطع وفقا للمقاربة والتصور الذي تم تبنيه مع الاتجاه الذي يحاول أن يكون وصيا على المغاربة وتم الانتصار لمنطق للقانون، معتبرا بالنسبة لمسألة طلب عقد الزواج من نزلاء الفنادق وأماكن المبيت السياحية، أن الأمر غير قانوني، إذ لا يمكن مساءلة مواطن عن بطاقته الوطنية أو عقد الزواج، ولا ينبغي أن يكون ذلك تلقائيا إلا إذا كان ذلك المواطن في مكان جريمة ما أو في حالة شبهة أما إذا انتفت هذه الدواعي فذلك قطعا غير قانوني .
وأضاف موضحا “أنه لا يمكن أن يسائل مواطن مواطنا آخر بل من ينبغي أن يقوم بذلك هو موظف الدولة الذي له صفة إنفاذ القانون، منبها أن مساءلة الشخص عن وثيقة رسمية هي من أعمال السيادة ولا يجوز أن يقوم بها أي فرد ليست له الصفة الرسمية للقيام بذلك، وأعمال السيادة لا تفوض، وعامل الفندق لا يملك هذه الصفة”، علما أن ألأمر يتعلق بالحياة الخاصة التي يحميها قانون المعطيات الشخصية”.
وبخصوص إقرار قانون ضد الإثراء غير المشروع، عبر الوزير عن رفضه القاطع لهذا الأمر، قائلا “أنا ضد إقرار قانون الإثراء غير المشروع”، معتبرا أن وضع نص من هذا النوع لن تتوفر له كل الضمانات حتى لا يتم المس بقرينة البراءة كمبدأ نص عليه الدستور، حيث لا ضمانات من أن يصبح المواطن المغربي وهو يمشي في الشارع معرضا للمساءلة من طرف مواطن آخر عما يملك”
وأردف مضيفا “أن الوزارة اختارت عدم إقرار نص قانوني خاص بهذه القضايا، وأنها في المقابل اختارت أن تطبق إجراءات قانونية أخرى تم التنصيص عليها في القانون الجنائي لا علاقة لها بمنطق يضع المغاربة جميعهم في قفص الاتهام، وهو المنطق الذي يروج أن الفساد استشرى، وهو منطق مغلوط، “فليس كل الناس فاسدين أو طاهرين، بل الأغلبية جيدة، وفق تعبير المسؤول الحكومي، ووفقا للمواد الجديدة يمكن أن يتابع بها أي شخص حينما يرتكب جريمة، حيث يمكن آنذاك مساءلته حول كل ما جاء به، لكن مادام لم يرتكب جريمة ولم تستطع كدولة أن تثبت أنه ارتكب جريمة فليس لها الحق في مساءلته”.
يشار إلى أنه في مجموعة من الندوات التي نظمها حزب التقدم والاشتراكية حول مشروع القانون الجنائي، كان المشاركون فيها قد أوصوا بضرورة إخراج نص جديد بمضامين متقدمة تنزيلا للدستور وللتوجهات التي اختارتها المملكة والتي تنبني على خيار بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق و القانون، وبمضامين أيضا تجعل المنظومة الجنائية تتلاءم مع الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب والتعهدات التي التزم بها أمام الآليات الأممية.
> فنن العفاني