أزمة التراخيص لممارسة التجارة تثير حفيظة أصحاب المحلات التجارية

قال عيسى أوشوط، الجمعة الماضي بالرباط، في ندوة حول موضوع ” التجارة بين حرية المبادرة وقيود التراخيص”، إن الهدف من تنظيم الندوة، هوفتح نقاش واسع بين التجار، بعد إلزام الجماعات المحلية التجار بالحصول على الترخيص لممارسة التجارة، في أفق للخروج باقتراحات وتوصيات، لرفعها إلى المشاركين في المؤتمر الوطني التأسيسي ل” الإتحاد المغربي للتجار والمهنيين”، المنضوي تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، المقرر عقده في شهر أكتوبر القادم بالدار البيضاء.
وبسط في مداخلته، مجموعة من المطالب التي سبق أن قدمها للجهات المسؤولة بمدينة الرباط، واعتبرها أساسية، مذكرا بأن عدم الاستجابة لها، لايعني سوى الحكم على ممتهني قطاع التجارة بالإعدام والتصفية. وعبر بالمناسبة عن رفضه للمسطرة القانونية المتبعة في إعداد ملف الحصول على رخصة ممارسة المهنة خصوصا بالنسبة للتجار الجدد.
كما كشف في مداخلته، التي ركز فيها على المجلس الجماعي للرباط، عن عدة مقترحات وصفها بالوجيهة، لتجاوز أزمة التراخيص، ضمنها، منح المجلس الجماعي الرخصة لكل التجار المتوفرين على الباتنتا والسجل التجاري بدون قيد أو شرط أخر، مع استبدال صيغة التسمية المقررة من طرف المجلس (رخصة بيع المواد الغذائية) برخصة البقالة.
كما اقترح أيضا سن ضريبة رمزية سنوية للتجار الصغار تراعي ظروفهم خصوصا وأنهم يستثمرون في محلات صغيرة، بالإضافة إلى توزيع التجار إلى فئات على غرار القانون الفرنسي، حيث تختار كل فئة المساحة التي تريد استغلاها وفق قدرتها الشرائية.
وفيما يخص ضريبة اللوحات الإشهارية، اقترح المتدخل سن هذه الضريبة بإعتماد قانون التفاوت، لأنه لا يعقل في نظره، تطبيق نفس الضريبة على تجار متفاوتين في الدخل رغم تواجدهم في نفس الحي .
ومن جهته، قال علي لمين، الكاتب الإقليمي للتجار والمهنيين بمدينة مكناس، إن هناك تباين كبير في شروط الحصول على الترخيص من منطقة إلى أخرى، بل وأحياناً من شارع إلى آخر في المدينة نفسها، وأن هذا التباين يخلق حالة من عدم المساواة بين التجار ويفتح المجال للممارسات غير مشروعة.
وأكد أيضا أن الرسوم المفروضة للحصول على تراخيص استغلال الفضاء المتواجد أمام المحلات التجارية مرتفعة ، تضاف إليها الأعباء المالية الأخرى التي يتحملها التاجر كالضرائب وإيجار المحل وتكاليف التشغيل، مما يشكل عبئاً ثقيلاً على التجار، خاصة أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وسجل المتحدث، كون ارتفاع هذه الرسوم لا يتناسب البتة مع الواقع الاقتصادي الذي يعيشه التجار، خاصة في ظل التحديات التي يواجهها القطاع التجاري من منافسة شرسة وتراجع في القدرة الشرائية للمواطنين. وتساءل، كيف يمكن لتاجر أن يسدد رسوماً باهظة لاستغلال بضعة أمتار أمام محله في الوقت الذي يكافح فيه لتغطية تكاليف تشغيل المحل نفسه؟.
واعتبرأن هذا الواقع المعقد يضع التاجر المغربي أمام معادلة صعبة، تتمثل في اختياره بين أن يتحمل الأعباء المالية والإدارية الثقيلة للحصول على الترخيص، أو يخاطر بالعمل دون ترخيص ويعرض نفسه للمساءلة القانونية، وأنه في كلتا الحالتين، يجد التاجر نفسه في موقف لا يحسد عليه، مما ينعكس سلباً على أدائه التجاري وقدرته على المنافسة والاستمرار.


ومن جهته، ميز محمد الهلالي، عضو المكتب الإقليمي للتجارة والحرفيين بعمالة الصخيرات – تمارة، بين نوعين من التجار، حسب مدة ممارستهم للتجارة، حيث لاحظ أن هناك تجار مارسوا التجارة لعقود وآخرين جدد، وأن مايجمع الطرفين هو الترخيص.
وأوضح في مداخلته، أن الصنف الأول يتوفر على شروط ممارسة مهنة التجارة، وأن مطالبته اليوم، بالترخيص يعتبر خرق للقانون، داعيا إلى احترام قاعدة عدم رجعية القوانين.
وأكد أن الأصل في التجارة هو حرية المبادرة، وأن البناية التي غالبا مايستغل التاجر طابقها السفلي لممارسة نشاطه، يتوفر أصلا على الترخيص، وبالتالي، يتساءل لماذا تطالب الجماعات المحلية بترخيص ثان؟
وأجمعت باقي مداخلات الخبراء والمهتمين وممثلي الجمعيات المهنية، على أن إقدام الجماعات المحلية، على إلزام التجار بالحصول على ترخيص لممارسة التجارة، يندرج في إطار التضييق والتعسف على التجار وخرق المفهوم الجديد للسلطة الذي تحدث عنه صاحب الجلالة محمد السادس في إحدى خطبه.
هذا، وقد تم افتتاح هذه الندوة، المنظمة من طرف اللجنة التحضيرية للمؤتمرالوطني التأسيسي ل” الإتحاد المغربي للتجار والمهنيين، بكلمة للعربي أيت سليمان عضو اللجنة التحضيرية، أبرز فيها، أن موضوع التراخيص أصبح يشغل بال العديد من التجار بالمغرب، وأنه أصبح مطلوب منهم إثبات هويتهم للجماعات المحلية بكونهم تجار، والحال أنهم يمارسون التجارة منذ عدة عقود، داعيا إلى تنظيم قطاع التجارة، على أساس مشروع حداثي، يساهم في الرقي بالتجارة، ويقطع مع العشوائية، وبكل مايعرقل حرية التجارة.

<حسن عربي

Top