النقابة الوطنية للصحافة المغربية تطالب الحكومة بتسريع ورش استكمال الإصلاحات التنظيمية والمهنية في القطاع

أكدت النقابة الوطنية للصحافة المغربية أن توافر إعلام وطني قوي ومهني واحترافي، وقادر على مواكبة التطورات التكنولوجية والرقمية، يحقق إشباع احتياجات المواطنين وحقهم في الحصول على المعلومة، ويساهم في إثراء النقاش العمومي وعقلنته، ويعيد الاعتبار للمهنة والمزاولين لها، “أصبح مطلبا وطنيا آنيا، لا يقبل التأجيل، لأن كثيرا من المكاسب الوطنية والدبلوماسية تقل فاعليتها بسبب عدم القدرة على تثمينها إعلاميا بما يليق بها”.

ودعت في هذا الإطار الفاعل الحكومي إلى ترجمة أولويات القطاع، وفي مقدمتها أولوية إصلاح المشهد الإعلامي الوطني، حتى يتمكن من الإسهام في المجهود الوطني، وفي التصدي لخصوم بلادنا، بعد انتقال هؤلاء إلى السرعة القصوى في تشييد بنية تحتية متطورة، لا تألو جهدا في بث سمومها، والتشويش على صورة المغرب وعلى انتصاراته الدبلوماسية المتواترة.

وأوضحت النقابة، في سياق البيان العام المنبثق عن اجتماع مجلسها الوطني الفيدرالي، الذي عقد دورته الثانية يوم السبت الماضي، بمدينة المحمدية، أن المناخ الوطني يعرف حاليا تواتر العديد من الانتصارات المغربية، المرتبطة بسيرورة ثابتة وواضحة لحسم قضية الوحدة الترابية، وغلق ملف الأقاليم الجنوبية للمغرب، بما يتلاءم مع الطرح المغربي القائم على الحق من جانب، وعلى المصلحة الإقليمية المشتركة من جهة أخرى، وعلى استراتيجية واضحة الآفاق التموقع المستقبلي لبلادنا، باستحضار الإمكانات القارية لإفريقيا، والمتكاملة مع الإمكانات الأفرو-أورو متوسطية.

‎وأضافت النقابة أن وعيها بالأدوار الفضلى الواقعة على كاهلها، باعتبارها تنظيما مدنيا، وإطارا نقابيا، ورؤية إعلامية وطنية، يجعلها تؤكد على أن  “المدخل الإعلامي يعد واحدا من المداخل الأساسية الكبرى” للدفاع عن المصالح الوطنية من جهة، ولتكريس التوجهات الوطنية الصادقة للانتقال الديموقراطي، إيمانا بحتمية التزامن بين المسارين الوطني والديموقراطي، “فكل انتصار على جبهة الوحدة الترابية والوطنية يعضد أفق دمقرطة الدولة والمجتمع، وكل تطور على المسارين الحقوقي والديمقراطي يصب حتما في مصلحة القضية الوطنية الأولى للمغاربة”.

وشددت النقابة في بيانها الختامي لهذا الاجتماع الذي عقد تحت شعار “مواصلة معركة حماية المهنة والمهنيين”، على “أولوية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لكافة المشتغلين في مهن الإعلام والتواصل والنشر، واعتبار احترام هذه الحقوق، وعدم انتهاكها/ مدخلا أساسيا لتطوير المشهد الصحافي والإعلامي”. وعبرت عن أسفها لأن “الحكومات المتعاقبة، بما فيها الحكومة الحالية لم تع بعد ضرورة جعل إصلاح الإعلام الوطني من الأولويات التي تعضد المجهودات الدبلوماسية الوطنية، وتثمنها، وتساهم في استكمال أسس الورش الديموقراطي والتحديثي والتنموي الوطني”.

وفي تشخيصه لواقع المشهد الإعلامي الوطني، عبر المجلس الوطني الفيدرالي عن قلقه من حجم “التراجعات الخطيرة” التي تعرفها مجموعة من القطاعات الإعلامية على مستوى الحريات النقابية، و”الترهيب الذي تتعرض له عدد من اللجن والمكاتب النقابية في عدد من المؤسسات”، مما يتطلب، يقول البيان، “حزما في الرد على كل من سولت له نفسه  تعميق الأزمة وتوسيع دائرة التراجعات التي كانت إلى وقت قريب تضر بصورة ومجهودات بلدنا على مستوى الحريات”.

وفي نفس السياق، سلط البيان الضوء على “حجم الهشاشة التي يعانيها القطاع على مختلف المستويات”، ومن أقسى تجلياتها حالات “زميلات وزملاء يعانون العوز ويعانون في صمت بعد سنوات من العطاء أكل من أجسادهم ودمر معنوياتهم، وتركوا عزلا مما يضطرهم لامتهان حرف سد العوز في أرذل العمر”.

كما أشار البيان، كذلك، إلى أن هناك توجها نحو محاولة “تمييع القطاع”، مع تزايد مظاهر تطفل دخلاء واقتراف مصائب وفضائح وإلصاقها بالمهنة، “مما يخلط الأوراق ويورط المهنة في وصم لا يعكس حجم المسؤولية الواقعية”، وهو ما أدى إلى “جسارة محاكمة المهنة والمهنيين بالسب والقذف، بل وتحول هذا المد إلى عصابات لترهيب كل صوت يقاوم من أجل استقلالية وخصوصية المهنة”. وحذر البيان من مساع متواصلة للاستفادة من “حالة سيبة غير مفهومة قد تقود إلى فراغ يسمح بالاستفراد القاسي بالرأي العام، وقد ينتهي بتهديد الأمن الإعلامي لبلدنا”.

وتوقف المشاركون في هذا الاجتماع- الذي استعرض كذلك المنجز الأدبي والتنظيمي والبرنامجي والإشعاعي للنقابة، وطنيا، وعمل الفروع والتنسيقيات وأيضا عناوين المشاركات والحضور العربي والأفريقي والدولي- (توقفوا) عند التعقيدات والتعثرات التي يعرفها مسار استكمال الإطار التنظيمي للقطاع وتحيين منظومته القانونية، مشيرا أيضا إلى المشاكل التي يعرفها ملف تدبير كيفيات منح وتجديد البطاقة المهنية لسنة 2024.

وجددوا التأكيد على مطلب النقابة بضرورة تحيين كل الترسانة القانونية المرتبطة بالمهنة، باستحضار كل التراكمات التي حدثت منذ إقرار تلك القوانين (مدونة الصحافة والنشر/ قانون الصحافي المهني/ القانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة)، وهي القوانين التي أبانت التجربة، يقول البيان، عن قصور الكثير من موادها على مسايرة التحولات التي حدثت في طبيعة وسيرورة مهن الإعلام والتواصل والنشر.

كما دعوا إلى دعم ممكنات حرية الصحافة والتعبير، مذكرين بأن بعض القيود المتضمنة في الكثير من النصوص التشريعية المرتبطة بالمهنة، والمتصفة بالعمومية، تجعلها قابلة للكثير من التأويلات، سواء أكانت ديموقراطية أو على النقيض منها، مما يجعل الإعلام المهني قاصرا على منافسة فضاءات التواصل الاجتماعي، والتي بقدر ما تتمتع بجرعات حرية أكثر، بقدر ما تنتعش فيها الأخبار الكاذبة والتعبيرات المنفلتة غير المسؤولة.

ودائما في إطار استكمال الإجراءات التنظيمية، شددت النقابة في بيانها على استعجالية القطع مع الوضع المؤقت لآلية التنظيم الذاتي للمهنة، داعية إلى المصادقة على القوانين التكميلية للقانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة قبل انتهاء الدورة الخريفية للبرلمان (أبريل 2025)، حتى يتمكن المتدخلون المعنيون بالمجلس الوطني للصحافة من انتخاب هياكل المجلس في آجال معقولة. واعتبرت أن مسؤولية الوزارة الوصية على القطاع ثابتة في تسريع هذا الورش باعتبار أنها هي من منحت تفويضا للجنة المؤقتة لقطاع الصحافة والنشر للقيام بمهام المجلس الوطني للصحافة لمرحلة انتقالية.

وأكدت النقابة أيضا على وجوب السحب التام لما سمي بالنظام الخاص لمنح بطاقة الصحافة، وطالبت باستعجال للعودة إلى العمل وفق المرسوم الخاص لمنح البطاقة المهنية سنة الصادر سنة 2019، في انتظار تحيين هذا المرسوم بما يستجيب لمطالب الصحافيين/ات المهنيين/ات.

‎وشددت النقابة على ضرورة حماية الصحافيين أثناء مزاولة مهامهم المهنية، والقطع مع كل مظاهر التعامل المهين مع الصحافيين/ات عند ولوجهم لمجموعة من المؤسسات، والتي تتنافى مع مقتضيات الزمالة المهنية، وأعراف وقواعد المهنة، ومسؤوليات المرفق العمومي. وأكد المجلس الوطني على ضرورة التعامل مع الصحافيين/ات بما يليق بوضعهم الاعتباري والمهني والمواطناتي. وطالب المجلس كذلك بحماية المعطيات الشخصية للصحافيين/ات من المتقدمين/ات للحصول على البطاقة المهنية، وهي المعطيات التي تصبح بحوزة اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر.

وفي سياق الدفاع عن الحقوق الاجتماعية للصحافيات والصحافيين، ألح المجلس الوطني الفيدرالي في دعوته  للزيادة في أجور وتعويضات كافة العاملين/ات والصحافيين/ات في المؤسسات الإعلامية المحسوبة على القطاع العمومي، سواء التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، والقناة الثانية2M، وإذاعة ميدي1 وميدي1تيفي، ووكالة المغرب العربي للأنباء، مع تحسين شروط العمل، ومراعاة التعويض عن الأخطار المهنية، وعن المهام الإضافية المرتبطة بسياقات استثنائية.

كما شدد على ضرورة تنفيذ الالتزامات المضمنة في الاتفاق الاجتماعي المبرم في فبراير 2022 بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية والجمعية الوطنية للإعلام والناشرين، تحت إشراف وزارة الثقافة والتواصل، وعلى رأسها الزيادة في الأجور بالقيمة المتفق عليها، وتطبيقها بأثر رجعي بالنسبة للمقاولات المتخلفة عن تنفيذ التزاماتها.

وفي نفس الاتجاه، دعت النقابة الناشرين إلى الاقتناع بضرورة تحيين الاتفاقية الجماعية التي مر عليها ما يقارب العشرين سنة الانضمام إلى مسار الاتفاقيات الجماعية، مع تحيينها بما يستجيب للتحولات التي تقع في طبيعة الإعلام ومهن الصحافة والنشر، وهي التحولات المتسمة بسرعتها، توافقا مع التحولات التكنولوجية من جهة، ومع التراكمات الحقوقية كونيا من جهة أخرى.

كما طالبت بربط الدعم العمومي المقدم للمقاولات المهنية الإعلامية باحترامها للاتفاقيات الجماعية الموقعة، مع توسيعها، إضافة إلى قطاع الصحافة المكتوبة الرقمية والورقية، وقطاع الإذاعات الخاصة، وقطاع شركات الإنتاج، لتشمل قطاع الصحافيين الأحرار (الفريلانس).

وأشار بيان المجلس الوطني الفيدرالي في هذا الصدد إلى أهمية   ‎الاستثمار الإيجابي والمعقلن والمنتج لميزانية التكوين لدى اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، بما يتناسب مع التطورات الرقمية، والمهام الجديدة لمهن الإعلام، عوض الاستمرار في تكوينات مكررة ونمطية وكلاسيكية، لا تساهم في ترقية وتطوير الأداء المهني للمستفيدين منها.

إلى ذلك، جدد البيان الالتزام الدائم والمبدئي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بدعم زميلاتنا وزملائنا الصحفيين الفلسطينيين وفي الانتصار لحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة وحقه في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي. واعتبر المجلس الوطني الفيدرالي أن وضع الصحافيات والصحافيين في الجنوب اللبناني مقلق جدا بعد استسهال استهداف الصحافة والإعلام بالجنوب اللبناني من قبل السلطات الإسرائيلية في ظل تواطؤ سياسي كبير من قبل القوى العالمية. ودعا المجلس الوطني الفدرالي فروع النقابة، بالمناسبة، إلى تنظيم فعاليات تضامنية مع الشعبين الشقيقين بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يصادف 29 نونبر 2024 .

بيان اليوم

Top