تأكيد على دور الموارد الطاقية النظيفة في دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة

أكد المشاركون في جلسة نقاش حول “التحول الطاقي وآفاقه الاقتصادية والبيئية”، الأسبوع الماضي بالرباط، على ضرورة تكثيف الجهود من أجل تعزيز استخدام الموارد الطاقية النظيفة، بما يسهم في دعم النمو الاقتصادي والمحافظة على المنظومة البيئية.
وأبرز المشاركون في هذه الجلسة، المنعقدة في إطار “مؤتمر المستقبل” الذي نظمه البرلمان المغربي بالتعاون مع مؤسسة “لقاءات المستقبل” ومجلس النواب ومجلس الشيوخ بجمهورية الشيلي (17-18 دجنبر الجاري)، أن التحول نحو الطاقات النظيفة، بما فيها الهيدروجين الأخضر، من شأنه خفض الكلفة الطاقية وتقليص التبعية لتغيرات السوق الدولية.
وفي كلمة بالمناسبة، قال وزير الطاقة الشيلي، دييغو باردو، إن الانتقال إلى اقتصاد خال من الكربون يتطلب بدائل عن الطاقات التقليدية المستخدمة في الصناعات الوطنية، والتي تتجلى في الطاقات النظيفة، ولاسيما الهيدروجين الأخضر.
وأوضح باردو أن إنتاج الطاقة انطلاقا من موارد نظيفة من شأنه خفض التكلفة الطاقية، بالنظر إلى ما يتطلبه استيراد مصادر الطاقة التقليدية من موارد مالية هامة، مشيرا إلى أن الانتقال إلى استخدام الطاقات النظيفة سيسهم أيضا في الحد من التبعية للسوق التجارية الدولية.
وأشار الوزير الشيلي إلى أن بلاده والمغرب يتشاركان التحديات نفسها في ما يتعلق بالطاقات المتجددة ويمتلكان ذات الإمكانات الطبيعية التي ستمكنهما من الانتقال الطاقي، مسجلا أن المغرب قطع أشواطا هامة في هذا المجال، وأنه في طور تحقيق هذا الانتقال بشكل كامل، لاسيما في مجال صناعة السيارات والصناعات الغذائية.
من جانبه، استعرض رئيس الجامعة الأورومتوسطية بفاس، مصطفى بوسمينة، الإمكانات الهائلة التي تزخر بها المملكة في مجال الطاقات المتجددة من قبيل الطاقة الريحية والشمسية، ومختلف الاستراتيجيات التي تم إطلاقها، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس في هذا المجال.
وذكر بوسمينة في هذا الصدد، بالاستراتيجيات الطاقية من قبيل “الاستراتيجية الطاقية الوطنية” التي تم إطلاقها سنة 2009، والدينامية التي شهدها مجال الطاقات المتجددة سنة 2011 واستراتيجية إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، لاسيما ما يتعلق بإنتاج الأمونياك، مسجلا أن المملكة تعتزم إنتاج 3 ملايين طن من هذه المادة بحلول سنة 2030.
كما تطرق إلى طموح المغرب في ما يخص إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية والاتفاقيات التي جرى توقيعها في هذا المجال مع العديد من الشركاء الدوليين.
وتناول بوسمينة أيضا موضوع تحلية مياه البحر، لاسيما بالمناطق التي تعرف إجهادا مائيا، مشيرا إلى أن المغرب يطمح إلى تحلية 1.7 مليار متر مكعب في السنة في أفق سنة 2030 من خلال المنشآت التي أعدها لهذا الغرض، من قبيل محطات الدار البيضاء والناظور ومنطقة سوس.
وتناولت باقي المداخلات أهمية الطاقات المتجددة في مواجهة تغير المناخ ورهانات التنمية المستدامة، مؤكدة أن تحقيق التحول الطاقي يستدعي معالجة عدة تحديات، من بينها التكاليف الأولية المرتفعة التي يتطلبها إرساء هذه الطاقات وعدم المساواة في الولوج إلى التكنولوجيات النظيفة لتحقيق أقصى استفادة منها.

يذكر أن “مؤتمر المستقبل” شكل مناسبة لتبادل وجهات النظر بين البرلمانيين والمسؤولين الحكوميين والعلماء والباحثين والجهات الفاعلة حول القضايا التي تهم مستقبل البشرية.
وتناول المؤتمر في هاته الدورة عددا من القضايا الحيوية الراهنة من قبيل التحديات التي تواجه عالم المستقبل، وتغير المناخ والهجرة الدولية، وتعزيز السلم والأمن في العالم، والأمن الغذائي، والتعاون بين الشمال والجنوب.
كما ناقش المؤتمر مواضيع مواجهة التحديات الصحية العالمية، والتحول الطاقي وآفاقه، والتحولات التي تشهدها العلاقات الإنسانية والروابط الاجتماعية في القرن الحادي والعشرين، وتأثيرات الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد والمجتمع، وتعزيز التسامح والمساواة بين الجنسين، وإفريقيا كقارة للمستقبل.

***

المغرب والشيلي يستعرضان تجربتهما في مجال تدبير المياه

استعرض المغرب والشيلي، مؤخرا بالرباط، تجربتهما في مجال تدبير الموارد المائية، ولاسيما أفضل الممارسات التي من شأنها المساهمة في مواجهة تحديات ندرة المياه وتأثيرها على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للساكنة.
وأجمع الجانبان، خلال الجلسة الثانية حول “تغير المناخ والهجرة الدولية”، في إطار “مؤتمر المستقبل”، الذي نظمه، خلال الأسبوع الماضي، البرلمان المغربي بمجلسيه، بالتعاون مع مؤسسة “لقاءات المستقبل” ومجلس النواب ومجلس الشيوخ في جمهورية الشيلي، على ضرورة الإسراع في تنفيذ الاستراتيجيات ذات الصلة بالبنى التحتية قصد تلبية الاحتياجات من هذه المادة الحيوية، وبالتالي تخفيف الآثار السلبية للهجرة المناخية.
وفي هذا الصدد، توقف وزير التجهيز والماء، نزار بركة، عند المجهودات التي يبذلها المغرب تنفيذا لتوجيهات جلالة الملك محمد السادس، للتعامل مع ما يفرضه الإجهاد المائي من تحديات، مؤكدا أنه لتفادي هذه الوضعية تبنى المغرب استراتيجية طموحة، شمولية ومندمجة، من خلال البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي في أفق 2027، بكلفة 143 مليار درهم لتسريع المشاريع المائية.
وأوضح بركة أنه يتم العمل على تغيير منهج تضامن البوادي مع المدن لتوفير الماء إلى تضامن المدن مع البوادي والمناطق الجبلية لتحقيق عدالة مجالية، وذلك من خلال تطوير الموارد المائية غير الاعتيادية والتي تهم، بالخصوص، إنجاز المشاريع الكبرى لتحلية المياه لتزويد المدن والمراكز الساحلية وبعض المدن الداخلية بالماء الصالح للشرب.
وأبرز أنه تم إعداد مشاريع لتحلية المياه الموجهة للسقي، مسجلا أن المياه الاعتيادية التي يتم العمل على تنميتها بواسطة السدود الكبرى والمتوسطة والصغرى ومشاريع تجميع مياه الأمطار، ستمكن من سد الحاجيات المائية للمناطق الداخلية مما يساهم في الحد من الهجرة.
وبعدما أشار إلى التضامن بين الأحواض المائية من خلال مشاريع تحويل المياه من الأحواض التي بها فائض إلى الأحواض التي بها خصاص مائي، أكد الوزير أن المشاريع المائية المنجزة والمبرمجة ستعزز السيادة المائية بالمغرب، حيث من المنتظر أن يرتفع عدد السدود الكبيرة إلى 170 سدا كبيرا، والسدود الصغيرة والمتوسطة إلى أكثر من 250 سدا بحلول 2030.
من جهتها، أكدت وزيرة الأشغال العمومية بالشيلي، جيسيكا لوبيز صافيي، أن بلادها راكمت تجربة هامة في مجال تحلية مياه البحر، مشيرة، في هذا السياق، إلى خبرة تمتد لأزيد من 30 سنة في شمال البلاد، الذي يعتمد على تحلية مياه البحر لتزويد الساكنة بالمياه الصالحة للشرب.
وفي إطار البنيات التحتية، أضافت الوزيرة أن الشيلي يتوفر على عدد مهم من السدود، مؤكدة على الحاجة لبناء شبكة من السدود الصغيرة التي ستسمح بتوزيع المياه وتعزيز نجاعة استخدامها على امتداد التراب الوطني.
كما أكدت على أهمية تقوية شبكات محطات معالجة المياه العادمة، مبرزة أن ذلك يستلزم تحسينا في عملية التخطيط المائي، بالإضافة إلى سن سلسلة من القوانين التي من شأنها تأطير الموارد المائية.
وفي موضوع تغير المناخ والهجرة الدولية، استعرض أمين الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، عبد الله مقسط، الجهود التوثيقية التي تبذلها هذه الهيئة الأممية من خلال التقارير التي تحذر من تداعيات التغير المناخي على الهجرة.
وأضاف أن لتغير المناخ انعكاسات على الهجرة من خلال ظهور “اللاجئين البيئيين”، لافتا إلى أنه دائما ما يتم ربط الهجرة بالهشاشة والوضع الإنساني والنزاعات.

Top