درس الإقصاء

بلغ استياء الجمهور المغربي من هزيمة الفريق الوطني أمام الغابون وخروجه من منافسات كأس إفريقيا لكرة القدم، حد الصدمة، وصار الإقصاء موضوع الأحاديث الشعبية في كل المجالس، ما بات يفرض وقفة حقيقية لفهم ما حصل، ومن أجل إحداث التغيير الحقيقي في كامل منظومتنا الكروية الوطنية.
ليست المرة الأولى على كل حال التي نصدم فيها بمثل هذا المآل، خصوصا في العشر سنوات الأخيرة، ولكن اليوم لم يعد مقبولا مواصلة اللجوء إلى سياسة إخفاء الرأس، أو الانحناء للعاصفة، وإخراج ذات الحلول العقيمة والبليدة.
مساء الجمعة صدم المغاربة بالأداء الضعيف والمرتبك للاعبي المنتخب، خصوصا في الشوط الثاني من المباراة، وصدموا كذلك بالشلل الذي أصاب المدرب الذي اختار التفرج على السقوط المريع والمهين لمنتخب يحمل معه قلوب الملايين من المغاربة…
وبعد نهاية لقاء الجمعة تذكرنا كلنا أن المدرب، الذي لا نعرف لحد الآن حتى راتبه، ما فتئ يعدنا بنيل الكأس هذه السنة، ولم يتردد طيلة أسابيع في بيعنا الوهم.
اليوم نتطلع إلى ما ستقدم عليه جامعة كرة القدم لتصحيح الأوضاع، وأكثر من ذلك نتطلع إلى ما ستقدم عليه الوزارة الوصية ومن خلالها الحكومة، لأن الأمر يتعلق بفريق وطني يمثل شعبا بكامله وبلدا وعلما وأحلاما.
لا نريد صدقا تضييع بعض اللاعبين الشبان والواعدين أو تحطيمهم، ولا نريد لسقوط نخبتنا الوطنية في الغابون أن يكون سقوطا نهائيا، أو أن لا نستطيع بعده الوقوف أو رفع الرأس، ولكن في نفس الآن لا نقبل هذه المرة أيضا أن نعود إلى نفس الوصفات البليدة السابقة.
الفريق الوطني يجب أن يمثل أمهر لاعبينا الممارسين في الدوري المحلي وفي الاحتراف، ويجب أن يجسد قتالية الأداء داخل الملعب، ويتمثل أحلام الشعب المغربي وتطلعاته ولا يحطمها أو يستهين بها.
الفريق الوطني يجب أن يكون نتاجا منطقيا لبطولة قوية، ولمنظومة تسييرية ناجعة ومهنية وشفافة في كل مستويات الهرمية الكروية في بلادنا.
ولهذا اليوم، يجب الانكباب بشجاعة على واقع تدبير شأننا الكروي في كل تجلياته، وجعل الحكامة الجيدة والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة مفاهيم غير غريبة على المعجم المتداول على هذا الصعيد.
يجب أن ننصت إلى العارفين بالميدان من مدربين وأطر تقنية وقدماء الممارسين والمسيرين والإعلاميين المتخصصين، وننصت إلى خطاب الصراحة وليس إلى المتسلطين على الميدان والمنتفعين منه والمتحلقين حول موائده.
درس الغابون يجب أن يؤسس لصحوة حقيقية، ويجعل الأعين تفتح على واقعنا الكروي والرياضي، ويقوي الإرادة الجماعية من أجل التغيير.

[email protected]

Top