التطلع المغاربي

نجح الرئيس التونسي محمد منصف المرزوقي في جعل موضوع إعادة الحياة للعمل المغاربي المشترك العنوان الأبرز لجولته التي شملت المغرب وموريتانيا والجزائر، ويتطلع الشعبان المغربي والجزائري بالخصوص إلى انخراط النظام الجزائري في هذه الدينامية الرامية إلى إنجاح مساعي المرزوقي، والى أن تأتي الإشارة الايجابية الأولى على هذا الصعيد من داخل قصر المرادية بالذات.
لقد بدا في الأيام الأخيرة، انه بالرغم من التصريحات المتفائلة للرئيس التونسي، وبالرغم من الأجواء الايجابية التي كانت ميزت زيارة الوزير العثماني إلى البلد الجار، فان  بعض الأوساط الجزائرية المعروفة لم تتردد في الإطلالة عبر الصحف المحلية، والتلويح بموضوع التهريب الحدودي، وبما تعتقده استفادة للمغرب وحده من فتح الحدود بين البلدين، وهذه الأوساط يعرف الجزائريون قبل غيرهم أنها تعبر عن لوبيات مستفيدة من الجمود الحالي في العلاقات، ومن ثم فهي تصارع اليوم لحماية مصالحها الريعية.
اليوم، وفي خضم التحولات التاريخية التي تشهدها المنطقة والعالم، فان مصلحة الجزائر توجد في الانخراط في محددات وقيم هذا الزمن الجديد، ليس فقط من خلال التصالح مع الديمقراطية والانفتاح، وإنما أيضا من خلال تشجيع الاندماج الإقليمي، وتقوية التكتل الاقتصادي المغاربي، لأن في ذلك أجوبة لمعضلات البلد تنمويا واقتصاديا، وعلى مستوى تمتين الاستقرار الداخلي.
هنا مصلحة الجزائر، حيث لا مستقبل لأي بلد مغاربي منفردا، على حد تعبير الرئيس التونسي.
من جهة أخرى، ففي كل منطقة حدودية في العالم تتطور مشاكل ومصاعب اقتصادية وأمنية، ويتضرر منها الطرفان الجاران معا، ولذلك فان التغلب على مثل هذه المشاكل يوجد في انفتاح البلدين المعنيين على بعضهما، وتقوية التعاون بينهما، وبالتالي جعل الجغرافيا عامل تكامل، وليس عامل عداء وصراع.
وان المغرب الذي لم يتردد في مد يد التعاون لجاره في أكثر من مناسبة، هو الذي يعاني من تدفق المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين، وهو الذي تخترق أسواقه بين الفينة والأخرى مواد  فاسدة أو مضرة، لكن مع ذلك فهو يؤمن أن الحل يوجد في التعاون المغربي الجزائري، وفي الاندماج المغاربي من أجل السعي المشترك لمواجهة كل التحديات التنموية والأمنية والإستراتيجية المطروحة على المنطقة.
ولابد أيضا من التأكيد على أن فتح الحدود بين البلدين ليس هو الهدف الوحيد في نهاية الأمر، إنما الأساسي هو اعتماد رؤية موحدة وواضحة من أجل تكريس التواصل الإنساني والاجتماعي بين الشعبين الشقيقين، ثم العمل الجدي والمستعجل من أجل تطوير الاندماج الاقتصادي، والسير نحو إقلاع صناعي وتجاري إقليمي على غرار ما نجحت فيه بعض الأقطاب الاقتصادية الصاعدة في العالم اليوم.
هذا هو الهدف، والأمر يقتضي وضوح الرؤية لدى النظام الجزائري بالخصوص، والخروج من عقلية وحسابات الحرب الباردة، واحترام وحدة وسيادة الجيران..
الكرة الآن في قصر المرادية..
[email protected]

Top