الفيلم النيوزيلاندي «كل شيء أحببناه» دراما عن ألم الفقدان

يغوص الفيلم النيوزيلاندي “كل شيء أحببناه” للمخرج  مكاس كوري، الذي افتتح يوم السبت المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم  بمراكش في دورته 14، في مشاعر الألم والحزن ويصور مدى صعوبة تجاوز مرارة الفقدان. فيلم  ”كل شيء أحببناه”،  يروي قصة الساحر ”تشارلي” الذي يقرر أن يمنح زوجته ”أنجيلا ” طعما ومعنى للحياة والسعادة بتقديمه لها لأفضل عرض سحري قام به  على الإطلاق، وهو ظهور طفل صغير في حياتهما بعد أن فقدا ابنهما ”هوغو”.
ينقل لنا هذا العمل الفني بصدق الحالة النفسية لهذين الزوجين اللذين كانا  يقومان بجولات  لتقديم عروض سحرية،  قبل أن يسدل الستار على حياتهما المهنية  والشخصية مع الموت المفاجئ لابنهما
سيرفض تشارلي فكرة وفاة ابنه لأن صورة الأسرة السعيدة والمثالية ستظل عالقة  بذهنه، الشيء الذي سيدفعه للتفكير في استرجاع هذه الأسرة التي يحبها بأي ثمن.
تبدأ أولى مشاهد الفيلم مع تشارلي في منزله، ورغم أنه كان في فترة حداد غير  أنه مع ذلك لم يكن بمفرده فقد كان يلهو مع طفل صغير اسمه ”طومي”.
يفهم المشاهد من خلال مشهد لتقرير تلفزيوني يتحدث عن طفل في عداد المفقودين أن  ”تشارلي” قام باختطاف هذا الطفل ليعوضه عن ابنه الذي فقده.
في البداية ترفض زوجته أنجيلا التي كانت منهارة بسبب فقدانها لابنهما، فكرة  وجود ابن بديل لهوغو، لأن هذا التعويض لن يمحو بالنسبة لها ألم الفقد الكامن في  قلبها. لكنها ستغير رأيها شيئا فشيئا عندما يقنعها تشارلي بأن أسرة الطفل تعامل  هذا الأخير بقسوة وأنه يستحق من يحبه ويهتم به.
تتوالى الأحداث ليكتشف الزوجان المتورطان في قضية اختطاف “طومي” بأنهما مخطئان،  ويستسلمان لواقعهما بالاعتراف بذنبهما للشرطة.
منذ المشاهد الأولى للفيلم يضع المخرج ماكس كوري المشاهد أمام ثنائية الموت  والحياة، ويصور بحرفية عالية شعور الألم الذي أصاب الزوجين ”تشارلي” و”أنجيلا”  جراء الموت المفاجئ لإبنهما في حادثة سير وشعورهما العميق بالحزن، ومحاولتهما  تجاوزه.
وتلتقط كاميرا المخرج بوضوح تفاصيل معاناة الزوجين ومشاعرهما التي يغلفها  الإحباط واليأس خلال رحلة بحثهما عن سعادة مفقودة وعن أمل ومعنى لحياتهما.
كما نجح المخرج في جعل المشاهدين يتعاطفون مع لحظات حزن ”تشارلي” و”أنجيلا”  ولحظات انهزام حلمهم وآمالهم في تعويض ابنهما على أرض الواقع.
يخيم على هذا الفيلم إيقاع بطيء وهادئ. أما التفاصيل الصغيرة التي تتضمنها  القصة، فقد ترجمها المخرج إلى مشاهد ولقطات مصورة باحتراف، ضمن إطارات متنوعة  وجميلة.
كما حاول المخرج ألا يبقي المشاهد لهذا العمل الفني، مجرد متفرج  سلبي أمام  الأحداث، بل يمسك به ويأخذه عنوة إلى داخل القصة من خلال الزوايا والمشاهد  واللقطات والموسيقى التصويرية التي صاحبت التطور الدرامي للأحداث.
مضمون فيلم ” كل شيء أحببناه” يستمد ثراءه من بساطته. وقد قام بتشخيص الأدوار  في هذا الفيلم كل من بريت ستيوارت (تشارلي) وسيا تروكينهايم (أنجيلا) وبين  كلاركسون (طومي).
يشار إلى أن المخرج ماكس كوري أصبح بعد تخرجه من جامعة فيكتوريا بمدينة  ويليكتون وحصوله على شهادة في شعبة العلوم السياسية، المقدم النجم للتلفزيون  النيوزيلاندي، بعد أن أخرج فيلما قصيرا نال العديد من الجوائز.
وقد بدأ منذ سنة 2008، في كتابة مسلسلات تلفزيونية، فشارك في كتابة السلسلة  الدرامية ذات الإقبال الجماهيري الكبير على التلفزيون النيوزيلاندي ”شارع  شورتلاند”، كما ساهم مؤخرا في كتابة الكوميديا الدرامية ”ديف”.

Top