الحاج محمد بنبلا

قبل بضع أيام، نعى حزب التقدم والاشتراكية وفاة واحد من قيادييه ورموزه التاريخية، الرفيق الحاج محمد بنبلا، الذي وافته المنية بالدار البيضاء، وخلف رحيله كثير حزن وأسى وسط رفاقه ومعارفه.
السيرة النضالية للحاج بنبلا، في الحزب والنقابة، تجسد مسار مغربي بسيط ينحدر من وسط الطبقة العاملة والفئات الكادحة من شعبنا، لم تمنعه مصاعب الحياة اليومية من مراكمة التجارب النضالية والمعارف والخبرات حتى بات أحد الزعماء الحقيقيين بالدار البيضاء، التي حل بها قادما من سوس.
شعلة ذكاء وحماس كان الفقيد، بحسب ما يرويه مجايلوه، وعاش مقبلا على الحياة بتفاؤل وعزيمة المناضلين، وبقي بسيطا وسط البسطاء وفقيرا ضمن الفقراء ولم تشغله الأطماع الذاتية أو بقية الأضواء، وعاش مخلصا لوطنه ولحزبه وللطبقة العاملة، وابتعد باستمرار عن كل الضجيج الذي يتربص بالسياسة ويملأها مزايدة ولغوا وفرقة وكثير تفاهة.
الرفيق الحاج محمد بنبلا كان هو العامل البسيط في أحد مصانع النسيج الذي نجح أن يكون قائدا حزبيا، حيث كان عضوا في المكتب السياسي للحزب إلى جانب القادة التاريخيين، ثم اختير لاحقا عضوا بمجلس الرئاسة، ورغم ذلك بقي دائما يبتعد عن مقدمة الصفوف، وأصر على الثبات في مكانه، أي ذلك المغربي البسيط الذي كانه.
هي السيرة الحزبية التي تعتبر درسا لكل المناضلات والمناضلين، أي بهاء التواضع لدى الكبار.
من المؤكد أن أجيال عديدة من مناضلات ومناضلي السنوات الأخيرة لم يتشرفوا بالتعرف على الراحل أو العمل بمعيته، ولكن اسمه بقي باستمرار ضمن أدبيات الحزب، وسيرته حاضرة في مختلف مجريات الحياة الحزبية على صعيد الدار البيضاء أساسا، ذلك أنه عاش عالي القامة وشجاع الموقف وواضح النظر وطيب العلاقة والمعشر ويحمل قضية وطنه وشعبه باستمرار.
سيرة الرفيق بنبلا لا تعلمنا فقط درس العامل البسيط الذي بوأه رفاقه موقع القيادة في حزبهم، ولكن أيضا تعلمنا وتفتح أعيننا كلنا على  أدوار مناضلي الميدان، والفاعلين السياسيين اليوميين وعلى مدار الساعة وسط العمال والفقراء، أي بلا كثير تنظير أو كلام، وأمثال هؤلاء يوجدون بمختلف مناطق وجهات البلاد ولا يعرفهم الكثيرون، وهم يستحقون الاحتفاء وأن ننصت إليهم ونتعلم منهم كثير أشياء.
وحتى عندما حلت ساعة الرحيل الأبدي، جاءت هادئة وبلا…”ضجيج”.
الكثيرون فوجئوا بخبر وفاة الحاج محمد بنبلا، وتنادى الرفاق على عجل لحضور الجنازة وللوداع الأخير، وحول جثمانه استحضر العديدون كثير ذكريات ومواقف ومحطات وخصال، وحزنت القلوب واغرورقت المقل وعانق الجميع ذكرياتهم مع الراحل طيلة سنوات بحلوها ومرها…
عليك الرحمة رفيقنا العزيز ولك طيب الذكر.

[email protected]

*

*

Top