أرخى القرار الأمريكي القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بظلاله على فعاليات إحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، أول أمس الأربعاء، بالمكتبة الوطنية بالرباط. وعلا الحزن والغضب محيا الحاضرين الذين أبدوا تنديدا شديدا بالخطوة الأمريكية التي ستعصف بما تبقى من أمل في مواصلة عملية السلام وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه، حيث وصف السفير الفلسطيني بالمغرب، جمال الشوبكي، القرار الصادر عن دولة راعية للسلام، بالكارثة والنكبة التي تتعمق وتزداد هوتها بضرب قرارات الشرعية الدولية التي تضمن حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس.
واعتبر السفير الفلسطيني بالمغرب، خلال هذه الفعاليات التي نظمتها سفارة فلسطين بالتعاون مع مركز الأمم المتحدة للإعلام بالعاصمة الرباط، وشاركت فيه الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، بحضور ممثلي الأحزاب السياسية حيث مثل كل من خالد الناصري وعبد اللطيف معتضد حزب التقدم والاشتراكية، فضلا عن حضور عدد من ممثلي السلك الدبلوماسي بالمغرب وفعاليات حقوقية والمجتمع المدني، (اعتبر) “أن القرار الأمريكي يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل للتمادي في عدوانها على حقوق الشعب الفلسطيني، بالمزيد من الاستيطان والحصار وتهويد كل الأماكن المقدسة على رأسها القدس الشريف، محذرا من حدوث مجزرة أخرى وانتهاكات أخطر في حق الفلسطينيين، خاصة وأن نتانياهو(رئيس الوزراء الإسرائيلي) عبر عن استعداد قواته لقمع الرافضين للقرار في الجانب الفلسطيني”.
وشدد السفير في ذات الوقت، على أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بالتنازل عن القدس، وأنه عازم على مواصلة النضال ضد العدوان والاحتلال، موجها في هذا الإطار نداء إلى كل أحرار العالم للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، حتى تتحرر فلسطين وينال الفلسطينيون حقوقهم وتعود القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.
هذا ونوه الدبلوماسي الفلسطيني، في ذات الوقت، برسائل التنديد التي وجهها القادة العرب ومنظماتهم الإقليمية ممثلة في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكذا لجنة القدس، إلى الإدارة الأمريكية بشأن اتخاذها قرار الإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل، حيث اعتبروا الخطوة بمثابة اعتداء صارخ على الأمة العربية من المحيط إلى الخليج.
وثمن جمال الشوبكي، بالرسالة الشديدة الوضوح التي بعثها جلالة الملك بوصفه رئيسا للجنة القدس إلى الرئيس الأمريكي، والتي اعتبر فيها جلالته أن القرار يأتي من راع أساسي لعملية السلام، سيؤثر سلبا على آفاق إيجاد تسوية عادلة وشاملة للنزاع، بل على العكس سيؤجج ويستفز مشاعر الناس ويغذي التطرف والإرهاب في منطقة الشرق الأوسط التي تتوالى فيها الأزمات العميقة”، حيث لفت جلالته أن القرار سيؤدي إلى تحويل النزاع من صراع سياسي إلى سراع ديني”.
هذا ونوه السفير بكل الخطوات التي أقدم عليها المغرب على هذا المستوى باستدعائه في نفس اليوم (الأربعاء)، للقائمة بأعمال السفارة الأمريكية بالرباط، لاجتماع بوزارة الخارجية المغربية حضره سفراء كل من روسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة المعتمدين في الرباط، باعتبارهم أعضاء دائمين بمجلس الأمن، وكذا السفير الفلسطيني تم خلاله تسليم رسميا للدبلوماسية الأمريكية الرسالة الملكية الخطية بشأن القرار الأمريكي المتعلق بالقدس”.
وقال، جمال الشوبكي، “إن المغرب ملكا وشعبا أكدا على الدوام مواقف مبدئية وثابتة اتجاه القضية الفلسطينية والدفاع والتضامن معها، حيث خرج الشعب المغربي للشارع كلما تطلب الأمر ذلك، ونظم أضخم المظاهرات، بعضها مليونية دعما للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، مجددا التأكيد على التعبئة من أجل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة عاصمتها القدس.
وخلال فعاليات هذا اليوم، تلا فتحي الدبابي المسؤول عن مركز الإعلام للأمم المتحدة بالرباط الرسالة الصادرة بتاريخ 29 نونبر الماضي، أي اليوم الذي أقرته الأمم المتحدة تاريخا للتضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني، والتي أكد فيها أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، على ضرورة العودة لمفاوضات جدية لإحلال السلام، مجددا الإعلان عن استعداده للعمل مع جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المجموعة الرباعية المعنية بالشرق الأوسط وبلدان المنطقة، من أجل دعم عملية سياسية جادة مستندة إلى جميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وإلى القانون الدولي والاتفاقات المبرمة.
وأعرب الأمين العام، عن قناعته في أن ذلك من شأنه تحقيق حل الدولتين وإنهاء نصف قرن من الاحتلال والتوصل إلى حل لجميع المسائل المتعلقة بالوضع النهائي، قائلا “لقد حان الوقت لإنهاء النزاع من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب في سلام وأمن مع دولة إسرائيل”.
وأضاف في ذات الإطار، “بأن حل الدولتين المعترف به في ذلك القرار هو المنطلق الوحيد الذي يمكن أن يفضي إلى إحلال سلام عادل ودائم وشامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين”، مشيرا “أنه إذا تمت تسوية هذا النزاع، فإن هذا سيولّد أيضا زخما لتحقيق قدر أكبر من الاستقرار في مختلف أنحاء المنطقة”.
وأعلن بنجلون أندلسي رئيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، عن انطلاق التحضيرات لتنظيم مسيرة وطنية يوم الأحد القادم بالرباط، للتنديد والتصدي بالقرار الأمريكي الذي يعد دعما آخر للاحتلال الإسرائيلي، منتقدا إقدام الرئيس الأمريكي الذي بات يعتبر العالم مملكته الخاصة يتصرف فيها وفق هواه، دون اعتبار للشرعية الدولية ولأسس السلام العالمي ولحقوق الشعب الفلسطيني الذي ظلم على مدى أكثر من قرن منذ صدور عهد بلفور المشؤوم.
واعتبر بنجلون القرار الأمريكي بمثابة وعد بلفور جديد، يشجع إسرائيل على التمادي في عدوانها وتعنتها ورفضها للقرارات والشرعية الدولية وتقويض لمسار السلام لفض النزاع والذي كان قد جعل قضية القدس ضمن الترتيبات النهائية للمفاوضات بين الجانبين، مهيبا بكل مكونات الطيف السياسي، والحقوقي المغربي بل وكل المواطنين للمزيد من التعبئة دعما للشعب الفلسطيني الذي يجتاز محنا متوالية، بل ومعها حاليا كل شعوب المنطقة التي تحظى قضية القدس لديها بمكانة اعتبارية بالغة الأهمية.
وقال عبد الحفيظ ولعلو نائب رئيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني في تصريح لجريدة بيان اليوم، “إن مشاركة الجمعية في هذا الاحتفاء هو تجديد لدعم متواصل للقضية الفلسطينية لن يفتر إلى أن ينعتق ويتحرر الشعب الفلسطيني من قيود الاحتلال ويحصل على حقوقه، بإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة عاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين”.
وندد عبد الحفيظ ولعلو بالقرار الأمريكي القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مستغربا أن يصدر قرار عن راع أساسي لعملية السلام، بما سيؤدي إلى المزيد من تأزيم الأوضاع، عوض إيجاد حل للنزاع الذي عمر طويلا وجعل المنطقة برمتها تعيش على فوهة بركان.
وأشار نائب رئيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، أن المغرب بكل قواه الوطنية وبمختلف شرائحه كان على الدوام مساندا قويا للقضية الفلسطينية، والتي أصبحت اليوم بالنسبة للمغاربة ثاني أولوية بعد القضية الوطنية، ولن يفتر هذا الدعم إلى أن يحصل الفلسطينيون على حقوقهم بإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس، وعودة كافة اللاجئين، مشددا في ذات الوقت على أهمية وحدة الصف الفلسطيني لمواجهة مناورات وقيود الاحتلال.