أطل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أول أمس الثلاثاء، بخطاب يقدم فيه ما يعرف إعلاميا بـ “صفقة القرن” والتي تعطي تزكية لقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي وشبه دولة لفلسطين صاحبة الأرض والحق.
إطلالة الرئيس الأمريكي أثارت الرأي العام العالمي، حيث عبر ملايين الأشخاص عبر العالم من ضمنهم مسؤولون وحقوقيون وإعلاميون ومثقفون عن إدانتهم لهذه العملية التي تزكي الاحتلال على أصحاب الأرض، بحيث تخصص المساحة الأكبر للاحتلال مقابل شبه أرض متفرقة تربط بينها مجموعة من الأنفاق للفلسطينيين.
ووصف ملايين الأشخاص، من بينهم مسؤولون في الإدارة الأمريكية “صفقة القرن” بـ “مؤامرة القرن” في إشارة منهم إلى ما تقوم به الإدارة الأمريكية الحالية بتحالف مع بعض الدول الأجنبية والعربية أيضا لتنزيل الخطة الجديدة التي يعتبرها ترامب ودولة الاحتلال حلا نهائيا للقضية الفلسطينية.
ترامب وفي كلمته خلال المؤتمر المشترك مع رئيس وزراء الاحتلال في واشنطن أكد أن صياغة سلام بين دولة فلسطين ودولة الاحتلال مهمة صعبة ومعقدة، وأن خطته للسلام مختلفة تماما عن الخطط السابقة “ورؤيتي توفر فرصة للطرفين ضمن حل الدولتين، وسنعمل على تحقيق اتصال جغرافي بين أراضي الدولة الفلسطينية”، وفق تعبيره.
هذا التصور لخصه ترامب في وضع معايير للدولة الفلسطينية، وهي الاعتراف بدولة الاحتلال، وتجريد الفلسطينيين من السلاح بما في ذلك فصائل المقاومة، وأن تكون القدس عاصمة غير مقسمة للكيان الإسرائيلي، حيث قال ترامب في هذا السياق “إن هذه الشروط تمثل رؤيتي وتقدم فرصة رابحة للجانبين، حل واقعي بدولتين يعالج المخاطر التي تشكلها الدولة الفلسطينية على أمن إسرائيل”.
بعض الدول العربية التي شاركت في المؤتمر، بدورها اعتبرت خطة السلام حلا واقعيا للقضية الفلسطينية، وذلك وسط رفض تام للشارع العربي، حيث عبرت أغلب الدول العربية وفي مقدمتها السلطة الفلسطينية عن رفضها لمضامين الخطة، معتبرين في تصريحات رسمية أنها لا تمثل أي حل للشعب الفلسطيني لاسيما من خلال اعتبار القدس عاصمة للاحتلال، مجددين رفضهم لهذا الاقتراح الأمريكي الذي يعمق الأزمة ولا يمثل حلا عادلا للقضية.
من جانبه، انتفض الشارع العربي والمغاربي ضد مضامين خطة السلام المزعومة، حيث نشر آلاف الأشخاص على منصات تويتر وفيسبوك تدوينات حول الموضوع، فيما دعا آخرون إلى تنظيم مظاهرات تندد بمقترحات ترامب، التي اعتبروها غير عادلة ولا تمثل جزء من المائة لحل القضية.
واعتبر ملايين الأشخاص من مختلف ربوع العالم أن هذه الخطة من شأنها أن تؤدي إلى كثير من التصعيد بالمنطقة، خصوصا وأنها جاءت بمقتضيات تمس حقوق الشعب الفلسطيني وتاريخه وأرضه وكرامته.
إلى ذلك، شهدت كل من الضفة الغربية وقطاع غزة مظاهرة واسعة للفلسطينيين ضد الخطة التي تروم تكريس الاحتلال عليهم وسلبهم المزيد من الأراضي تحت مسمى الاستيطان، معلنين تشبثهم بالمقاومة دفاعا عن الأرض والكرامة.
من جانب آخر، تناول المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية في اجتماعه المنعقد أول أمس الثلاثاء التطورات التي تشهدها القضية الفلسطينية، من خلال إعلان الرئيس الأمريكي، بحضور رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، عن الخطة / المؤامرة المعروفة بـ “صفقة القرن”.
وأعرب المكتب السياسي للحزب عن رفضه القاطع واستنكاره الشديد للمضامين والتوجهات الواردة في الصفقة المشؤومة، والتي تشكل “تعبيرا عن الانحياز الفاضح لكيان الاحتلال الصهيوني، وتجسيدا للرؤية الاستعلائية التي تحملها الإمبريالية والصهيونية عن السلام، في تجاوز صارخ ومهين لمبادئ ومقتضيات القانون الدولي، ونزوع استقوائي لفرض الأمر الواقع غير العادل”، يقول البلاغ الذي ننشر نصه الكامل في الصفحة الثانية من هذا العدد.
محمد توفيق أمزيان
إسماعيل الأداريسي