استأنف التجار المغاربة أنشطتهم التجارية بعد إعطاء الحكومة الضوء الأخضر لبعض القطاعات الصناعية والتجارية، حيث عادت الحركة إلى مجراها الطبيعي بشكل نسبي، بعدما توقفت لمدة زمنية تعدت الشهرين والنصف.
ويأتي هذا الرجوع بشكل تدريجي، عقب تحكم المغرب في مسار فيروس كورونا كوفيد-19، الذي دفع بالحكومة المغربية إلى فرض إجراءات الحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية، للحد من انتشاره في صفوف المغاربة.
ولم يشمل الحجر الصحي الذي اعتمده المغرب القطاع الفلاحي والغذائي، حيث استمرا في عملهما بدون أن تصدر السلطات أي قرار بتوقيفهما، من أجل تأمين الغذاء لفائدة المواطنين، بيد أن قطاعات صناعية أخرى توقفت عن الإنتاج، نتيجة توقف العجلة الاقتصادية في الأسواق.
ومن بين هذه القطاعات التي اضطرت إلى التوقف، نذكر قطاع النسيج والألبسة، والصناعة التقليدية، وقطاع البناء.. وذلك بفعل غياب المستهلك في الشارع العام، خصوصا وأن التجارة في المغرب، جزء كبير منها غير مهيكل، تعتمد على الأسواق الأسبوعية، و”القيساريات” بالمدن، و”الفراشة”..
وهو ما أكده عبد الرزاق مخلوف، العامل بقطاع النسيج والألبسة بالحي الصناعي عين السبع بمدينة الدار البيضاء، مشيرا إلى أن الشركة التي يشتغل بها، عادت إلى صناعة الألبسة، بعدما توقفت للأسباب المذكورة أعلاه.
وقال مخلوف إنه لا يمكن صناعة الألبسة بدون تسويقها، مشيرا إلى أن جميع محلات الألبسة توقفت، والأسواق، وهو ما يجعل من مهمة العمل صعبة، ستؤدي في آخر المطاف إلى التضخم في الإنتاج، ومن ثم تكبيد الشركة خسائر مادية فادحة.
وأكد العامل في قطاع النسيج والألبسة، أن عودة الإنتاج القوية في السوق، رهين باشتغال التجار الكبار، وعودة النشاط التجاري إلى الأسواق المغربية، التي أعلنت الحكومة عن إعادة فتحها أول أمس الثلاثاء.
من جهته، قال عبد الواحد لطفي الصانع التقليدي بمدينة فاس، إنه بالرغم من إطلاق الأسواق، سيصعب العودة إلى الإنتاج كما كان الأمر في السابق، موضحا أنه لا توجد حاليا مؤشرات حول طبيعة الاستهلاك بعد الصدمة الاقتصادية لكورونا.
وذكر لطفي أن الصناعة التقليدية لاسيما صناعة الأحذية والملابس، يجب حمايتهما من الحكومة، بالحد من الاستيراد الذي يغرق السوق المحلية بالسلع الأجنبية، حيث يتضرر معها الصانع والمستهلك المغربي على حد سواء.
وبالرغم من كل المشكال العالقة حاليا لدى الصانع التقليدي بمدينة فاس، بخصوص القروض، وفواتير الكراء والماء والكهرباء، غير أنه يمني النفس في تجاوز هذه الأزمة استنادا إلى عودة الحياة التجارية والصناعية إلى مسارها الطبيعي.
ووقفت بيان اليوم على عودة النشاط التجاري في الخارج، لكن مع تغيير هذه المرة في وسائل السلامة الصحية، حيث لا يكاد أي محل تجاري يخلو من وسائل التعقيم، وارتداء الكمامة، والمطهرات، وعيا بخطورة فيروس كورونا كوفيد-19، وهو ما رصدته عدسة الجريدة بسوق درب عمر، وكراج علال، ودرب غلف، والقريعة على مستوى مدينة الدار البيضاء.
وتندرج هذه العودة في سياق اقتصادي منكمش نتيجة أزمة كورونا التي سترخي بظلالها على الاقتصاد الوطني والدولي ككل، وهو ما دفع مختلف القطاعات العمومية والخاصة إلى استنفار أطرها من أجل تقديم تصورات لمعالجة أسوء صدمة اقتصادية عرفها العالم في العشرية الأخيرة.
إلى جانب ذلك، تنكب الحكومة المغربية على إعادة مراجعة قانون مالية سنة 2020 الجارية، لاسيما في الشق المتعلق بالضريبة، الذي يعتبر موردا أساسا لخزينة الدولة، الأمر الذي يتطلب معه مجهودا حكوميا كبيرا لإرجاع النشاط الاقتصادي إلى سكته الصحيحة.
< يوسف الخيدر < تصوير: أحمد عقيل مكاو