«كناوة لالة ميمونة» هو كتاب صدر حديثا لدى دار النشر «هارتمان» بباريس، من تأليف مبارك الحوزي رئيس فرقة «كناوة تودغى»، وإيروان دولون، المختص الفرنسي في علم الاجتماع الأنثروبولوجي.
وفي حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، يتطرق مبارك الحوزي، الذي شارك في لقاءات تشاورية حول مشروع ترشيح «فنون كناوة» على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي لليونسكو، للأسباب التي دفعته إلى المشاركة في تأليف هذا الكتاب، ويحدثنا عن أهمية الحفاظ على هذا الموروث للأجيال القادمة، ويدافع بقوة عن قيم «تاكناويت» التي لا تزال ضرورية في عصرنا الحالي.
< أولا، لماذا كتاب عن كناوة؟ وما الذي يقدمه كجديد ؟
> لدي إجازة في اللغة الفرنسية وآدابها منذ سنة 1994، وقدمت رسالتي حول موضوع “مهرجان عروض كناوة والألعاب المسرحية في منطقة الرشيدية”. كما أنني أنجزت بحوثا في ثقافة كناوة لأنني كناوي. لهذا، كانت لدي قاعدة عمل متينة، ثم قابلت عالم الاجتماع-الأنثروبولوجي إيروان دولون، وخلال النقاش الذي دار بيننا، سجلنا وجود خصاص في الدراسات حول “كناوة للا ميمونة”.
وفي الواقع، أجريت الغالبية العظمى من الدراسات حول كناوة سيدنا بلال. أعتقد أنه من الأصيل بالفعل تأليف كتاب عن كناوة للا ميمونة التي تظل أقل شهرة لدى وسائل الإعلام من كناوة سيدنا بلال. لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد: في هذه الدراسة، يتحدث كناوة للا ميمونة أنفسهم، وذلك ربما لأول مرة.
لقد اخترنا استخدام مصطلح “رفيقة” لوصف كناوة للا ميمونة وإبراز الرابط الأساسي بإيمانهم: فهؤلاء الكناوة يكرمون امرأة: للا ميمونة، الرفيقة التي يشاركونها جميع أنشطتهم، الرفيقة المخلصة والوثيقة لكناوة.
< هل يساهم هذا الصنف من الأعمال في الحفاظ على هذا الموروث، الذي أضحى الآن جزءا من التراث الثقافي للإنسانية لليونسكو؟
> قبل الإجابة على سؤالكم، أود أن أخبرك أنني شاركت في ثلاث ورشات تكوينية حول التراث الثقافي اللامادي لليونسكو في 2011 و2014 و2015. كما شاركت في لقاء تشاوري حول مشروع ترشيح “فنون كناوة” على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي لليونسكو في 10 يونيو 2014 بالصويرة.
عودة إلى سؤالك؛ بالتأكيد، هذه فرصة للمساهمة في الحفاظ على الرقصات والموسيقى الخاصة بجنوب-شرق المغرب، لاسيما كناوة. وذلك، من خلال وصف هذه الأشكال الفنية وإبرازها بعناية، حيث سيشكل هذا الكتاب فرصة لإبراز وتأكيد التنوع الثقافي في المغرب ونقش هذا الموروث “على الرخام” ونقله كتراث ثقافي لامادي.
< لقد اشتهر فن وموسيقى كناوة بفضل إحداث مهرجان كناوة بالصويرة قبل نحو عشرين عاما، وهي المدينة التي تعتبر أيضا معقل هذه الموسيقى. لكن مناطق أخرى من المغرب، لاسيما تلك الواقعة في الجنوب-الشرقي، بإمكانها أيضا تأكيد انتمائها لهذا الفن الألفي. ومع ذلك، فهذه المناطق لا تظهر في الصورة ؟ ماذا تقترحون لتغيير هذا المعطى ؟ وهل ينصفها هذا الكتاب شيئا ما؟
> لقد قمتم بطرح نقطة مهمة للغاية. من الضروري تسليط الضوء على كناوة للا ميمونة التي، كما ذكرنا سابقا، حجبتها إعلاميا لزمن طويل كناوة سيدنا بلال. كما ينبغي توعية المسؤولين المحليين بالفرصة الرائعة لوجود مجموعات كناوة في مناطقهم، بما يلزمهم بالعمل من أجل صون هذا التراث وتثمين هذه الثقافة، عبر إدراجها ضمن الفعاليات الثقافية المحلية ومساعدتها على تنظيم مهرجانات كناوة في الجنوب- الشرقي.
< كثيرا ما نسمع عن “قيم تاكناويت”، على ماذا تقوم في الواقع؟، وهل لا تزال قائمة في عصرنا هذا ؟
> قيم تكناويت كثيرة. لكن يمكننا استحضار ثلاثة قيم أساسية منها: احترام الذات والآخرين، الاحترام بين الجنسين والأجيال، والميرو: المساعدة والاتحاد في الدوار.
بالنسبة لكناوة الذين ورثوا هذه القيم ويقومون بنقلها، فهم يحترمونها ويجعلون منها قيما مشرفة. لكننا نشهد على عملية تسليع ظاهرة كناوة. ومن ثم، فإن البعض ينتهزون الفرصة للقيام بأعمال تجارية من خلال تكناويت، وبالتالي يفقدون الصلة والالتزام الضروريين بـ “كناوة حقيقية”. هذا أيضا ما أردنا شرحه في هذا الكتاب، من خلال إظهار ما يعنيه أن تكون كناويا في القرن الواحد والعشرين، وما يعنيه ذلك من حيث المنظور الروحي، بعيدا عن ما هو فولكلوري وتجاري.