خلص الباحثون والخبراء في الأمم المتحدة في تقرير نشر بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للحد من الكوارث الطبيعية إلى حقيقة مفزعة تتمحور حول أن مشكلة التغيرات المناخية، والتي يعتبر الإنسان المتهم رقم واحد في حدوثها، السبب الأساسي في تضاعف ظواهر الفيضانات والأمطار وانجراف التربة وذوبان الجليد خلال العقدين الأخيرين.
ورغم أن المنظمات الدولية حذرت طيلة تلك السنوات من آثار التغيرات المناخية على حياة البشر على الأرض لكن لم تتخذ الحكومات خطوات ملموسة للتصدي لها لاسيما وأن الأمر برمته متعلق بفرضية أن تكون الرأسمالية، التي يُجمع معظم المحللين على أنها المتسبب الأول في تلك المشاكل، وهي البوابة لحلّ كفيل بإنهاء الخطر المحدق.
وللعقد المقبل تعتبر الأمم المتحدة أن أسوأ مشكلة ستكون موجات الحرارة العالية التي قد تزيد من انتشار الحرائق ما يعني انخفاض المساحات المزروعة، إلى جانب ارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات بفعل ذوبان جليد المحيط المتجمد الشمالي، الأمر الذي سيجعل الأرض في خطر مستدام بدل أن تكون في استقرار مستدام.
ولم يحدث إعلان الأمم المتحدة الاثنين أن التغيّر المناخي ضاعف بدرجة كبيرة الكوارث الطبيعية منذ العام 2000، والتي أودت بدورها بحياة 1.2 مليون شخص منذ ذلك الحين بسبب حدوث 7348 كارثة طبيعية على مستوى العالم، أي هزة بين الحكومات فيها منقسمة على نفسها ولا يمكن حل الأزمة إلا بشكل جماعي.
وقالت مامي ميزوتوري الأمينة العامة لمكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث في مؤتمر صحافي إن “كوفيد – 19 ساهم في توعية الحكومات والجمهور عموما حول المخاطر التي تحدق بنا… يمكنهم أن يروا إنه إذا كانت الجائحة فظيعة جدا فيمكن للتقلبات المناخية أن تكون أسوأ”. وأرجعت السبب إلى عدم وجود “خطة مراعية للبيئة”.
ولكن التقرير الحديث للأمم المتحدة، الذي لا يتطرق إلى مخاطر انتشار الأوبئة كفايروس كورونا يظهر أن تفاقم الكوارث الطبيعية مرتبط خصوصا بزيادة الكوارث المناخية التي ارتفعت خلال عشرين عاما من 3656 إلى 6681. وقالت ميزوتوري “نحن البشر ندمر عمدا. هي الخلاصة الوحيدة التي يمكننا التوصل إليها عندما ننظر إلى الكوارث التي حصلت خلال السنوات العشرين الماضية”.
ونشب خلاف بين الولايات المتحدة والصين وروسيا خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن وباء فايروس كورونا، بعد أن حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المجلس من أنه يخشى الأسوأ إذا تعاملت الدول مع أزمة المناخ بنفس حالة “التفكك والفوضى”، التي تعاملت بها مع أزمة الوباء.
وتتهم الصين الولايات المتحدة بأنها “عائق خطير” أمام مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري غداة تصادم عن بعد بين رئيسي البلدين في الجمعية العامة للأمم المتحدة وسط أجواء “حرب باردة جديدة”.
وحرص الرئيس الصيني شي جين بينغ على تحديد هدف لحياد الكربون لأول مرة لبلاده، المصدر الأول في العالم لانبعاثات غازات الدفيئة. وحمل الرئيس الأميركي دونالد ترامب المعروف بتشكيكه في حقيقة التغير المناخي، على “الذين يهاجمون حصيلة الولايات المتحدة البيئية الاستثنائية ويغضون الطرف عن تلوث الصين المزمن”.
ويؤكّد مُراقبون أنّ الرأسمالية التي تسببت في العديد من المشاكل المناخية جراء تغولها وبحثها الدائم عن الربح دون حساب العواقب لا يمكن لها أن تقدّم حلولا لما أفسدته على مدى العشرات من السنين.
وتقدر تكاليف الكوارث الطبيعية بما لا يقل عن 3 مليارات دولار منذ العام 2000 لكن الرقم الحقيقي أعلى بكثير لأن العديد من الدول خصوصا في أفريقيا وآسيا حيث لا تقدم معلومات عن الآثار الاقتصادية. والأمطار التي اشتدت غزارتها والعواصف كانت الكوارث الأكثر انتشارا في العقدين الماضيين.
ويعد تغير المناخ والتنمية المستدامة في سياق الوباء من بين القضايا الرئيسية التي تطرق إليها قادة العالم. وردد كثير من الرؤساء من بينهم الرئيس الفنلندي سولي نينيستو أمام الجمعية العامة الكلام نفسه عندما قال إنه “يجب ألا نغفل التهديد الوجودي المستمر للبشرية وهو تغير المناخ”.
ويرى علماء المناخ وخبراء الاقتصاد أن هناك حاجة ملحة إلى اتخاذ إجراءات جريئة وسريعة بشأن المناخ تتزايد يوما بعد يوم ويجب أن تسود التزامات الحكومات إزاء اتفاق باريس المناخ، كما أن عليها مضاعفة جهودها من أجل تنفيذه والعمل على ابتكار حلول جماعية لتحقيق البصمة الكربونية وبالتالي تخفيف مشاكل المناخ.
وتظهر بين الفينة والأخرى دعوات إلى الاتحاد حول إجراءات الأمم المتحدة الستة الإيجابية للمناخ كون الاحتباس الحراري يمثل أزمة وجودية أخرى للحضارة البشرية، وأنه لمواجهة هذه الأزمات العالمية، فإن الجميع يحتاج إلى استعادة جو الثقة بين الدول الأعضاء وتعزيز المؤسسات متعددة الأطراف لمواجهة هذا التحدي الأكبر من الحروب.
الكوارث الطبيعية وباء الرأسمالية الخارج عن السيطرة
الوسوم