ما من شك في أن كرة القدم الوطنية تتحول عبر محطات ضمن مشاريع دخلتها في العقد الأخير، مما مكنها من التميز قاريا بإنجازات في مجالات الهيكلة والتنظيم وكذا التشريع، حيث عملت الجامعة على تتبيث نظام الاحتراف مرفوقا بإحداث الشركات الرياضية، كما تم الاجتهاد في تنمية وإصلاح وتطوير البنيات التحتية.
وسجلت الكرة المغربية الحضور في مؤسستي “كاف” و”فيفا” مما يحصن حقوقها، وفي ذات الفترة تحول المغرب قبلة لكرة القدم الإفريقية، يحتضن التظاهرات والتجمعات، وكذا المباريات الرسمية لمنتخبات تعذر عليها التوفر على ملاعب صالحة في بلدانها.
ونجح المغرب في تنظيم أحداث كبيرة قاريا من بينها “الشان” و”الكان النسائي” والموندياليتو في ثلاثة مناسبات، إضافة إلى مساهمات فعالياته في خدمة مؤسسة الكاف.
وفي محطة أخرى قدم المغرب الترشح لاستضافة نسخة 2025 لكأس أمم إفريقيا وتنافسه ملفات زامبيا والجزائر والبينين مع نيجيريا في ترشيح مشترك، وتسعى المملكة المغربية لتنظيم الحدث القاري للمرة الثانية بعد الأولى التي احتضنها سنة 1988 في مدينتي الدار البيضاء والرباط، وكان آنذاك قد ناب عن زامبيا التي تعذر عليها الوفاء بالتزامات دفتر التحملات الخاص بالمسابقة.
وظل المغرب يراهن على تنظيم الحدث، لكن ظروفا مختلفة لم تسعفه وخاصة في دورة 2015 حيث وافق “كاف” على أن تقام التظاهرة في المغرب، وكان ذلك في يناير 2011، لكن مع اقتراب موعد الحدث طلبت سلطات البلد تأجيل الموعد إلى 2016، مبررة ذلك بخطورة انتشار فيروس “إيبولا”، الشيء الذي رفضه “كاف” برئاسة عيسى حياتو، وإعتبر ذلك رفضا وسلطت عقوبات على المغرب ترمي إلى حرمان منتخبه من المشاركة في الدورتين المواليتين مع أداء غرامة ثقيلة قيمتها مليون دولار (900 ألف يورو)، تنضاف إليها تعويضات عن خسائر محتملة، ثمانية ملايين وخمسين ألف يورو (9 ملايين دولار).
واضطرت الجامعة إلى جر الكاف إلى “طاس” المحكمة التي أنصفت المغرب وضربت أحكام “كاف”، والجميل أن الجامعة لم تقاطع جهاز “كاف” بل واصلت العمل والتعامل والحضور واليوم تجدد الترشح لاحتضان “الكان”.
وتنتظر الحسم من لدن المكتب التنفيذي، و يبدو أن الظرفية استثنائية تزامنت مع إقامة “الشان” بالجزائر وسلطات هذا البلد الجار اعتمدوا نزوات حمقاء ميدانيا في محاولات للإساءة إلى المغرب مما غيب منتخبه عن المشاركة في الحدث.
وأفرزت تظاهرة “الشان” في الجزائر قضية ظلم فيها المغرب في حضور شاهدين كبيرين جياني إنفانتينو وباتريس موتسيبي، مما جعل مصداقية “كاف” على المحك في انتظار ما يتخذه الجهاز الوصي على الكرة في إفريقيا على المحك.
وتتفرج إفريقيا ومعها العالم على ما تقوم به الجزائر من مناورات وأساليب ملوثة مكشوفة لانتزاع حق التنظيم من “كاف”، وتنتظر القارة ما سيحدث، ولمن سيصوت الأعضاء الـ 24 في حرم مكتب “كاف”.
ففي هذه المحطة، هل تنتصر النزاهة والمصداقية، وهل تغلب جماعة موتسيبي الضمير، خاصة وأن الجميع يرى بالواضح الجهود التي بذلتها المملكة المغربية بإرادة سياسية في الملاعب واللوجيستيك، مما ساهم في تألق المنتخب المغربي وبلوغه دور النصف في مونديال قطر، إضافة إلى النجاح الذي يعيشه مونديال الأندية حاليا في مختلف المجالات يترجم قدرة المغرب على تنظيم كأس أمم إفريقيا من الآن وحتى كأس العالم.
محمد أبوسهل