“أكاليل إزابيل” للروائي المغربي سعيد بلمبخوت

>   بقلم: عزيز العرباوي
عن دار إدليفر الفرنسية، صدرت مؤخراً رواية للكاتب والمترجم المغربي سعيد بلمبخوت تحت عنوان “أكاليل إزابيل”، والتي تعتبر باكورة أعماله الروائية بعد أن صدرت له ترجمة لرواية إدريس الشرايبي عن سلسلة “إبداعات عالمية” الكويتية عام 2014، والتي تركت أثراً كبيراً ونفدت من الأسواق في وقت قياسي.
 تحكي رواية  “أكاليل إزابيل” عن مناسبة تكريم أحد الكتاب الكبار بمدينة الجديدة، ويتعلق الأمر  بالكاتب العالمي إدريس الشرايبي الذي رأى النور بهذه المدينة الساحرة على شاطئ المحيط الاطلسي. كان مرافقاً بابن دربه الكاتب الكبير عبد الكبير الخطيبي. هذا الأخير قال كلمة في حقه مؤكدا على كون إدريس الشرايبي يعد الرائد في مجال الرواية من الناحية التقنية والفنية بالإضافة الى السلاسة في الأسلوب والجمل القصيرة المتناغمة والشخوص المفعمة بالحيوية. بعد شهادة باقي الأصدقاء تدخل إدريس الشرايبي ليقول كلمة أكد فيها تشبته بهويته وثقافته بالرغم من كونه عاش طول حياته في بلاد المهجر.
 وبعد اختتام الحفل والسلام على سي إدريس وسي عبد الكبير كما يطلق عليهما أهل البلد في الجديدة، توجه الراوي رفقة كل من صديقه رشيد وزوجته زهرة نحو الكورنيش من أجل فنجان قهوة وتبادل الحديث. وبالمناسبة سيخبره عن قبول سيرته الروائية التي تكلف الراوي بكتابتها باسم رشيد… هكذا تبدأ الرواية… “رشيد يسترجع الذكريات.. ذكريات الطفولة كأحد أبناء الأهالي إبان الحماية الفرنسية. كان ذلك مع بداية القرن العشرين. بلدان وثقافتان مختلفتان، وكان يتعين التعايش مع مرور السنوات…المرحلة مرت…لم تكن سهلة…كانت هناك مشاعر…تلاقي بين الأهالي والمستعمرين الذين جاءوا للاستقرار في البلد. هناك من استقبلهم بالأحضان، وهناك من  اضطر للتعامل معهم بعض الوقت وآخرون كانوا يعارضون وجود الدخيل على الإطلاق…”.
 إن الراوي في الرواية هو ابن فلاح من الأهالي، يسمى رشيد. سيحكي قصة زهرة، شابة تزوجت بفاتح. هذا الأخير سيتطوع للذهاب لتحرير بلد المستعمر الذي اجتاحته جنود النازية. فأجود أراضي الأهالي أصبحت ضيعة في ملكية المستوطن. أقام فيها منزلاً رائعاً بجوار بيوت الأهالي المتواضعة. في تلك المزرعة الواسعة الأطراف التي كانت بالأمس أرضا مشاعة يستغلها كل الأهالي، أقام المستوطن مشروعه الفلاحي، وموازاة مع ذلك شيد منزله الرائع.
 رحل فاتح وبقيت زهرة تنتظر وطال الانتظار. قطع الأمل في رجوعه، لكن زهرة ظلت تتشبث بالأمل في رجوعه. بعد سنوات كان يتعين على أهل زهرة أن يقبلوا خطبة زهرة من رجل مسن، أب رشيد. لم ترد زهرة بالقبول أو الرفض، بل ظلت صامتة تتجرع ألم الفراق ومتشبثة بالأمل في رجوع البطل فاتح. في الليلة التي كانت أسرة العريس على قدم وساق لاستقبال العروس هربت زهرة. إلى أين؟ لا تدري. ركبت في أول سيارة للهروب بعيدا حفاظا على الحب الذي تكنه لفاتح. كان صاحب السيارة ابن أحد المستوطنين، ورث مزرعة والده. كان شابا مثقفا وله هواية، كان رساما بارعا. كان الجو حارا والسيارة قد لا تستحمل. ارتأى أن ينتظر هبوط درجة الحرارة، لذا توجه الى ضفة النهر للبحث عن الظل. هناك ستجلس زهرة لتهيئ الطاجين أما الفنان فقد انهمك في رسم لوحته. لوحة من أروع اللوحات في العالم. دون سابق انظار سيختفي هذا الفنان بعد أن ترك زهرة في فيلته تحت رعاية مسير الضيعة وزوجته. بعد سنة من الانتظار توصلت زهرة بالخبر: قبل أن يتوفى أوصى بكل ما يملك لزهرة.
 يحكي رشيد ابن سيدي علي الكثير من الأحداث التي عاشها في صغره في البادية، والتي عاشها خلال مساره الدراسي في البلد وفي الخارج.  سيحكي عن حياته مع سيلفي. سيحكي عن المستوطن غوستاف وزوجته ايزابيل في تلك الإقامة الرائعة وسط الأشجار الباسقة والزهور الزاهية التي كانت ترعاها إيزابيل. وسيروي أيضاً عن المسبح وعن مائه الذي أنعش الأجساد الرشيقة وأيضاً عند تفريغه سيثير اهتمام والد رشيد الذي كان بستانه في أمس الحاجة للسقي أبان أيام الصيف الحارة. بعد أن طلب سيدي علي الإذن لتحويل تلك المياه التي ستنعش المزروعات. من ريعها يحصل سيدي على بعض المال لمواجهة مصاريف دراسة ولده رشيد.
 أترك للقارئ هنا فرصة اكتشاف ما سيرويه رشيد منذ طفولته في الدوار وخلال مساره الطويل، عن تطلعاته، عن حياته بين بلدين وثقافتين مختلفتين.

Related posts

Top