أكثر من 5000 مستحضر صيدلي في المغرب ورقم معاملات فاق مليار دولار

قدمت وزارة الصحة خلال أشغال المناظرة الوطنية حول السياسية الدوائية الوطنية التي امتدت على مدى يومي الجمعة والسبت الماضيين محصلة دراسات تخص القطاع الصيدلي  بالمغرب، و التي كشفت على أن السوق الصيدلي المغربي يقدر بما يفوق 12 مليار سنة 2011 وهو ما يمثل 1 مليار دولار سنة 2011.
وأفاد واضعو هذه الدراسة التي رصدت جوانب متعددة تخص  الدواء، سواء تعلق الأمر بالتنظيم أو المراقبة والتنظيم بل وحتى الوضع الصيدلي بشكل عام، على أن السوق الصيدلي المغربي بعد أن عرف تقدما مستقرا ما بين 1980 و1995، سجل بطأ في السنين الأخيرة، مرده إلى جمود في القدرة الشرائية للمواطنين ويعزى هذا الجمود إلى عدة عوامل، لاسيما منها إشباع السوق ومشاكل الولوج إلى العلاج.
وسجلت الدراسة على أنه يتواجد بالمغرب حاليا أكثر من 5000 مستحضر صيدلي تشمل جميع الأقسام العلاجية، ومنذ أواخر 1990 ، استفاد القطاع الصيدلي الوطني من استثمارات مهمة لأجل تلبية السوق المغربية وما تفرضه متطلبات الجودة (المفروضة من طرف كل من الإدارة ومن الشركات الأم أو أصحاب البراءة)، حيث بلغ معدل الاستثمارات ما يناهز 300 مليون درهم.
وأكدت أن الصناعة الصيدلية تلعب دورا اقتصاديا واجتماعيا مهما ، ذلك أنها  توفر أكثر من 40 ألف منصب شغل بشكل مباشر أو غير مباشر، كما تحقق ما بين 1و2 في المائة من الناتج الداخلي الخام ، كما أن الصناعة الصيدلية المغربية حاليا تحتل مكانة مهمة في القارة الإفريقية من حيث الحجم ورقم المعاملات ، وقد نشأت من خلال إرادة الحكومة لتأمين الاكتفاء الذاتي والتصنيع بدل استيراد الأدوية.
وكشفت في هذا الصدد عن ارتفاع عدد المؤسسات المصنعة من 8 وحدات سنة 1965 إلى 40 مؤسسة سنة 2012 من بينها 4 مؤسسات متخصصة في محاليل ومواد تصفية الدم، حيث  أصبحت الصناعة الصيدلية في المغرب تمثل جزاء مهما في الاقتصاد الوطني ، خاصة وأنها تحقق حاليا 13 مليار درهم كرقم معاملات، وتمكن محليا من تصنيع نحو 70 في المائة من الاستهلاك الدوائي الوطني، ونحو 8 في المائة من الإنتاج الوطني موجه للتصدير نحو بلدان أوروبية وعربية وأسيوية وإفريقية ، رقم معاملات يناهز 360 مليون درهم برسم سنة 2011.
كما وقفت الدراسة على ارتفاع عدد المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة من 4 مؤسسات سنة 1977 إلى 65 مؤسسة سنة 2012، يتوزع تواجدها على 16 مدينة ، وهذا التطور في عدد الموزعين ومناطق تواجدهم يرتبط بشكل مباشر بالتوزيع الجغرافي لتواجد الصيدليات .
وسجل الخبراء  على أن المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة تلعب دور الوسيط المالي بين المؤسسات الصيدلية والصناعية والصيدليات ، وتعتبر هذه الأخيرة في تزايد مستمر مقابل مردودية ومساحة مالية متراجعة ، ويلعب الموزعون بالجملة دور الوسيط اللوجيستيكي من خلال تأمين قدر لابأس به من تخزين الأدوية.
وأشارت الوزارة من خلال المعطيات التي تضمنتها هذه الوثيقة، إلى أن قطاع التوزيع بالجملة يشكو من عدة مشاكل تحد من مردوديته ويعود سببها إلى جموح المنافسة وازدياد الصيدليات خارج المحاور الطرقية الكبرى مما يرفع من الكلفة المالية للتوزيع لدى الموزعين، وهذه العناصر كلها أثرت على مداخيل المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة
وفيما يتعلق بالصيدليات التي خصصت لها الوثيقة بابا كاملا، والتي تعتبر آخر حلقة في سلسلة توزيع الدواء، فقد عرفت تطورا مهما منذ الاستقلال حيث قفز عددها من 375 صيدلية سنة 1975 إلى أكثر من 10000 سنة 2012.
وأفادت الوزارة أن التزايد الملحوظ والمتسارع للصيدليات منذ سنة 2000 يعود إلى التطبيق الجزئي لأحكام مرسوم المعادلة للشهادات غير الوطنية ، مسجلة أن هذا التزايد لم يتم على أساس التغطية الجيدة للتراب الوطني لكنه ظل متمركزا في المدن الكبرى.
وفسر الخبراء الذين وضعوا هذه الدراسة ظاهرة تمركز الصيدليات في المدن الكبرى بكونه يعود إلى خصوصياتها السوسيو اقتصادية وبنيتها التحتية العامة والصحية سواء العمومية منها أو الخاصة، وكذا إلى غياب التدابير المحفزة التي تدفع المتخرج الشاب إلى مزاولة المهنة في المجال القروي، فالشرط الوحيد لفتح الصيدلية يتمثل في احتساب المسافة بين الصيدليات وهو شرط يمكن أن يساهم في تحسين توزيع الصيدليات داخل المدينة لكنه لم يسمح بتوزيع ملائم على صعيد التراب الوطني.
ولاحظ الخبراء أن إنشاء الصدليات يتطلب ميزانيات كبيرة نظرا للمضاربة العقارية التي يعرفها سوق العقار ، أما الأرقام المتوقعة للاستغلال فهي في تناقص مستمر ، ناهيك عن ارتفاع الاقتراض، مؤكدين أن قوة إنشاء الصيدلية في ظل الواقع القانوني الحالي تبقى مهمة ، مع تسجيل أن الكثير من الصيادلة أصبحوا يعيشون صعوبات مادية مردها التوقف عن الأداء والإفلاس
هذا وتشير الدراسة إلى أنه يعتبر توافر المنتجات الصيدلية في المؤسسات الصحية العمومية أمرا حاسما في تمكين المواطنين من حقهم في الحصول على العلاجات ، وتراهن ووزارة الصحة على مسألة توافر الأدوية بالمؤسسات الصحية لنجاح نظام الراميد، وهذا التوافر يشير واضعو الدراسة يرتبط بالاعتمادات المخصصة لاقتنائها، مبرزا أن المغرب يتوفر على لائحة وطنية للأدوية والمستلزمات الطبية ووزارة الصحة خصصت ميزانية تصل إلى نحو 2 مليار درهم سنة 2012، لتستفيد المستشفيات العمومية من هذه اللائحة .
ولم يفت الدراسة الإشارة إلى مسألة اللجوء إلى الأدوية الجنسية، واعتبرت الدراسة أنه مع تطبيق نظام التأمين الإجباري عن المرض وتعميم نظام المساعدة الطبية (الراميد)، قامت وزارة الصحة بمجهود جبار لتحسين ولوج المواطنين إلى الدواء وأصبحت الأدوية الجنيسة حاضرة وتفرض نفسها لإنجاح التغطية الصحية.
ففي الوقت الراهن هناك عدد مهم من المؤسسات الصناعية التي انكبت على إنتاج وتسويق هذا النوع من الأدوية ، لكن يجب الإشارة إلى أن الصيدلي يستفيد من هامش محدد لسعر الدواء لكن كلما كان السعر مرتفعا ارتفع معه هامش الربح، لذلك فإنه في الغالب فإنه لا يتم اٌدام على صرف وبيع دواء منخفض التسعيرة ، كما ينبغي الإشارة إلى وجود تفاوت بين السوق العمومي والسوق الخاص  فبالنسبة للسوق العمومي ممثلا في المستشفيات العمومية التي تلجأ إلى اقتناء ألأدوية الجنيسة التي تكون أقل سعرا والتي رغم ذلك فجودتها مماثلة لجودة الدواء المرجعي.
في حين أنه بالنسبة للسوق الخاص، فإن الوضعية تختلف. فمع أن سعر الأدوية الجنيسة منخفض مقارنة مع الأدوية المرجعية، فإنه في بعض الأقسام العلاجية يسجل أن الدواء المرجعي هو الأكثر مبيعا.

Related posts

Top