شنت إسرائيل غارات جوية عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله، خلال الليل وصباح أول أمس الأحد، تسببت باندلاع حرائق متواصلة.
تزامنا، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عمليات عسكرية جديدة في منطقة جباليا بشمال القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمر، معلنا استهداف “عشرات الأهداف العسكرية” بغارات جوية.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان أن الضاحية الجنوبية لبيروت “شهدت أعنف ليلة” منذ بدء حملة القصف الإسرائيلي الكثيفة قبل أسبوعين، وأحصت “أكثر من 30 غارة سمعت أصداؤها في بيروت”.
وأوضحت أن الغارات استهدفت أحياء عدة مثل الغبيري والصفير وبرج البراجنة وحارة حريك والمريجة والليلكي، إضافة إلى “محطة وقود على طريق المطار” الواقع عند أطراف الضاحية الجنوبية.
كما طالت الغارات “مبنى فيه مستودع للمستلزمات الطبية” على طريق المطار ما أدى لاندلاع النيران فيه “وسمعت أصوات مدوية بسبب وجود قوارير أوكسجين بكمية كبيرة”، بحسب الوكالة.
وصباح أول أمس الأحد، أفادت الوكالة عن غارة جديدة “بين الليلكي والمريجة”، مشيرة إلى أنها “استهدفت مبنى قرب محطة” وقود. وشاهد مصور في فرانس برس الدخان يتصاعد من مكان الغارة فوق الضاحية، بينما سمع صوت انفجار.
وقال مهدي زعيتر (60 عاما) الذي يملك متجر خضار ويقطن في المريجة “كانت ليلة عنيفة جدا، الغارات من كل الجهات، لا يقصفون أهدافا عسكرية، بل أهداف مدنية، ومصالح ناس”.
أضاف الرجل الذي بقي مع عائلته في منزلهم في الضاحية “أصوات الانفجارات كانت عنيفة، كانت الليلة الأعنف…الغارات أشبه بزلزال كلما قصفوا يهتز المبنى بنا، لم ننم طوال الليل”.
وخلال الليل، شاهدت مراسلة لفرانس برس في منطقة صبرا القريبة من الضاحية الجنوبية عشرات الأشخاص المذعورين في الشوارع، بعضهم يحمل حقائب، وهم يفرون من المنطقة سيرا أو على دراجات نارية فيما دوي الانفجارات يتواصل.
وأصدرالجيش الإسرائيلي بين الساعة العاشرة والنصف ليلا والأولى فجرا (19,30 و22,00 ت غ)، سلسلة تعليمات لإخلاء أحياء في الضاحية الجنوبية مؤكدا أنه سيقصفها.
وأعلن في بيان لاحق شن “سلسلة من الغارات في منطقة بيروت استهدفت عددا من مستودعات الأسلحة.
وعلى إثر القصف، اندلعت نيران في المناطق المستهدفة وارتفعت من إحداها كرة هائلة من اللهب ظلت تتصاعد لأكثر من أربعين دقيقة بحسب مشاهد لفرانس برس
وشاهد مصور لفرانس برس أول أمس الأحد دمارا هائلا في منطقة الغبيري. كما عملت جرافات على فتح الطريق القديم للمطار بعدما تناثر عليها الركام.
وفي منطقة المريجة، كانت أصوات انفجارات خفيفة ودخان لا تزال تتصاعد حتى الصباح من مبنى تعرض للقصف خلال الليل، بينما حضر سكان ليأخذوا ما تبقى من حاجياتهم وأمتعتهم، وأفرغ بعضهم متاجرهم من البضاعة، على وقع تحليق متواصل للمسيرات الإسرائيلية.
ولم تقتصر الغارات الليلية على الضاحية الجنوبية، إذ أفادت الوكالة الوطنية عن تعرض قرى في جنوب لبنان لضربات مماثلة، بعد غارات خلال النهار طالت جنوب لبنان وشرقه وشماله.
وأفادت وزارة الصحة اللبنانية في بيان أول أمس الأحد بأن غارات يوم السبت “على بلدات وقرى جنوب لبنان والنبطبة والبقاع وبعلبك الهرمل وجبل لبنان والشمال أدت في حصيلة إجمالية إلى استشهاد 23 شخصا وإصابة 93 بجروح”.
يأتي التصعيد في لبنان بعد نحو عام على فتح حزب الله جبهة ضد إسرائيل “إسنادا” لغزة. نقلت إسرائيل مركز ثقل عملياتها العسكرية في منتصف سبتمبر من غزة إلى الجبهة الشمالية، وكثفت غاراتها على لبنان اعتبارا من 23 سبتمبر، وبدأت قواتها عمليات برية “محدودة” ضد حزب الله.
وأعلن حزب الله عن سلسلة عمليات استهدفت القوات الإسرائيلية البرية خلال الليل. وأفاد بأنه استهدف قوة بقذائف مدفعية بعد محاولتها التسلل “باتجاه خلة شعيب في بليدا”، وقوة أخرى “بصلية صاروخية” خلال “إجلاء الجنود الجرحى والقتلى” في منطقة المنارة الحدودية بعيد منتصف الليل.
ووجهت إسرائيل خلال الأسبوعين الماضيين سلسلة ضربات إلى حزب الله، كان أبرزها اغتيال أمينه العام حسن نصرالله بقصف جوي في الضاحية في 27 سبتمبر.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تدمير “جزء كبير” من ترسانة الحزب المدعوم من طهران.
وشدد رئيس أركان جيشه هرتسي هاليفي يوم السبت على مواصلة “ممارسة الضغط على حزب الله وإلحاق خسائر إضافية بالعدو، من دون تنازلات ومن دون هوادة”.
وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري خلال مؤتمر صحافي إن القوات الإسرائيلية قتلت منذ بداية العمليات البرية في جنوب لبنان، “نحو 440 إرهابيا، بينهم 30 قياديا برتب مختلفة”.
ومع اقتراب ذكرى اندلاع الحرب، أعلنت إسرائيل يوم السبت أنها “في حالة تأهب”، وأنها تعد رد ا على الهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدفها يوم الثلاثاء الماضي.
وجاء الهجوم ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران في 31 يوليو في عملية نسبت لإسرائيل، ونصرالله في غارة إسرائيلية قتل فيها أيضا معه قيادي في الحرس الثوري الإيراني.
وصرح نتنياهو “أطلقت إيران مرتين مئات الصواريخ على أراضينا ومدننا (…) من واجب إسرائيل ومن حقها الدفاع عن نفسها والرد على هذه الهجمات، وهذا ما سنفعله”.
وتحدث الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتسوغ في رسالة عن “التهديد الدائم الذي تمثله إيران ووكلاؤها الإرهابيون على الدولة”، لافتا إلى أن “الكراهية تعميهم وهم عازمون على تدمير دولتنا اليهودية الوحيدة والفريدة”.
وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي هدد من دمشق برد فعل “ربما أقوى” لأي هجوم على بلاده، قائلا “لكل عمل سيكون هناك رد فعل متناسب ومماثل من إيران وربما أقوى”.
وبحسب الأرقام الرسمية اللبنانية، قتل أكثر من ألفي شخص في لبنان منذ أكتوبر 2023، بينهم أكثر من ألف منذ بدء القصف الجوي المكثف في 23 سبتمبر.
وقدرت الحكومة اللبنانية يوم الأربعاء عدد النازحين هربا من العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان بحوالي 1,2 مليون يفترش عدد كبير منهم الشوارع في مناطق عدة من بيروت.
ودعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي يوم الأحد إلى “الضغط على اسرائيل” من أجل “وقف إطلاق النار”.
وقال ميقاتي في بيان “نطالب بالضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 فورا” الذي أنهى حرب العام 2006 بين إسرائيل والحزب.
وأعرب عن تأييده “النداء المشترك الذي أصدرته فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، بدعم من الاتحاد الأوروبي ودول عربية وأجنبية” لوقف النار
ووصل يوم السبت إلى بيروت مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، منددا بما يواجهه لبنان من “أزمة مروعة. مئات آلاف الأشخاص باتوا معدمين أو مشردين بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية”.
في غضون ذلك، تتواصل الحرب في غزة.
أعلن الجيش الإسرائيلي أول أمس الأحد أن قواته “تطوق” منطقة جباليا في شمال القطاع بعد تقييم يفيد بأن حركة حماس تعمل على “ترميم بنى إرهابية” فيها.
وأفاد الجيش “استكملت الفرق القتالية للوائي 401 و 460 تطويق القطاع وتواصل العمليات في المنطقة”، مضيفا “قبل العملية وأثناءها، ضرب سلاح الجو الإسرائيلي عشرات الأهداف العسكرية من أجل مساعدة القوات البرية”.
وأكد المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل لفرانس برس وقوع غارات عدة على جباليا طوال الليل ما أسفرعن سقوط العديد من الضحايا
إلى ذلك، أعلن الدفاع المدني أول أمس الأحد مقتل 21 شخصا في ضربة إسرائيلية استهدفت مسجدا يؤوي نازحين في دير البلح (وسط)، فيما أفاد الجيش أنه استهدف مقاتلين من حركة حماس.
أ .ف .ب