إفران: التقلبات المناخية بالإقليم .. مناطق معزولة وسكان في مواجهة الصقيع

باعتبار إقليم إفران من أقاليم جهة فاس مكناس، التي حباه الله بموقع جغرافي ومناخ متميز، مما يضفي عليه خاصية تجعله من أكثر الأقاليم بالجهة استقطابا للسياحة بفضل خيراته و موارده الطبيعية .
يمتد هذا الإقليم على مساحة 3573 كلمترا مربعا، يحده من الشمال إقليم صفرو والحاجب ومن الجنوب إلى الغرب إقليم خنيفرة ومن الشرق إقليم بولمان، وتبلغ أعلى قمة جبلية بالإقليم 2409 مترات (جبل حيان).
ويعرف الإقليم تباينا في درجات الحرارة التي بلغت 14 درجة مائوية تحت الصفر كدرجة دنيا و37 درجة مائوية كحرارة عليا.
وعلى عكس السنوات الأخيرة التي شهدت انخفاضا كبيرا على مستوى التساقطات الثلجية، جراء سنوات الجفاف العجاف التي يمكن اعتبارها استثنائية بحكم الموقع الذي يقع فيه الإقليم والذي يجعله دائما عرضة لتساقطات بنفس المقاييس، والتاريخ وسكان المنطقة يشهدون على ان ما حصل من تساقطات وخيرات تعود على الإقليم والمنطقة بالخير العميم، والتي كان الإقليم يعيش عليها قبل سنوات الجفاف.
الوضعية التي يعيش عليها الإقليم، بفضل التساقطات المهمة والمصحوبة بالصقيع والبرد القارس، تؤزم وضعية الساكنة ببعض الجماعات القروية بجماعة تيمحضيت والمناطق المجاورة لها والتابعة سواء لجماعة وادي افران كسنوال واكدال والمعروفة بقبائل أيت الياس أو تلك القرى التابعة لجماعة سيدي المخفي والمعروفة بالبقريت، مما يتسبب في وضع متردي على كافة مستويات العيش اليومي للساكنة من جهة ولماشيتهم التي تعتبر المورد الوحيد والأساسي للعيش، وينفق منها العدد الكبير، هذا إضافة إلى العزلة التامة التي تعيش عليها هذه المناطق، علما أن المناطق المذكورة تساهم بشكل فعال في حماية الثروة الحيوانية والغناء الطبيعي والغابوي بالأطلس المتوسط، مما يحتم على السلطات الإقليمية بذل قصارى الجهود من أجل إيجاد وتوفير كل الوسائل الضرورية لفك العزلة عن المناطق التي سبق وأن عرفت بالمتضررة والمعزولة وتقديم لهم المساعدات الطبية والغذائية.
ومن أجل ضمان حركة عادية بالإقليم، وأولها ضمان حسن سير حركة النقل، وسلامة المسافرين العابرين للإقليم على الطريق الوطنية رقم 13 والطريق الوطنية رقم 8 وخاصة على مستوى المحاور الكبرى بالاقليم حتى لا يبقى معزولا عن العالم الخارجي والأقاليم المجاورة له، فإنه أصبح من اللازم على المديرية الإقليمية للتجهيز، أن تكون حاضرة على مستوى عملية ازاحة الثلوج بجنودها وعدتها رغم قلتهم وقلتها، ويقظة على طول الشبكة الطرقية المعبدة المعرضة لتساقط الثلوج .
وبالرغم من المجهودات المبذولة السنة الماضية من طرف الجميع، فان قوة الطبيعة و قساوة الظروف المناخية التي عرفتها المنطقة تبقى فوق كل الارادات، مما يتطلب تعزيز الاسطول الحالي لمديرية التجهيز بمعدات وآليات أخرى مع تقوية الطاقم البشري لمواجهة مثل هذه الأوضاع في أحسن الظروف، ومواكبة مستجدات التقنيات الحديثة للآليات المستعملة في ازاحة الثلوج وذلك بتنظيم دورات تكوينية لفائدة السائقين على مستوى ازاحة الثلوج وتحفيزهم ماديا ومعنويا وضمان لهم أحسن الشروط الصحية.
فعملية إزاحة الثلوج بالإقليم حيث التساقطات ببعض المناطق تفوق المتر، كانت عبئا ثقيلا على كل المتدخلين بفعل النقص الحاصل على كافة المستويات خاصة بالنسبة لمديرية التجهيز التي لا تملك ما يكفي و من الموارد البشرية واللوجيستيكية، الشيء الذي يسبب إرهاقا كبيرا بالنسبة لكل العاملين بالمصلحة.
وحتى يبقى إقليم إفران الإقليم المعروف على الصعيد الوطني والدولي بثرواته الغابوية والحيوانية و موروثه الطبيعي، بات أكثر من أي و قت مضى، على الحكومة ان توليه اكثر اهتمام خاصة على مستوى مديرية التجهيز و ذلك بتعزيز طاقاتها البشرية والمادية بأطر كفأة وآليات حديثة لمواكبة كل الطوارئ الطبيعية التي يمكن للإقليم ان يتعرض لها جراء التساقطات.
فغضب الطبيعة على إقليم افران ،حالة لا يمكن لأي كان أن يناقش أسبابها ومسبباتها بحكم الحكمة الربانية و الموقع الجغرافي للمنطقة الذي يجعلها في فصل الشتاء الذي تطول مدته عرضة لأساليب الطقس البارد و العيش تحت الصفر خارج التغطية بأدنى أو على الأصح بدونية الإمكانيات التي من شانها أن تقاوم عدو يفتك ببطء كل أطراف المقومات البشرية و يجعلها مشلولة ، فاقدة لكل نشاطها و حركيتها.
هذه هي الصورة التي بات عليها إقليم إفران مطلع كل فصل شتاء، بفعل التساقطات الثلجية الهامة التي يعرفها الإقليم، وهو ما ينتج عنه عزلة بعض مناطقه عن العالم الخارجي بصفة عامة، وعزلة الأحياء داخل المدن فيما بينها بصفة خاصة، نتيجة لغياب الوسائل اللوجيستيكية الضرورية لإزاحة الثلوج لدى المجالس البلدية والقروية الذين لا يعيرون أي اهتمام لهذه التنبؤات، وبالتالي شلل على مستوى جميع القطاعات وهو ما يعني إضراب قصري، بسبب غياب الموظفين الاضطراري عن العمل بسبب استحالة التنقل داخل المدينة من جهة ومن المدن المجاورة حيث يقطن جل الموظفين إلى مدينة افران من جهة أخرى.
إن ما يحياه المواطن بإقليم إفران من صعوبة في العيش تنعكس سلبا على صحته وجيبه ومردوديته في العمل جراء قساوة الطقس والبرودة، علما انه منذ ما يزيد عن عقد من الزمن والحكومة سواء السابقة أو الحالية، تغض الطرف بل تتجاهل الملف المطلبي للساكنة المتمثل في تعويض قار عن الطقس بالنسبة للموظفين ودعم وسائل للتدفئة بديلة عن الحطب كالغاز والكهرباء حفاظا على البيئة والغطاء الغابوي، الذي يعرف تراجعا مهولا ومخيفا خلال السنين الأخيرة الشيء الذي دفع بالحكومة في شخص المندوبية السامية للمياه والغابات إلى التراجع عن دعم حطب التدفئة بالإقليم من دون إيجاد حلول أخرى تعويضية ومناسبة.
وهو ما يزيد من متاعب الموظف في البحث عن سكن بالمدن المجاورة لمدينة افران بحثا عن دفء و بعيدا عن اكراهات الصقيع و الجليد متحملا مشاق الذهاب والإياب اليومي فإلى متى ستبقى الحكومة غاضبة على إقليم افران.

< مولاي عبد السلام اسماعيلي

Related posts

Top