اتحاد مغاربي في الرباط

استضافت النقابة الوطنية للتعليم العالي ندوة: «البحث العلمي في دول المغرب العربي في القرن 21: الإشكالات والرهانات»، بحضور نقابات التعليم العالي في البلدان الخمسة، وأعلن في ختامها عن تأسيس (اتحاد نقابات التعليم العالي بالمغرب العربي)، مقره الرباط. التظاهرة شهدت مناقشات علمية عالية الجودة، وأبرزت أهمية البحث العلمي كركيزة إستراتيجية في مختلف مسارات ومنظومات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية، ومن ثم تأثيره على حياة ومستقبل الأفراد والمجتمعات.
وفضلا عن توصيات الندوة، وما يمكن أن يبرز من مشاريع الشراكة والتعاون، فإن أهمية ندوة الرباط وتاريخيتها تتجلى أيضا في الإطار التنسيقي الإقليمي المعلن عن إحداثه.
طيلة سنوات وعقود قرأنا وسمعنا عن المحاولات المجهضة لبناء عمل مشترك بين جامعيين أو مثقفين أو نشطاء في المجتمع المدني، وفي كل مرة كان «الحساب السياسي» وأيضا التراكم النفسي يحولان دون ذلك، وضلت تتكرر البدايات في كل مرة وحين، والرغبة بقيت مستمرة وسط الشعوب ولدى نخبها الثقافية والعلمية والمدنية…
وعندما تستطيع نقابات التعليم العالي اليوم تجاوز كل العقد وجميع العبثيات، وتعلن من قلب الرباط أنها انتصرت على الوهم، وقررت فك الحصار على الوحدة المغاربية، ولو بين أساتذة الجامعات، فإن ذلك يستحق فعلا التنويه، ويستحق الاحتفاء بالحدث.
أساتذة الجامعات والباحثين، هذا يعني في البلدان الخمس أزيد من 65 ألف إطار، ويعني كذلك أكثر من مليون ونصف طالب وطالبة، ويتعلق الأمر ثالثا  بفئة تتولى تكوين الأطر في بلداننا وإعداد النخب والكفاءات في مختلف التخصصات، وبالتالي صناعة الرأي العام وبلورة أفكاره وتوجهاته ومشاعره تجاه نفسه ومحيطه وتجاه الآخر، وهنا الرهان يكتسب طبيعة إستراتيجية .
المسار الوحدوي الذي انخرطت فيه نقابات التعليم العالي المغاربية يستوجب دعمه ومساندته ماديا وسياسيا، من أجل تفعيل برامجه ومشاريعه، والبداية يجب أن تكون من طرف حكام الجزائر بفتح الحدود البرية مع المغرب لتيسير التواصل بين  الجامعيين وتعزيز التفاعل العلمي بينهم وتسهيل تنظيم المؤتمرات والتظاهرات والمشاريع المشتركة.
مبادرة الجامعيين اليوم تنضاف إلى أعمال مماثلة أعلن عنها مؤخرا سواء وسط رجال الأعمال والفاعلين الاقتصاديين والتجاريين، أو لدى الأدباء والمثقفين، وأيضا وسط هيئات الصحفيين، وإن كانت هذه المبادرات لازالت في بداياتها وتشهد بعض التعثر خصوصا لدى المثقفين والإعلاميين، ولكن هي كلها، بغض النظر عن حجمها ووقعها الإعلامي، فإنها تنطق بنبض الشارع المغاربي وبرغبة الشعوب من أجل التلاقي والوحدة والعناق والعمل الموحد.
الشعوب بطبيعتها ترفض محاصرتها، وتحرص دائما على إيجاد منافذ الوحدة، واليوم يسعى باحثو الجامعات ونقاباتهم إلى رفع الحصار عن الوحدة الشعبية المغاربية، فهل تصل الرسالة إلى قصر المرادية ؟؟؟

Top