الإشارات من اجتماع حزبي

مثلت دورة اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، التي انعقدت السبت في الرباط ولم تكتمل إلا في الساعات الأولى من صباح الأحد، لحظة نقاش حزبي داخلي قوية حول الإصلاحات الدستورية والسياسية المطلوبة في البلاد، وهي لم تخل من سخونة في الحديث ومن شد وجذب في المطارحات وفي القول، كما أنها لم تخل من مناقشة المواقف والسلوكات والتعابير، وأيضا من خروج عن النص أحيانا، لكن كل هذا انتهى في النهاية إلى الاحتكام إلى مسلكية ديمقراطية وتوافقية حسمت الموقف والرؤية وطريقة الوصول.
إن الأحزاب الحقيقية وذات التاريخ والمرجعية تستطيع أن تجد المخارج والخواتم لمختلف وضعياتها حتى عندما يسخن الحديث ويعلو الكلام وتتوتر الأعصاب، وبالتالي تتوحد مكوناتها الداخلية، برغم التمايز والتباين، على ضرورة الاستمرار وعلى ضرورة مواصلة الوجود وسط الناس لرفع مطالبها وانتظاراتها.
وفي لحظة مثل هذه التي تميز راهننا الوطني، لابد أن ننتبه إلى أهمية تقوية مثل هذه الأحزاب الحقيقية، إن على صعيد التنصيص الدستوري أو عبر باقي القوانين وفي الممارسة والتدبير السياسيين، لأن هذه هي الطريق القادرة على تعزيز المشاركة السياسية للمواطنات والمواطنين، وعلى تفعيل التعددية الحزبية الحقيقية، والقضاء على العقلية الهيمنية التي برزت لدى بعض الأوساط في السنوات الأخيرة.
خلال اجتماع اللجنة المركزية للتقدم والاشتراكية جرى نقاش واسع بين الحاضرين، وأتيحت للكل فرصة الكلام، وهذا كان نجاحا  للدورة أضيف لنجاح الحضور نفسه، القادم من كل جهات البلاد.
وعندما شدد الأمين العام على أن السياسة في الكنه، كما العلائق الحزبية هي أولا أخلاق، وعلى أن القول في كل الحالات هو «لياقة»، اتفق الجميع ولم يختلف أحد، وعندما طرح تقرير الأمين العام والبيان الختامي للمصادقة كان الجواب ديمقراطيا سلسا.
بالرغم إذن من كل تجليات السخونة وحدة القول، وانحراف تعابيره أحيانا، فإن دورة اللجنة المركزية للحزب لم تتوقف في منتصف الطريق ولا في بدايته، بل وصلت إلى نهايتها، ولم تعلق الأشغال، ولا الضمير الحزبي غاب، أو تراجع عن يقضته.
وفي الختام، لم ينس المجتمعون الإقرار إن تصريحا أو قناعة في دواخلهم، بحاجة أحزابنا الجدية نفسها إلى تأهيل ذاتي حقيقي في المنهجيات وفي طرق العمل، وفي الرؤى والممارسات، وعبر ذلك يمكن أن يتحقق المعنى لتأهيل الحقل الحزبي والسياسي في بلادنا، أي التأهيل الذي يكسب لباقي الأشياء معناها.

Top