الانتخابات: مسؤوليتنا كمواطنين…

يكثف سماسرة الانتخابات وأباطرة إفسادها أساليبهم هذه المرة عبر “شراء” المرشحين أيضا، وليس فقط انتظار يوم الاقتراع لشراء ذمم المصوتين والناخبين…

تروي مجالس الحديث والصالونات السياسية في مختلف جهات البلاد قصصا عديدة عن “سوق” المرشحين، الذي نما بمناسبة استحقاقات هذا العام.

“شناقا” من نوع جديد هذه السنة يدورون وسط السوق الانتخابي “يقتنون” مرشحين للوائحهم، ويعرضون مبالغ مالية، ويجري رفع السومة عند ظهور ألوان منافسة أخرى على التبضع، وأحيانا يتحول هذا الترغيب إلى ترهيب و”تهديد” أو ابتزاز، والهدف إما الانضمام للائحة المرغوبة أو إخلاء المكان وعدم الترشح بأي لون…

سوق الانتخابات هذه المرة شهدت رواج أموال كثيرة في الخفاء، وخصوصا عند إعداد لوائح المرشحين…

وحيث أن الأمر يتعلق فعلا بسوق، فإن تقنيات محكمة ميزت عمليات الشراء والمساومة، كما أن مناورات جرى تطويرها من لدن “الشناقا” ومن يوجههم، وجماعات من الأعوان والمساعدين ظهرت في كل الزوايا تعرض الأثمان، وتبحث عن “البضاعة” بكل الطرق.

هذه هي المشكلة الأساسية الأولى التي تعترض اليوم مسلسلنا الانتخابي، وظهرت في انتخابات الغرف المهنية، وأثناء تشكيل مكاتبها و “تحالفاتها”، كما أن أباطرتها ماضون لإعمال نفس الأساليب بمناسبة باقي المحطات الانتخابية المرتقبة.

تجري هذه الضغوط، المالية وغير المالية، كما لو أن الأمر يتعلق بحرب حقيقية، وتتبدل الاتفاقات والتواطؤات أو التحالفات في المناطق بحسب الطرف السياسي أو الشخص المرشح أو المنتخب المراد إبعاده أو التخلص منه أو إقصاؤه، وكل هذه الممارسات السلبية من شأنها، في النهاية، أن تنتج لنا “منتخبين” ومؤسسات بلا مصداقية أو كفاءة، ولن تزيد السياسة عندنا سوى بؤسا وتدنيا وهشاشة.

من جهة أخرى، عندما يتم اختصار كامل العملية الانتخابية في حقائب مالية يتم “التشيار” بها، يمينا وشمالا، والرفع من سقوف مبالغها، فإن من لا يتوفر على ذلك أو لا يقبل العمل بهذا الأسلوب، ينسحب ويبتعد من الساحة ولا يقدم على ترشيح نفسه، وهنا تضيع البلاد في عدد من الأطر والكفاءات ذات الخبرة والمصداقية والنزاهة.

وفضلا عما سبق، فإن هذه الممارسات تشيع الإحباط واليأس وسط شعبنا وشبابنا، وتجعلهم لا يقبلون حتى على التصويت، وبالتالي تضعف المشاركة الشعبية في الانتخابات، وتتفاقم الخيبة.

عندما نستحضر هذه الجوانب السلوكية السلبية، وأخرى غيرها تتناقلها يوميا وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ونستحضر ما ورد في الخطاب الملكي لثورة الملك والشعب، نفهم تنبيهات عدد من المراقبين من أن هذا الواقع سيعيد أغلب وجوه الساحة الانتخابية إلى مقاعدها، ولن يتيح أي تجديد كبير لتركيبة المؤسسات المنتخبة والهيئات التمثيلية، ومن ثم يكون الخوف مشروعا من طبيعة ومستوى هذه المؤسسات التي عليها أن تدافع عن قضايا ومصالح المغرب، وأن تساهم في مختلف أوراشه الوطنية والتنموية والإستراتيجية المنتظرة.

إن انتشار المال في العمليات الانتخابية وضعف تجديد المؤسسات المنتخبة، وفشلنا في منح بلادنا مؤسسات ممتلكة للمصداقية الديموقراطية، كل هذا سيؤثر سلبا على مستوى الثقة العامة وسط شعبنا وشبابنا، وعلى مدى قوة جبهتنا الداخلية وتعبئتنا الوطنية ضد خصوم بلادنا.

الانتخابات معركة وطنية، ومسؤولية يجب أن يقوم بها الجميع.

ولهذا على المواطنات والمواطنين، وأيضا الشباب والنخب، الإصرار على الإقبال على التصويت وعدم التفريط في ممارسة هذا الحق، ذلك أن التصويت الواعي والمكثف، ورفض البيع والشراء في الذمم، هو الذي يمكن أن يوقف “الشناقا” والمفسدين، ويسند بلادنا كي تربح هذا التحدي الديموقراطي.

محتات الرقاص

الوسوم

Related posts

Top