البحث عن دروب تفضي.. إلى أفق

تتربص الديماغوجية بفضائنا السياسي منذ شهور، وتكاد تلتف حول الأعناق لتبقي البلد بكامله رهينة…  اللاعقل.
في كل مرة نجد أطرافا حزبية أو إعلامية تقودنا إلى دروب يتضح بعد كثير ضياع وقت أنها دروب لا تفضي… أريد في السنوات القليلة الماضية تجريب بناء منظومة تحكمية وهيمنية كما في الأزمان العتيقة، لكن المحاولة قادت إلى درب لا يفضي، ففشلت.
وتم تجريب أسلوب بعث الكوابح من كل شكل ولون، بل وحتى تلك التي بلا لون، لكن هذا الدرب لم يفض بدوره سوى إلى تعطيل البلد برمته.
وكما لو أن «العقل» الواقف وراء التخطيط صعب عليه الفهم، وعجز عن استيعاب الوقائع والتغيرات والسياقات، فعمد إلى تحريك ديماغوجيات بمعجم مغاير، فيه الشتائم والاتهامات والتهديدات ونشر… الخواء، وهنا أيضا كان الدرب بلا مخرج، ولم يفض بنا إلى شيء، وبقي البلد وحده عاطلا واقفا ينظر إلى أبنائه وقد تلفحوا بـ… الديماغوجية.
لم تفض دروب التفاهة إذن إلى شيء، وأزقتها الضيقة هي بلا مخارج، وعلى الكل أن يستعيد اليوم…  العقل.
السياسة عندنا، وأيضا الكلام والفعل فيها، هي في حاجة اليوم إلى… المسؤولية، والبلاد تريد فاعلين سياسيين مسؤولين وجديين.
وبدل كل هذا «التشيار» بالحجارة، وبسفيه الكلام بين الفاعلين الحزبيين، من الأجدى الحرص الجماعي على  تجريب المشي معا في درب يفضي إلى  اتساع في النظر، وإلى التفكير بحجم البلد وما هو مطروح عليه من رهانات إستراتيجية وديمقراطية وتنموية.
إن المشكلة توجد في العقل الثاوي خلف الأفعال التي نعاينها في الساحة، وتوجد في المنظور والرؤية إلى حقائق الواقع وإلى المستقبل، ولهذا لابد من استعادة العقل أولا، والجواب الجماعي عن سؤال: ماذا نريد لهذه البلاد؟، وحينها يمكن الاتفاق على القواعد وثوابت الفعل والعلائق بين الأطراف والمؤسسات.
المهم اليوم، هو أن يساهم الكل في وقف خسارات البلاد، والمهم أيضا أن يدرك الكل حجم ما أصاب البلاد من أضرار في الاقتصاد وفي مسلسلات الإصلاح وفي السياسة وفي الصورة الخارجية، والمهم ثالثا أن ننتبه جماعيا إلى أن كل  دروب الديماغوجية التي جربت لحد الآن كانت دروبا بلا مخارج، ولم تتح للبلاد أفقا، وإنما عطلت كل المفاصل، وخلفت خسائر في الملموس من الأشياء، وفي الرمزيات والعلائق، وصار من المستعجل وقف السير فيها، والبحث عن دروب جديدة، أي دروب فعلا تفضي.. إلى أفق.
[email protected]

Top