البيان العام للمؤتمر الوطني الثامن لحزب التقدم والإشتراكية

الملكية الدستورية الديمقراطية تجسد نظاما سياسيا ديقراطيا يكرس السيادة الوطنية التي يمارسها الشعب عبر مؤسساته الدستورية
المغرب يؤكد على الموقف المبدئي من قضيتنا الوطنية الاوللى، متبنيا ومدعما بشكل كامل مقترح الحكم الذاتي كحل وطني وديمقراطي لهذا النزاع المفتعل
إن المؤتمر الوطني الثامن لحزب التقدم والإشتراكية المنعقد ببوزنيقة أيام 28 و29 و30 ماي 2010، تحت شعار “جيل جديد من الإصلاحات لمغرب الديمقراطية”، والذي شارك في أشغاله 1843 مندوبة ومندوبا من كل التنظيمات الحزبية المحلية والقطاعات السوسيو/مهنية والمنظمات الموازية؛ وبعد مناقشة جادة ومعمقة لمختلف مشاريع الوثائق المعروضة عليه (الوثيقة السياسية، البرنامج الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، تعديل القانون الأساسي) والمصادقة عليها بالإجماع؛ وبعد استحضاره بروح وطنية ومسؤولية عالية، لكل الرهانات المطروحة على بلادنا، وطنيا وجهويا ودوليا، ولرهانات المرحلة التاريخية لاسيما سبل إنجاح المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي التقدمي، وكسب التأييد لمقاربته السياسية الرامية الى بلورة “تعاقد سياسي جديد يسمح بمباشرة جيل جديد من الإصلاحات الكفيلة ببناء مغرب الديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية”، وما يفرضه ذلك من رهان تنظيمي يتمثل في تقوية صفوفه وتطوير أدائه وتوسيع إشعاعه، فإن المؤتمر الوطني الثامن لحزب التقدم والاشتراكية:

– يحيي، بقوة كل قادة الحزب وأطره ومناضلاته ومناضليه على الجهد الجماعي الكبير الذي تم بذله خلال شهور، لإنجاح المؤتمر الوطني الثامن سياسيا وتنظيميا، ويعبر عن ارتياحه لجو التعبئة والحماس والمسؤولية الذي طبع المراحل التحضيرية للمؤتمر، وللتوافق الواسع على الخط السياسي العام للحزب، المتضمن في الوثيقة السياسية، وعلى تقييمه للمرحلة والمهام المطروحة عليه كتنظيم فاعل في الحياة السياسية الوطنية.

– يعبر المؤتمر عن تقديره الكبير لكل القوى السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني ولكل الفعاليات الوطنية التي شرفت حزبنا بحضورها الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، التي كانت مناسبة لاطلاع مختلف مكونات المشهد السياسي الوطني وفعاليات الأمة على المقاربة السياسية لحزبنا، ودعوتها لحوار وطني حول مضامينه، من أجل مغرب التقدم والديمقراطية والحداثة والعدالة الاجتماعية.

– يؤكد المؤتمر الوطني الثامن تشبث حزب التقدم والاشتراكية بهويته الاشتراكية المتجددة فكرا وممارسة، مع انفتاحه على المتغيرات، وعلى محيطه الوطني والدولي، كما يؤكد على نهجه الاستراتيجي ومقاربته الدينامية بخصوص تحالفاته، المتجهة بالأساس نحو مكونات الكتلة الديمقراطية وفصائل اليسار، مع انفتاح على كل الديمقراطيين والحداثيين، ووفقا لما تقتضيه مستلزمات توطيد المسار الإصلاحي في أفق بناء المجتمع الحداثي الديمقراطي المنشود.

– يعبر المؤتمر عن قلقه تجاه الوضع السياسي غير السليم الذي تعيشه بلادنا، خاصة بعد المسلسل الانتخابي الأخير، وظهور سلوكات تسعى الى إرباك المشهد السياسي، وخلق جو من الغموض واللبس يهدد بمزيد من تبخيس العمل السياسي  والحزبي بالتحديد، مما يشكل خطورة على مسارنا الديمقراطي في وقت تحتاج فيه بلادنا الى مزيد من الاستقرار السياسي والى وضوح التموقعات السياسية، وتحلي مكونات المشهد السياسي بالمسؤولية والجدية، لمواجهة التحديات والرهانات المطروحة على بلادنا، وعلى رأسها الكسب النهائي لمعركة وحدتنا الترابية التي تخوضها، بإجماع وروح وطنية، كل مكونات الأمة.

– يؤكد المؤتمر الموقف المبدئي لحزب التقدم والاشتراكية من قضيتنا الوطنية الأولى، متبنيا ومدعما، بشكل كامل، مقترح الحكم الذاتي الذي تتقدم به بلادنا أمام الرأي العام الدولي، معتبرا إياه حلا وطنيا وديمقراطيا جديا لهذا النزاع الذي افتعله حكام الجزائر، وتقف وراء محاولات تكريسه بشكل واضح ومكشوف، بكل الوسائل المادية والسياسية.

كما يعبر المؤتمر عن رفضه المطلق ومواجهته الصارمة لكل المحاولات اليائسة لنقل المعركة مع الانفصاليين الى داخل التراب الوطني، عبر الركوب على أحداث جزئية، وادعاء الدفاع عن حقوق الانسان من طرف عناصر لا علاقة لها بمفهوم حقوق الانسان بأي معنى من المعاني، بالنظر للوضع المأساوي لحقوق الانسان بمخيمات تندوف، سواء في جوانبها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، ويدعو المؤتمر، بهذا الخصوص، الى خوض معركة شاملة تنخرط فيها كل مكونات الدولة والمجتمع، لفضح حقيقة الوضع الحقوقي الكارثي بمخيمات تندوف لدى كل المنظمات الدولية، حكومية وغير حكومية، والمنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية، ودعوتها للعمل على تحرير مواطنينا المحتجزين، اضافة الى التعريف الواسع بمقترح الحكم الذاتي ولمكتسبات بلادنا على مستوى مجلس الأمن الدولي، كما يدعو الدولة الى دعم أكبر للدبلوماسية الموازية، برلمانية وحزبية وشعبية، لأجل المساهمة بفعالية في هذه المعركة الوطنية العادلة.

– كما يجدد المؤتمر الموقف الثابت لحزب التقدم والاشتراكية بخصوص استكمال الوحدة الترابية للمملكة عبر استرجاع المدينتين السليبتين سبتة ومليلية وباقي الجزر المغربية المحتلة، بما يضمن الوحدة الوطنية والترابية، ويعزز السلم والاستقرار في المنطقة ويطور علاقات التعاون والشراكة البناءة والإيجابية مع الجارة اسبانيا.

– يعبر المؤتمر عن تقييمه الإيجابي، على العموم، لحصيلة مرحلة الانتقال الديمقراطي، سواء في جوانبها السياسية أو الإقتصادية أو الاجتماعية، أو الثقافية، وما تحقق من مكاسب في المسار الديمقراطي ومسار التحديث، وذلك بفضل “الحل الوسط التاريخي” كمرحلة متقدمة من المسلسل الديمقراطي، وهو مسار رافقته أيضا، رغم المجهودات المبذولة صعوبات ونقائص وإخفاقات، ومنها عدم التمكن من إنضاح شروط مباشرة جيل جديد من الإصلاحات الدستورية والسياسية، واستمرار مظاهر منافية للحكامة الجيدة، وإخفاق مشاريع إصلاح القضاء والإدارة، واستمرار مظاهر الفساد في الحياة العامة، واقتصاد الريع، والتباطؤ في معالجة قضايا التربية والتكوين والصحة، ونقائص كبيرة في المجال الاجتماعي خاصة على مستوى استمرار فوارق طبقية ومجالية بينة، واستمرار مظاهر الفقر والتهميش والبطالة.

– ويدعو المؤتمر إلى ترسيخ مكاسب المرحلة ومعالجة الإخفاقات، عبر جيل جديد من الإصلاحات الكفيلة بربح التحديات المطروحة على بلادنا والانتقال الى مرحلة جديدة أرقى، تطبعها ممارسة سياسية سليمة، وانشغال أكبر بالمسألة الإجتماعية، وتطوير ملموس لاقتصادنا الوطني، ولثقافتنا الوطنية، وتوسيع لمجال الحريات، وإعمال المفهوم الشامل لحقوق الإنسان المتضمن للحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وملاءمة تشريعاتنا مع المواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة.

– يدعو المؤتمر كل الفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية، التي تقاسمنا كلا أو بعضا من هذه الأهداف، الى حوار وطني واسع، يتوج بتعاقد سياسي جديد، كالتزام معنوي لأهم القوى الحية في البلاد، لبلورة توافقات متينة على الاختيارات الديمقراطية الاستراتيجية للوطن، وعلى الإصلاحات الدستورية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، على أساس أن الملكية الدستورية الديمقراطية والاجتماعية تجسد نظاما سياسيا ديمقراطيا يكرس السيادة الوطنية التي يمارسها الشعب عبر مؤسساته الدستورية، ويحظى في منحاه المتطور، بإجماع وطني، يمارس فيه الملك سلطاته كرئيس للدولة وكأمير للمؤمنين وحكم فاعل وضامن للتنافس الشريف والسليم والمتكافئ بين كل القوى السياسية، ومؤتمن على سير المؤسسات الدستورية في اتجاه أكثر حداثة وديمقراطية ونجاعة.

– وتتمحور مضامين هذا التعاقد على إعمال خلاصات تقرير الخمسينية “50 سنة” وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وتعديل دستوري يتم في تناغم بين المؤسسة الملكية والفاعلين السياسيين، يروم ضبط اختصاصات المؤسسات الدستورية للبلاد، وتطوير وتخليق الحياة السياسية، والرفع من أداء المؤسسات التمثيلية، ودسترة اللغة الأمازيغية، وتعزيز الانخراط في المنحى الكوني المتقدم لحقوق الانسان، واصلاحات في المجال الاقتصادي، ترسخ دولة الحق والقانون في المجال الاقتصادي، والتكامل بين القطاعين العام والخاص، والدور الأساس للدولة في توجيه الاقتصاد الوطني عبر استراتيجية تنموية شاملة تعتمد على استراتيجيات قطاعية متناسقة ومتكاملة، وعبر تعزيز سياسة الأوراش الكبرى الوطنية والجماعاتية، وكذا إصلاحات لحل المعضلات الاجتماعية ومحاربة كل أشكال الإقصاء والتهميش وإشاعة روح ومكانيزمات التضامن والعدالة الاجتماعية بكل أبعادها وذلك عبر بلورة ميثاق اجتماعي حقيقي ملزم يضمن مصالح كل الأطراف والانتقال الى إرساء التوازنات الاجتماعية والمجالية.

كما يتضمن إصلاحات في المجال الثقافي تضمن التنوع الثقافي وتطوير الثقافة الوطنية وترسيخ موقع الأمازيغية وباقي التجليات الثقافية واللغوية في المشهد الثقافي الوطني.

– يدعو المؤتمر القيادة الوطنية للحزب إلى العمل على التعريف الواسع بهذه المقاربة السياسية، واتخاذ كل المبادرات الكفيلة بجعله محورا لاهتمامات الفعاليات الوطنية سياسية ونقابية وثقافية وإعلامية وتجسيده في الواقع السياسي الوطني.

– يجدد المؤتمر الثامن تضامنه المطلق مع نضال الشعب الفلسطيني من أجل استقلاله وسيادته على أراضيه، واستقلالية قراره، وبناء دولة فلسطينية موحدة عاصمتها القدس تحت قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، كما يجدد مساندته لحق كل من سوريا ولبنان في استرجاع أراضيهما المحتلة، ويعبر عن تضامنه مع الشعب العراقي من أجل استرجاع سيادته ووحدة أراضيه، ومع حق كل من اليمن والسودان في سيادتهما الوطنية ووحدتهما الترابية.

– ويجدد المؤتمر انتماء حزب التقدم والاشتراكية الى أسرة التحرر والديمقراطية التقدمية والاشتراكية العالمية، ويدعو الى تقوية الحضور والانخراط في الحركة البديلة للعولمة الرأسمالية، ومناهضة كل أشكال الاستغلال والهيمنة والاعتداء على أمن الشعوب وسيادتها، والنضال من أجل عالم يسوده السلم والتعاون والتضامن.

-يدعو المؤتمر كل مناضلات ومناضلي حزب التقدم والاشتراكية الى مزيد من الالتحام والالتفاف حول أطروحات الحزب السياسية والبرنامجية والفكرية والتنظيمية، والعمل، بقوة، لأجل تجسيدها في العمل اليومي للحزب وطنيا ومحليا، والحضور الوازن والفعال بجانب الجماهير وفي كل قضاياها المصيرية واليومية، وفي كل واجهات النضال الفكري والسياسي والانتخابي والاجتماعي والثقافي، لتطوير أداء حزبنا وقدراته التأطيرية والنضالية، وتقوية حضوره الميداني وفي المؤسسات المنتخبة، وفي المشهد السياسي الوطني، يمثل مدرسة فكرية وسياسية متميزة وضرورية لمغرب اليوم والمستقبل، لأجل السير قدما في المسار الإصلاحي، وبناء المجتمع الديمقراطي الحداثي فعليا، وتحقيق طموح الحزب في الديمقراطية والحرية والتقدم والعدالة الاجتماعية.

بوزنيقة في: 30 ماي 2010

Top