تميزت سنة 2019 بالكثير من الإنجازات على مستوى الرياضة الدولية، لكن أبرزها كان إحراز نادي ليفربول الإنجليزي بلقبي دوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية في انتظار تتويج مرتقب بلقب الدوري الممتاز منذ 30 عاما، بينما منحت الغزارة التهديفية والمهارات الفنية للنجم الأرجنتيني لنادي برشلونة الإسباني ليونيل ميسي أهم الجوائز الفردية وفي مقدمتها جائزة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لأفضل لاعب في العالم وجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم المقدمة من طرف مجلة “فرانس فوتبول” الفرنسية، في حين استعاد المنتخب البرازيلي بريقه بتتويجه بلقب كوبا أمريكا على أرضه للمرة التاسعة في تاريخه بأداء جد مميز، فيما تمكنت إيطاليا بثوب أخضر جديد من العودة بقوة على الساحة القارية كواحدة من المرشحين للتنافس على لقب كأس أمم أوروبا (يورو 2020)، في وقت واصل الإسباني رافاييل نادال والصربي نوفاك ديوكوفيتش تنافسهما الشرس على أم الألقاب والبطولات في رياضة التنس التي شهدت بروزا لأسماء جديدة في مسابقات السيدات.
ليفربول ينتظر المجد المحلي بعد التوهج القاري والأوروبي
بلغ نادي ليفربول الإنجليزي ومدربه الألماني يورغن كلوب المجد القاري والعالمي في العام 2019، وبات التركيز منصبا من الآن فصاعدا على التتويج بلقب طال انتظاره ويبدو أقرب من أي وقت مضى: بطولة الدوري الممتاز لكرة القدم بعد ثلاثين عاما.
وأكد ليفربول المتوج في ماي الماضي بلقب مسابقة دوري أبطال أوروبا للمرة السادسة في تاريخه والأولى منذ 13 عاما، أنه أفضل فريق في العالم بتتويجه بلقب كأس العالم للأندية السبت في الدوحة بالفوز على فلامنغو البرازيلي، بطل مسابقة كوبا ليبرتادوريس الأميركية الجنوبية، بهدف وحيد لنجمه البرازيلي روبرتو فيرمينو بعد التمديد.
لكن، إذا نجح ليفربول أخيرا في الفوز بلقب كأس العالم للأندية للمرة الأولى في تاريخه بعد فشله في ثلاث مناسبات (كأس انتركونتيننتال عامي 1981 و1984 ومونديال الأندية 2005)، فهناك أمر واحد فقط يلهث فريق مرسيسايد (شمال غرب إنجلترا) وراءه منذ زمن بعيد وهو استعادة السيطرة المحلية وأمجاد السبعينيات والثمانينيات عندما ظفر باللقب 11 مرة رافعا غلته من الألقاب إلى 18 لقبا في تاريخه الممتد لـ127 عاما.
بعد تحقيقه تسعة انتصارات متتالية في السباق النهائي المحموم مع مانشستر سيتي على لقب الدوري في الموسم الماضي، أضاف الـ”ريدز” ثمانية متتالية في بداية الموسم الحالي، رافعا الرقم القياسي للنادي إلى 17 فوز ا متتاليا. الأكثر إثارة للإعجاب، خسر ليفربول مرة واحدة فقط في آخر 56 مباراة في الدوري الممتاز، مع ثمانية تعادلات، ما يمثل نحو 89 بالمئة من النقاط التي حصل عليها خلال هذه الفترة.
ومنذ بداية موسم 2019-2020، حصد ليفربول 96 بالمائة من النقاط (49 نقطة من 51)، ما يعني أنه في حال استمرار نتائجه الرائعة سيكون بإمكانه تحطيم رقمه القياسي في عدد النقاط التي جمعها في موسم واحد، والذي حققه الموسم الماضي عندما وصل إلى 97 نقطة.
ويغرد ليفربول خارج السرب هذا الموسم، فهو يبتعد بفارق 13 نقطة عن أقرب مطارديه ليستر سيتي بعد تغلبه عليه الخميس في المرحلة التاسعة عشرة برباعية نظيفة، وبفارق 14 نقطة عن مانشستر سيتي حامل اللقب في العامين الأخيرين صاحب المركز الثالث قبل خوض مباراته في المرحلة التاسعة عشرة ليل الجمعة ضد مضيفه ولفرهامبتون.
غزارة الأهداف تعزز رصيد ميسي من الجوائز الفردية
فاجأ الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) الجميع بإعلان النجم الأرجنتيني لنادي برشلونة الإسباني ليونيل ميسي فائزًا بالجائزة خلال حفل جوائزه الذي أقيم بمدينة ميلانو الإيطالية في 23 شتنبر الماضي.
وحقق ميسي رقمًا قياسيًا خاصًا للغاية بعدما أصبح أول لاعب في التاريخ يفوز بالجائزة 6 مرات متفوقًا بذلك على منافسه التقليدي البرتغالي كريستيانو رونالدو شريكه السابق في صدارة القائمة الذهبية للجائزة، والذي أحرز رونالدو هذه الجائزة 5 مرات.
ولم تمض سوى أسابيع قليلة حتى أحرز ميسي جائزة أخرى على نفس القدر من الأهمية وهي جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم والمقدمة من مجلة “فرانس فوتبول” الفرنسية المتخصصة.
ونظرًا لاختلاف معايير التقييم بين الجائزتين العريقتين واختلاف هوية الفائز بالجائزتين في بعض الأعوام سابقًا، كان فوز ميسي بكليهما في 2019 تأكيدًا على أحقيته بالجائزتين رغم إخفاقه مع برشلونة في دوري الأبطال ومع المنتخب الأرجنتيني في كوبا أمريكا.
وكانت هذه هي المرة الأولى التي يحرز فيها ميسي كلا من الجائزتين منذ 2015 لتكون الأولى له في كل منهما بعد فك الشراكة التي جمعت بين (الفيفا) و”فرانس فوتبول” بين عامي 2010 و2015 علمًا بأن ميسي توج بالجائزة خلال تلك الفترة 4 مرات بخلاف فوزه أيضًا بكل من الجائزتين على حدة في 2009.
والحقيقة أن ميسي قدم الكثير من العروض والأهداف الغزيرة في عام 2019 ليحصد أكبر قدر من الأصوات في الاستفتاء، إذ أحرز قائد برشلونة 46 هدفًا وصنع 17 لزملائه في 54 مباراة بمختلف البطولات مع ناديه ومنتخب بلاده خلال 2019 حتى موعد تتويجه بجائزة الكرة الذهبية في الثاني من دجنبر الحالي.
كما رفع البرغوث رصيده من الأهداف التي يحرزها من الركلات الحرة إلى 52 هدفًا في مسيرته الكروية حتى الآن ومن بينها 46 هدفًا لبرشلونة و6 أهداف للتانجو الأرجنتيني.
وعادل ميسي رصيد الأسطورة تيلمو زارا في مرات الفوز بجائزة “بيتشيتشي” التي تمنح لهداف الليغا، بعدما حصد الجائزة للمرة السادسة في مسيرته الكروية حتى الآن وهو ما لم يحققه أي لاعب منذ أن نجح زارا في هذا عام 1953.
وعزز ميسي رقمه القياسي في عدد مرات الفوز بجائزة الحذاء الذهبي لأفضل هداف في أوروبا على مدار الموسم حيث تصدر القائمة برصيد 36 هدفًا ليفوز بالجائزة للمرة السادسة، كما أصبح أول لاعب يفوز بهذه الجائزة في 3 مواسم متتالية.
المنتخب البرازيلي يستعد عرش الكرة اللاتينية
بعد غياب دام 12 عاما، استعاد المنتخب البرازيلي، التاج القاري وأحرز لقبه التاسع في بطولات كوبا أمريكا بعد التغلب على منتخب بيرو في المباراة النهائية للبطولة التي استضافتها البرازيل منتصف العام الحالي.
وكان الفوز باللقب القاري هذه المرة بمثابة انتفاضة قوية من “راقصي السامبا” بعد فترة سبات طويلة لم يعهدها عشاق السامبا من فريقهم.
وقبل انطلاق فعاليات البطولة، تلقى المنتخب البرازيلي لطمة قوية بخسارة جهود أبرز لاعبيه وهو نيمار بسبب الإصابة، لكن البرازيليين شقوا طريقهم بنجاح إلى منصة التتويج باللقب للمرة الخامسة على أرضهم علما بأن الفريق لم يصل للمربع الذهبي حتى في النسخ الثلاثة التي خاضها بعد الفوز بلقب 2007.
وتزامن فوز منتخب البرازيل بلقب كوبا أمريكا في 2019 مع إنجازات أخرى للكرة البرازيلية في هذا العام وكان في مقدمتها فوز المنتخب البرازيلي بلقب كأس العالم للناشئين (تحت 17 عاما) في البطولة التي استضافتها بلاده أيضا وقدم فيها الفريق مسيرة رائعة ليطمئن جماهيره على مستقبل السامبا.
واللقب هو الرابع للسامبا في بطولات كأس العالم للناشئين بفارق لقب عن نظيره النيجيري الذي لا يزال الأكثر نجاحا في تاريخ البطولة.
ولكن اللقب كان الأول للسامبا في مونديال الناشئين منذ 2003 حيث استعاد ناشئو البرازيل العرش العالمي بعد غياب دام 16 عاما.
وكذلك، توجت البرازيل بلقب كأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا) لفئة الناشئين (تحت 15 عاما) والتي أقيمت في باراجواي قبل أسابيع قليلة.
وعزز ناشئو السامبا رقمهم القياسي في البطولة بإحراز اللقب للمرة الخامسة وذلك بعد الفوز على المنافس الأرجنتيني بضربات الترجيح في المباراة النهائية التي انتهت بالتعادل 1- 1.
فلسفة وملامح جديدة لإيطاليا “الخضراء”
“رقمان قياسيان و10 انتصارات و37 هدفًا”.. 3 ملامح رسمت انتفاضة المنتخب الإيطالي في 2019 وعودة “الآزوري” بقيادة مديره الفني روبرتو مانشيني إلى مصاف الفرق المرشحة بقوة للمنافسة على الألقاب.
وقبل أقل من عامين فقط، تلقى المنتخب الإيطالي صفعة قوية بسقوطه في أواخر عام 2017 أمام نظيره السويدي في الملحق الأوروبي الفاصل بتصفيات كأس العالم 2018، ليغيب عن النهائيات للمرة الأولى منذ 6 عقود.
وبعد أشهر قليلة، لم يجد الاتحاد الإيطالي للعبة سوى التعاقد مع روبرتو مانشيني ليتولى تدريب الفريق بعقد ينتهي في 2020 إلا في حالة تأهل الفريق إلى بطولة كأس الأمم الأوروبية القادمة (يورو 2020) حيث يتم تمديد العقد تلقائيا في هذه الحالة إلى 2022.
ولم تكن مهمة مانشيني سهلة بالتأكيد في ظل ندرة المواهب الكروية لإيطاليا بعد اعتزال أو ابتعاد معظم العناصر التي اعتمد عليها في الفوز بلقب كأس العالم 2006 والوصول لنهائي يورو 2012.
ولكن تجارب مانشيني أثمرت أخيرًا حيث قدم الفريق انطلاقة رائعة وغير مسبوقة خلال مسيرته في عام 2019 الذي يعتبر عامًا استثنائيًا بالفعل في مسيرة الآزوري.
وخلال هذا العام، فاز الآزوري في جميع المباريات الـ10 بمجموعته في تصفيات يورو 2020 ليرفع رصيده من الانتصارات المتتالية إلى 11 انتصارًا متتاليًا بدأت من خلال الفوز الودي على المنتخب الأمريكي (1-0) في 20 نونبر 2018.
وحطم مانشيني بهذه الانتصارات الـ11، رقمًا قياسيًا ظل صامدًا على مدار 80 عامًا وهو الذي حققه فيتوريو بوتزو بين عامي 1938 و1939 عندما قاد “الآزوري” لـ9 انتصارات متتالية ليصبح أول مدرب يحقق هذا العدد من الانتصارات المتتالية مع إيطاليا حتى نجح مانشيني في تحطيم هذا الرقم القياسي.
وكان الإنجاز الأكبر لمانشيني مع الفريق هو التحول الكبير في أسلوب لعب الآزوري الذي ينتمي لمدرسة اشتهرت بالاعتماد أساسًا على الناحية الدفاعية.
وخلال مسيرة الفريق في تصفيات اليورو، كان المنتخب الإيطالي فريقًا هجوميًا من طراز رفيع حيث سجل 37 هدفًا بمتوسط هو ثلاثة أمثال متوسط التهديف في آخر 12 مباراة له قبل بدء مهمة مانشيني.
صراع مستمر بين نادال وديوكوفيتش ووجوه جديدة لدى السيدات
أنهى الإسباني رافايل نادال موسمه في صدارة تصنيف رابطة اللاعبين المحترفين في كرة المضرب، بينما تألقت مجموعة من الوجوه الجديدة لدى السيدات وأظهرت قدرتها على الإطاحة بالحرس القديم.
وتوج كل من الماتادور الإسباني والصربي نوفاك ديوكوفيتش بلقبين في البطولات الكبرى عام 2019، وأكدا ريادتهما لمنافسات الكرة الصفراء، في حين سينتظر الجيل الجديد بقيادة الألماني ألكسندر زفيريف واليوناني ستيفانوس تسيتسيباس والروسي دانييل مدفيديف والنمسوي دومينيك تييم عاما آخر لوضع حد لهذه الهيمنة على ألقاب الغراند سلام.
في المقابل، كانت الأسترالية آشلي بارتي والواعدة الكندية بيانكا أندرييسكو وجهين جديدين في لائحة المتوجات بالألقاب الكبرى، وغابت الأسماء المألوفة، لاسيما الأمريكية سيرينا وليامس، عن الأنظار.
وصل نادال إلى دورة روما في ماي الماضي دون أي لقب. تغلب على ديوكوفيتش في المباراة النهائية، وخسر ثلاث مباريات فقط في ما تبقى من الموسم، وفاز ببطولتي رولان غاروس الفرنسية وفلاشينغ ميدوز الأمريكية، قبل أن يقود منتخب بلاده إلى الفوز بلقب كأس ديفيس بنسختها الجديدة على أرضه، وينهي العام في الصدارة للمرة الخامسة في مسيرته.
وواصل الثلاثي المخضرم نادال (33 عاما) وديوكوفيتش (32 عاما) والسويسري روجيه فيدرر (38 عاما) السيطرة، فتقاسم الأولان الألقاب الكبرى، وأحرز الثلاثة خمسة ألقاب من تسعة في دورات الماسترز للألف نقطة (ديوكوفيتش في مدريد وباريس، ونادال في روما ومونتريال، وفيدرر في ميامي).
لكن العام لم يكن مفروشا بالورود أمام “الثلاثة الكبار” بسبب الإصابات والإجهاد، وهو ما لم يستفد منه لاعبو الجيل الجديد، على رغم أنهم أبانوا عن تحد كبير بقيادة مدفيديف الذي أرغم نادال على خوض 5 مجموعات في نهائي فلاشينغ ميدوز، وتسيتسيباس المتوج بلقب بطولة الماسترز الختامية.
ولدى المحترفات، مهدت بارتي وأندرييسكو الطريق أمام تألق جيل صاعد، إذ توجت بارتي (23 عاما) الموسم الأفضل في مسيرتها بإحرازها لقب بطولة الماسترز وإنهاء العام في صدارة التصنيف، في مسيرة تخللها تتويجها في رولان غاروس بأول ألقابها الكبيرة.
في المقابل، حققت أندرييسكو (19 عاما) قفزة هائلة في التصنيف بصعودها من المركز 178 إلى الخامس عالميا، متغلبة في طريقها على سيرينا في نهائي فلاشينغ ميدوز، حيث أصبحت أول كندية تفوز بلقب في منافسات الفردي في الغراند سلام.