أصبحت الكلاب الضالة تشكل خطرا يهدد السلامة الجسدية للسكان مثلما تهدد مواشيهم وممتلكاتهم، خاصة بعدما تم منع قتلها، مما زاد في ارتفاع منسوب المطالبة بتدخل الدولة لدرء الخطر. في مدينة الفقيه بن صالح، زاد عدد الحوادث المرتبطة بهذه الظاهرة لاسيما في القرى حيث قطعان من الكلاب المهملة تقتحم الحظائر وتهجم على رؤوس الماشية وتفترسها.
اهتز فلاحون الأسبوع المنصرم بدوار المغارير- لبلان- بجماعة دار ولد زيدوح، التابعة إداريا لإقليم الفقيه بن صالح، لفقدان عدد من رؤوس مواشيهم في حادث هجوم قطعان من الكلاب الضالة في غفلة منهم على الحظائر، مما جعلهم يعربون عن أملهم في أن تتدخل الدولة لتعويضهم عن خسائرهم.
يقول رضوان وردي، واحد من مربي الماشية المتضررين، إن “الحادث وقع فجأة، حيث تسللت الكلاب الضالة إلى الحظيرة وافترست أجود خرافنا ونعاجنا، شخصيا، تكبدت خسارة سبعة رؤوس من المواشي، ضمنها (فحل القطيع) وفقد مزارعون من الدوار نفسه أزيد من 15 رأسا من الغنم”.
وأضاف أن “الحادث خلف هلعا كبيرا في الدوار، وستكون لتداعياته أثارا سلبية على نفوس الكسابة، خاصة في هذه الظرفية التي تتسم بالجفاف وغلاء الأعلاف”، مشيرا إلى أن الخطر بات يهدد السكان ومواشيهم وأطفالهم الصغار أيضا.
ويروي وردي، في حديثه قائلا: “أصبحنا نخاف من الكلاب الضالة التي تتربص بمواشينا وأبنائنا، وعلى السلطات المحلية أن تتدخل لأن الوضع تفاقم بشكل كبير، ومن شأنه أن يتسبب في مآس أخرى إذا ما بقي الحال على حاله”.
وفي تصريحات متطابقة، يرى مزارعون من جماعة دار ولد زيدوح أن ما يزيد في استفحال الظاهرة هو تجمع قطعان من الكلاب الضالة على مشارف الطرق المؤدية إلى المدارس وبالحقول الزراعية المجاورة للدوار، مما يشكل خطرا على المتمدرسين والزوار.
ويطالب المتضررون السلطات المختصة والمصالح المعنية بالتدخل من أجل حماية مواشيهم وأطفالهم وتعويضهم عما لحق بهم من خسائر، لافتين إلى أن وجود هذه الكلاب الضالة بأعداد كبيرة من شأنه أن يلحق الأذى بمستعملي الطريق، مما يقتضي اتخاذ تدابير عاجلة لتفادي كل العواقب المحتملة.
وشكك المتضررون، إلى جانب بعض المزارعين في نجاعة القرارات والإجراءات التي تتخذها السلطات للحد من أخطار الكلاب الضالة، قائلين إن الرفق بالمواطن أولى من الرفق بالحيوان، وأن الخطر يتزايد يوما عن يوم دون مبادرات عملية تذكر.
واستغرب رضوان وردي، الذي فقد سبعة من خيرة رؤوس مواشيه بدوار المغارير، من موقف السلطات التي تتحدث عن موقف الجمعيات وعن موضوع الرفق بالحيوان دون التفكير في الأضرار التي تصيب “الكساب”، بالرغم من أن حديث الساكنة بات مقتصرا- من هول الصدمة- على حادث هجوم هذه الكلاب على “رزق” الفلاحين الصغار.
وأكد مزارعون أن ظاهرة الكلاب الضالة، التي باتت تشكل مشهدا مقلقا للفلاحين بإقليم الفقيه بن صالح، لم تلق التفاعل المطلوب من طرف السلطات المعنية، بالرغم من أنها كانت موضوع تنبيهات عدة من جانب عدد من الفاعلين والنشطاء المحليين بالإقليم.
من جهته، كشف محمد لغريب، باحث وإعلامي مهتم بالقضايا الاجتماعية، أن “الإحصائيات الرسمية تقدر عدد الكلاب الضالة التي تعيش بيننا بحوالي 3 ملايين كلب مهمل”، مضيفا أن المكاتب الجماعية لحفظ الصحة تجمع سنويا أزيد من 140 ألف كلب ضال وفق تقرير رسمي يعود إلى سنة 2019.
وأبرز الباحث ذاته، أن هذه الأرقام تؤشر على أن الكلاب الضالة تشكل خطرا حقيقيا على صحة وسلامة المواطنين، نظرا لما يمكن أن تسببه من أمراض، ناهيك عن الانزعاج الناجم عنها، وتأثيرها السلبي على محيط عيش السكان، مشيرا إلى أن هذه الكلاب تعتبر الناقل الرئيسي للعديد من الأمراض الخطيرة كداء السعار.
وأضاف أنه وفق معطيات وزارة الصحة (البرنامج الوطني لمحاربة داء السعار)، سجل المغرب 414 إصابة بداء السعار، ما بين سنتي 2000 و2020، بمعدل يقارب 20 حالة في السنة، من بينها 180 حالة لدى أطفال تقل أعمارهم عن 15 سنة، مشيرا إلى أن هذه الحالات تسببت فيها الكلاب بنسبة 88 في المائة، والقطط بنسبة 6 في المائة، ونادرا ما تتسبب فيها حيوانات أخرى.
- حميد رزقي