بغض النظر عن شكل مسيرة غد الأحد أو مآلها، فإن صيرورة حركة (20 فبراير) ومنظومة تحركها صارت تفرض نقاشا جديا وواضحا من لدن كل الديمقراطيين.
لقد لفتنا سابقا إلى سعي جماعات أصولية متطرفة إلى (غزو) الحركة والالتفاف على ديناميتها، ونبه بعض زملائنا وكثير من الفاعلين السياسيين بدورهم إلى عديد تخوفات مماثلة، واليوم من حقنا أن نرفع السؤال عاليا : إلى أين ؟
لقد أفرزت حركية الشارع المغربي في الفترة الأخيرة تعبيرات مطلبية وأصوات شبابية التحقت بالانشغال السياسي الوطني، وعززت النضالية العامة لشعبنا، وبذلك أحدثت دينامية سياسية لا ينكرها أحد، لكن مع ذلك فإن مسلكيات غير مفهومة، ونزوح شعاراتي ملتبس برزا ضمن صفوف الحركة، من حقنا أن نبدي تخوفا من صيرورتهما.
ما معنى الترويج مثلا لشعار الطوفان؟ ما معنى الترويج أيضا للمطالبة بمنع مهرجانات فنية؟ ما معنى النقاش العبثي الأخير حول جواز الصلاة خلال المسيرة من عدمه؟ ما معنى المسعى الذي يروج له على الموقع الاجتماعي الشهير في الأيام الأخيرة حول تنظيم محتمل لاحتجاج أو اعتصام للمطالبة بوقف (المد الماسوني) في المغرب؟ (إيه، نعم)، وما معنى أن المطالب والشعارات تبقى جامدة سواء قبل تاسع مارس أو بعده، وكأن شيئا لم يحدث؟ ثم ما معنى الإصرار على قدسية غريبة للشارع وللهتاف من دون أي ميل لبلورة الأفكار والمقترحات، ولاستحضار السياق؟
إن الحراك الذي شهده الشارع المغربي والدينامية الجارية اليوم في بلادنا هي من أجل تعزيز ديمقراطية الدولة وتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تستجيب لمطالب الشعب المغربي، وتؤمن له حياة كريمة، وتكرس الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية والعدالة الاجتماعية.
فهنا إذن توجد معارك ورهانات المغاربة اليوم، وعلى كل الديمقراطيين الانكباب عليها والالتفاف حول مسلسل النضال الواعي والمتبصر من أجل ربحها.
لكننا في نفس الآن نرفض جرنا إلى الخلف، وإلى تحريف الاتجاه.
الإصلاحات الجذرية في بلادنا، نريدها ضمن منحى ديمقراطي وحداثي ينسجم مع المشروع المجتمعي الذي اختاره المغرب، ويرتكز إلى قيم حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا.
وهنا بالذات نحتاج إلى شجاعة شباب (20 فبراير) وجرأتهم كي يعلنوا اصطفافهم الواضح إلى جانب شعبهم من دون أي ارتهان لأوساط ظلامية أو ماضوية.
فهل يرفع الشباب هذا التحدي؟ وهل يعلنوا الوضوح في المواقف وفي الأهداف وفي الأساليب وفي التحالفات؟
الكلمة للشباب…