المحامون المغاربة يعتبرون مشروع قانون المسطرة المدنية ومشروع قانون المسطرة الجنائية انتكاسة حقوقية ودستورية

عبر المحامون المغاربة عن رفضهم واستنكارهم لما جاء به مشروع قانون المسطرة المدنية ومشروع قانون المسطرة الجنائية، واصفين ذلك بـ”الانتكاسة الحقوقية والدستورية” وذلك خلال تجمع حاشد نظمته جمعية هيئات المحامين بالمغرب مساء أول أمس السبت بمسرح محمد الخامس بالرباط، تحت شعار “من أجل مسار تشريعي مسؤول ومحصن للمكتسبات الحقوقية والدستورية”.
وجدد المحامون المغاربة خلال هذا اللقاء الوطني الذي حضرته فعاليات حقوقية وسياسية، التأكيد على موقفهم الرافض لتمرير مشروع قانون المسطرة المدنية بمجلس النواب وإحالته إلى مجلس المستشارين، بالنظر إلى أن مشروع هذا القانون تضمن العديد من التراجعات الحقوقية والتناقضات التشريعية التي تهدد حقوق الدفاع وحقوق المواطن على حد سواء.
في هذا السياق قال النقيب الحسين الزياني رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب “نحن اليوم أمام أزمة حقيقية في التشريع” مشيرا إلى أن أنه رغم ما يحمله دستور المملكة من مبادئ ومكتسبات وآفاق فإن مهنة المحاماة لازالت لم تحظ بما يدعمها ويطورها ويؤهلها ويعزز تفاؤل المحامين لضمان عدالة ناجعة انسجاما مع المتغيرات الوطنية والدولية وإرساء دعائم عدالة فعالة مواكبة للتطور وتوفير مجال عمل واضح وآمن بما يعطي مؤسسات الدفاع مكانتها الحقيقية، مؤكدا على أن هذا اللقاء الاحتجاجي الوطني جاء بهدف الدود والنضال لفائدة الحرية والعدالة والقيم والإنسان، وأن حضور المحامين والمحاميات الوازن في هذه المعركة، هو تعبير واضح عن الوفاء لمهنة المحاماة وللعدالة في بلادنا.
ودعا النقيب الحسين الزياني، الفاعل السياسي، وكل القوى السياسية إلى تفعيل وتطوير أدوارهم السياسية والدستورية وإبداء رأيهم الفاعل والمؤثر في كل ما يجري الآن في بلدنا، ومعاينة ما يطلع من قوانين من رحم برلمان الأمة، اعتبرها “تقتل أحلام المحاماة وأحلام المواطن في مغرب جميل يسع للجميع ومن أجل الجميع”.
وبحسب نقيب المحامين المغاربة، فإن مهنة المحاماة ببلادنا، لازالت تتخبط فيما وصفها بـ”المآسي التشريعية” التي تحاول المس من استقلالها وحصر مجال عملها، مشيرا إلى أن ذلك هو نتاج تراكم لسياسات فشلت في تدبير القطاع، مؤكدا على أن مطالب المحاميات والمحامين ليست مادية، بل هي مطالب تهم المواطن بالدرجة الأولى، وتهم دولة الحق والقانون كهدف استراتيجي من أهداف إصلاح منظومة العدالة.
وعبر النقيب الحسين الزياني عن استغرابه لاستمرار تهميش مطالب وانتظارات المحامين الذين يتطلعون إلى قانون مهني حداثي متطور ويتطلعون لاتخاذ اجراءات حقيقية من أجل تطوير مهنة المحاماة سواء تعلق الأمر بتحديث التشريعات والقوانين أو التكوين والتدريب المستمر واستخدام التكنولوجيا وتقوية المؤسسات المهنية وتحسين الوصول إلى العدالة وتشجيع التخصص ودعم وتعزيز استقلالية المحامي والمهنة، مشيرا إلى أنه في ظل غياب مبدأ التشاركية الدستورية، فإن مجال التشريع لا يمكن أن يواكب التطورات التنموية التي تعرفها البلاد، بل يعود بمهنة المحاماة إلى الوراء، مؤكدا على أن المكانة القانونية والحقوقية والمجتمعية للمحاماة أسست في كل بقاع العالم مع جميع مؤسسات الدولة في إطار علاقات تكامل مع رسالة الدفاع، قائلا “هكذا كانت حتى عهد قريب عندما نهج شرفاء هذا البلد مبدأ التشاركية الفعلية في تعاملهم مع جمعية هيئات المحامين بالمغرب في مجال العدالة قبل إقراره في الدستور الحالي ولاشك أن تغييب هذا المبدأ وضربه بشكل علنى واستبداله بسياسة الأمر الواقع واللغة الخشبية لا يمكنه أن يخدم مصلحة العدالة ولا الوطن ويدمر حثما مكونات البناء الذي تقوم عليه منظومة العدالة”.
وتجاوب النقيب الزياني مع هتافات صضحت بها حناجر المحاميات والمحامين الذين غصت بهم قاعة مسرح محمد الخامس، وشعارات تدعو إلى التصعيد من قبيل ” كلنا فدا فدا للمحاماة الصامدة” و”المسطرة الجنائية انتكاسة حقوقية” و “اش لقينا في الحصيلة غير الكراسة والطاولة” و “كرامة الدفاع وحرية الدفاع” حيث ذهب إلى القول “إن مطالب المحاميات والمحامين ليست المساومة أو المهادنة باعتبارها قضايا مركزية متكاملة لمهنة المحاماة بدء بقانون مهنتهم ونظامهم الاجتماعي وتنزيل نظام ضريبي عادل يراعي خصوصياتهم المهنية والحفاظ على مكانتهم وموقعهم في التشريع والقوانين الاجرائية ذات الصلة بمجال عملهم وأدوارهم واستقلالهم”: مضيفا “إنه عندما يصير التشريع أداة للتهديد إلى درجة الاستبداد ووسيلة للتضييق والتهميش وعندما تشوه المفاهيم وحين تعود لغة الانتقام وتسبك محاولات تكسير جناح العدالة وإسقاطه حينها” تصبح مسؤولياتنا الأخلاقية والتاريخية أن نكرس معركة كبرى لا هوادة فيها على كل من يريد تدمير المحاماة فوق رؤوسنا لا أحد يلوم المحامين إن هم دخلوا في المعارك الكبرى”.
بدوره أكد المحامي عزيز رويبح نقيب هيئة المحامين بالرباط، على أن كل ما يقوم به المحامون اليوم، يدخل في نطاق الدستور ومن أجل الدستور، وأن المطالب التي يرفعونها هي مطالب مشروعة، وأن قضية المحامي بالدرجة الأولى هي قصية للإنسان حيث وجد وحيث كان الدفاع مقدسا، مشيرا إلى أن هذا اللقاء الحاشد نظم من أجل الكرامة والمساواة ودولة الحق والقانون، وللدفاع عن مطالب مشروعة تصب في مصلحة المواطن الذي يعد مركز تفكير وانشغالات المحامين والمحاميات.
وقال نقيب هيئة المحامين بالرباط ” لن نرض بتقزيم أدوارنا والارتكان في أضيق زاوية وإنهائنا الممنهج والمقصود بما لا ينفع الوطن والعدالة. في شيء تاريخيا موقع المحاماة في المغرب كان استثنائيا في محيط العربي والافريقي وفي أصعب الظروف التي عاشها المغرب واخطر المنعطفات السياسية ولم يتم التضييق عليهم أو المساس بحرياتهم” مشيرا إلى أن التعامل مع الدفاع استمر بنفس النهج في مختلف تقلبات مراحل الزمن السياسي المغربي وتحولاته الكبرى.
وأجمع كل المتدخلين على رفضهم لمشاريع القانونين التي تهم مجال العدالة وحقوق الإنسان، مؤكدين على ضرورة إشراك المحامين عبر تنظيماتهم المهنية في إعداد مثل هذه المشاريع التي تهم مستقبل العدالة ببلادنا، كما أن غياب مبدأ الإشراك والمشاركة هو تكريس للمشاكل التي يعاني منها المواطنون في علاقتهم بحقهم المشروع في الولوج إلى العدالة.

< محمد حجيوي

Top