غطت النقاشات والتحليلات حول نتائج ومآلات استحقاق 7 أكتوبر، على إحياء اليوم الوطني للمرأة، الذي مر، يوم أمس 10 أكتوبر، دونما كثرة ضجيج، إذا استثنينا اللقاء الذي عقدته وزيرة التضامن والأسرة المرأة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي، بمدينة الرباط، لتقديم حصيلة الخطة الحكومية للمساواة في أفق المناصفة “إكرام” الممتدة لفترة 2012-2016. وأما جمعيات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق النساء، فمازالت بدورها منهمكة في إعداد تقاريرها التقييمية بشأن حصيلة الانتخابات فيما يخص التمثيلية النسائية.
وفي حقيقة الأمر، فإنه على الرغم من أن موضوع الاستحقاقات التشريعية ظل هو المهيمن على تفكير الفاعلين والفاعلات طوال السنة الجارية، إلا أن 2016 عرفت بالتأكيد عددا من المستجدات التي تهم أساسا أوضاع النساء وانشغالات التمكين لهن اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.
فقد شهدت هذه السنة، على الخصوص، نوعا من الزخم في مجال إصدار التشريعات الخاصة بتعزيز حقوق النساء. والأمر يبدو مفهوما إذا ربطنا ذلك بمسألة المسؤولية الملقاة على الحكومة المنتهية ولايتها بضرورة تفعيل مقتضيات دستور 2011، وهي المقتضيات التي اعتبرت في حد ذاتها ثورة مغربية خالصة في مجال التمكين للنساء. وكان من الطبيعي ايضا أن تسطر الحكومة اللاحقة لتبني دستور 2011 التزاماتها بشأن تنزيل النص الدستوري وإصدار القوانين المفعلة لمقتضياته خلال السنوات القليلة الماضية.
وبالفعل، يمكن القول إن الحكومة قد نجحت، نسبيا، في الوفاء بالتزاماتها من خلال تقديم مجموعة من التشريعات والمراجعات التي تصب في هذا الاتجاه. وهكذا شهدت سنة 2016، المصادقة على القانون المتعلق بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، ومصادقة مجلس النواب على مشروعي القانون المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز والقانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، وهما المشروعان اللذين أسالا الكثير من المداد قبل وبعد إخراجهما. وعملت الحكومة كذلك على تفعيل مراجعة عدد من المقتضيات ضمن نصوص قانونية أخرى على رأسها مدونة الأسرة والقانون الجنائي.
ولأن سنة 2016 هي أيضا سنة الاستحقاقات الانتخابية، فقد كان من الضروري مراجعة القوانين الانتخابية بما يمكن من تعزيز التمثيلية السياسية للنساء، وكان أبرز مكسب تحقق للمرأة المغربية في هذا الجانب، رفع سقف التمييز الإيجابي بإقرار لائحة وطنية تضم 90 مرشحة ومرشحا من بينهم 60 امرأة ضمن اللائحة النسائية، مع فتح باب الترشيح في اللائحة المخصصة للشباب. وهو ما سيكون له أثر إيجابي أكيد على رفع التمثيلية النسائية داخل مجلس النواب.
ويذكر أن تنفيذ خطة المساواة في أفق المناصفة، التي قدمت الوزارة يوم أمس حصيلتها بالرباط، يصب بدوره في هذا المنحى، وذلك من خلال تفعيل أهدافها التي تهم كافة مجالات الحماية والتمكين، والرامية إلى “مأسسة ونشر مبادئ الإنصاف والمساواة، وإرساء قواعد المناصفة وإدماج مقاربة النوع الاجتماعي في التخطيط والميزانية والنظام الإحصائي، ونشر مبادئ الإنصاف والمساواة وتحسين صورة المرأة”.
كما شملت الخطة عملية تطوير برامج وقائية لمكافحة التمييز والعنف ضد النساء، ومأسسة التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، مع تأهيل منظومة التربية والتكوين، عبر تعميم ولوج الفتيات إلى جميع مستويات النظام التربوي، والنهوض بالتربية غير النظامية لفائدة الفتيات في الوسط القروي.
وفي جانب التمكين الاجتماعي والاقتصادي للنساء، عملت الخطة على إرساء تدابير لمحاربة الفقر والهشاشة، والنهوض بحقوق النساء المسنات، والنساء في وضعية إعاقة، ومجال الولوج المتساوي والمنصف لمناصب اتخاذ القرار الإداري والسياسي والاقتصادي، ومجال تحقيق تكافؤ الفرص بين الجنسين في سوق الشغل.
إلا أن هذه الإنجازات، قابلها وما يزال، نقاش طويل حول مدى فعاليتها في التجاوب مع الاحتياجات المرصودة في واقع النساء المغربيات، والتي ما تزال كبيرة جدا في جميع المجالات، كما توضح ذلك تقارير ومعطيات عدة مؤسسات رسمية ومدنية، وكذا مع مطالب الحركة النسائية، التي تعتبر أن الهوة عريضة بين ما هو كائن وبين ما يجب أن يكون، سواء فيما يتعلق بالحماية القانونية والاجتماعية للنساء، أو بالتمكين الاقتصادي والسياسي لهن، كل ذلك في ظل وضع يتغذى على ثقافة مجتمعية لم ترق إلى مستوى الوعي الإيجابي بأهمية المساواة والممارسة الفعلية لها.
سميرة الشناوي