جلسات البرلمان

جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية، الأولى لمجلس النواب في تركيبته الجديدة، والتي انعقدت الاثنين الماضي، حملت بعض مؤشرات الجديد، بالمقارنة مع الجلسات البرلمانية السابقة، وهو ما يجدر تسجيله، والمطالبة بتطويره، والانتقال بأداء الغرفة الأولى إلى مستوى ما يتيحه لها الدستور الجديد من صلاحيات، وأيضا إلى ما تفرضه المرحلة من ممارسة برلمانية وسياسية نوعية وذات جودة.
جلسة يوم الاثنين اعتمدت آلية السؤال المحوري، وهي وإن كانت قد جربت في السابق بطريقة أو بأخرى، فإنها هذه المرة، وبحسب تصريح لرئيس مجلس النواب، ستعتمد كأسلوب عمل في جلسات مساءلة النواب للحكومة، ما يعول عليه لجعل المؤسسة التشريعية فضاء متميزا للحوارات والنقاشات التي تستأثر باهتمام الرأي العام.
الجلسة تميزت أيضا بإقدام الحكومة على الجواب على أسئلة النواب بطريقة شمولية، أي أن الوزراء المعنيين بموضوع السؤال المحوري يتقدمون بإجاباتهم تباعا، ولا يتولى الأمر وزير واحد بشكل قطاعي، وهذا ما حصل مثلا بالنسبة للسؤال المتعلق بأحداث تازة، ويمكن لهذا الأسلوب أن يتطور لاحقا ليساهم في جعل مناقشات البرلمان أكثر عمقا وفعالية، وليقوي المراقبة البرلمانية على عمل الحكومة، ويعزز دور المؤسسة التشريعية في تقييم وتحليل ومتابعة السياسات العمومية في مختلف القطاعات.
الأسلوب المعتمد في جلسة الاثنين، من خلال المؤشرين أعلاه، مكن المتابعين ومشاهدي النقل التلفزيوني لأعمال البرلمان، من حضور جلسة برلمانية تناقش قضايا وطنية مطروحة فعلا في الساحة (الفلاحة والتقلبات المناخية، المنتخب الوطني لكرة القدم، أحداث تازة)، بل حتى بقية الأسئلة الآنية والعادية اهتمت كذلك بقضايا ذات طبيعة وطنية في المجمل، وجرى التداول بمستويات لغوية وتعبيرية مقبولة على كل حال، وتم بذلك تفادي تحويل مثل هذه الجلسات إلى منابر للدعايات الانتخابوية، ولطرح ملفات محلية وأحيانا شخصية أو بغرض تصفية حساب ما.
إن المطلوب اليوم هو انخراط كافة مكونات الغرفة الأولى، وأيضا الغرفة الثانية، في هذا المسلسل الرامي إلى الرفع من مستوى المناقشات البرلمانية، وتجويد أداء وحرفية البرلمانيين في التشريع وفي المراقبة، وذلك بدل جر المؤسسة بكاملها إلى نقاشات فقهية ومسطرية يخشى أن تزيد في تكريس الملل والرتابة لدى المغاربة، وخصوصا لدى مشاهدي هذه الجلسات عبر التلفزيون.
وبالإضافة إلى جلسات الأسئلة الشفوية، هناك الجلسات العامة واللجان، ثم هناك محطة دراسة مشروع القانون المالي، وكل المحطات القادمة التي ستخصص لإعداد وإقرار القوانين التنظيمية التي نص عليها الدستور الجديد، وهذه كلها مناسبات سيكون فيها البرلمانيون، أغلبية ومعارضة على حد سواء، أمام امتحان الرفع من مستوى ممارستهم ومعرفتهم، وأمام تحدي تغيير الصور السلبية السائدة لدى الناس على المؤسسة التشريعية، ولهذا فالكل مسؤول اليوم من أجل كسب الرهان، وبالتالي جعل البرلمان، وخصوصا الغرفة الأولى، الفضاء المركزي فعلا للحوار السياسي الوطني.

Top