حول ما حصل في البرلمان

التلاسن الذي شهدته جلسة مجلس النواب يوم الاثنين، والاتهامات التي تبودلت، وتابعها المغاربة عبر التلفزيون، بالإضافة إلى ما خرجت به صحيفة يومية صباح اليوم الموالي للجلسة، والذي يندرج بدوره ضمن السياق نفسه، كل هذا يستحق فعلا التوقف، ولا يجب أن يمر هكذا في صمت.
الأمر أولا يتعلق بالحصول على مال عام بدون وجه حق أو استحقاق، والأمر يعني مسؤولي دولة، والأمر ثالثا يتعلق بقيادات حزبية، فمنظومة البحث والتحقيق يجب إذن أن تباشر عملها فورا، وذلك لتقول للرأي العام الوطني الحقيقة فيما قيل، ثم لتحدد من المتورط ومن المفترى عليه بهتانا وزورا، ومن المحق فيما قال، ومن المفتري، وحده القانون بإمكانه الفصل في كل هذا.
من حق شعبنا أن يعرف حقيقة من ائتمنهم على تدبير شؤونه وماليته العمومية، كما أنه من حق كل من أثير اسمه في البرلمان أو على أعمدة الصحف، أن نحفظ له اعتباره وكل حقوقه إذا ثبتت براءته مما اتهم به.
إن خطورة ما قيل أو نشر، تكمن أيضا في كون ذلك يتعلق بسياسيين ليس من حقنا، ولا من باب المسؤولية أن نجعل المغاربة محبطين من كل ممارسي السياسة، ونقدم لهم الجميع كما لو أنهم لصوص ومفسدون، وكما لو أن ممارسة السياسة لصيقة بالنهب والاحتيال والاختلاس والفساد، وان أولاد عبد الواحد كلهم واحد، ولهذا وجب التحقيق فيما حصل أثناء جلسة مجلس النواب، ونشر نتائج التحقيق في اقرب وقت.
في نفس الإطار، نسجل أن السخونة التي صارت تميز بعض جلسات البرلمان لم تكن معهودة في السابق، على الأقل في السنوات الأخيرة، كما أن الأفواه صارت تفتح، والكلام يخرج من دون وجل، حتى عندما يكون مجرد مزايدات فجة، لكن مع ذلك، فسيكون عبثيا تحويل جلسات البرلمان إلى منبر للترديد الجماعي للشعارات، والضرب على الطاولات، بدل الانكباب على المهام المتعددة والثقيلة المطروحة على مؤسستنا التشريعية في سياق التنزيل الديمقراطي لأحكام الدستور الجديد.
عندما تقام القيامة في الغرفة الثانية حول الغلاف الزمني لجلسة الأسئلة مع رئيس الحكومة، وعندما تتحول الجلسات في الغرفة الأولى إلى مجرد نقاط نظام، وشتائم وضرب على الطاولات وانسحابات وتبادل اتهامات، وعندما يتسيد الكلام النابي، وأحيانا قلة الحياء في الغرفتين معا، فهناك خطر حقيقي أن تتحول المؤسسة التي ترمز للديمقراطية ولإرادة الشعب إلى مفرمل للتقدم الديمقراطي، والى كابح لمسلسل تأهيل حقلنا السياسي والانتخابي والبرلماني، وهنا الانتباه واجب على الجميع، والكل مدعو لتحمل مسؤوليته.
إن المؤسسات الموكول لها حماية تطبيق القانون، وتحقيق العدل والإنصاف مطالبة اليوم بأخذ الكلمة، وإبداء القول الفصل فيما قيل وكتب.
[email protected]

Top