خرجات غير مفهومة

الخيبة التي خلفتها جلسة مجلس المستشارين التي لم تنعقد ليس مردها فقط التعنت في الحصص الزمنية وفي الظهور على شاشة التلفزيون، وإنما أساسا في مضمون بعض التدخلات التي شهدتها الجلسة، حيث هناك من هدد رئيس الحكومة بأنه سيكون له بالمرصاد، ومن قال بأنه لن يسمح للحكومة أن تتدخل بالشكل الذي تدخلت به في الغرفة الأولى، وهناك أيضا الكثير من الكلام غير المسؤول الذي قيل، حتى أن رئيس مجلس (الحكماء) لم يتردد في الإلقاء بوصف (الغوغاء) في ساحة الكلام، وكان بالفعل وصفا دقيقا.
مساء أول أمس حل رئيس الحكومة ضيفا على القناتين الوطنيتين وشرح للمغاربة تصور حكومته، وتكلم عن الزيادة الأخيرة، وعن واقع البلاد وعن المستقبل، وهي ذات القضايا التي كان سيتم التواصل بشأنها في الغرفة الثانية، وسيتفاعل معها المستشارون بالسؤال والتعقيب والنقد أو التأييد، لكن فقر بعض العقول ضيع الفرصة على الكل.
اليوم عندما ينبري حزب وجد نفسه معارضا للحديث عن القضايا الاجتماعية، ويكتب في عناوينه أن القناع سقط عن وجه الحكومة الحالية، يكاد المرء يجن من هذا الشرود.
كيف لمن دافع ونظر للتقويم الهيكلي أن يتكلم اليوم عن الأقنعة وعن سقوطها، وهو من انكشفت منذ سنوات كل عوراته؟
كيف لمن هو نتاج سياسة التحكم والهيمنة، وبأن مقعده البرلماني لم يكتسبه سوى جرا ودفعا، أن يرغد اليوم ويزبد متوهما الدفاع عن مصداقية هو نفسه الدليل عن الضربات التي استهدفتها في السنوات الأخيرة؟
ومن نفس كناش الغرائب هذا، كيف نفسر إصرار صحيفة على أن تكون صندوق بريد وبوق للوبيات الفساد في قطاع الصحة، وتتزعم حملة مناهضة أي إجراء حكومي للتخليق ولتطبيق القانون، بل هي الأخرى تنتقد الزيادة في أسعار المحروقات وفي اليوم الموالي يخرج كبيرها ليخط بالبنط العريض أن رئيس الحكومة كان شجاعا، وأن القرار كان يجب أن يتخذ منذ سنوات؟
كيف يأخذ البعض محاور النقاش والتفكير التي تنكب عليها قيادات الأغلبية فيما بينها لبلورة مواقف مشتركة بشأن الإعداد للانتخابات المقبلة، ويعتبرها خلافات؟ هكذا بجرة مزاج، علما أنها أسئلة سيكون أيضا على أحزاب المعارضة أن تجيب عنها، وعلى البلاد كلها أن تتوافق بشأنها قبل مباشرة الاستحقاقات.
نحتاج فعلا إلى منطق يحكم كل هذه الأشياء…
بعض معارضتنا التي ليس بينها وبين المعارضة سوى الخير والإحسان، ولم تعرف يوما للمصداقية طريقا، عليها أن تستحيي حقا، وتخجل مما تقوله اليوم، ومما فعلته طيلة عقود في حق بلادنا وشعبنا.
لنرفع مستوى الكلام أيها السادة.
[email protected]

Top