دينامية تشريعية في قطاع الإسكان

سجل المتابعون في الفترة الأخيرة بروز حيوية تشريعية وتنظيمية على صعيد القوانين والنصوص ذات الصلة بالإسكان والتعمير وسياسة المدينة، وذلك من خلال نصوص تم إقرارها في البرلمان، وأخرى صادق عليها مجلس الحكومة مؤخرا، وفق المساطر والمقتضيات القانونية ذات الصلة.
وليس هذا العمل بلا أهمية أو أثر، ذلك أن الفراغات التي تحيط بالقطاع واشكالياته، هي التي تتيح تكريس ممارسات ريعية أو فوضوية، أو أحيانا تدليسية وابتزازية يكون في الغالب المواطن/المستهلك هو ضحيتها، وبالتالي، فإن سد هذه الفراغات القانونية والتنظيمية والمسطرية يروم حماية السكان أولا وقبل كل شيء، وتطوير إمكانات ولوجهم إلى سكن لائق.
في السياق نفسه، وحيث أن المقاولين المستثمرين في القطاع ليسوا كلهم من ضمن مصاصي عروق الناس، أو محترفي التدليس، بل هناك من يسعى إلى العمل وفق القانون، وتحقيق أرباح مشروعة، فإن التأهيل القانوني والتنظيمي للقطاع، يساهم في تطوير شفافيته، وفي توضيح قواعد العمل وترسيخ تكافؤ الفرص، أي تحسين مناخ الأعمال والاستثمار، وهذا ما يمكن بلادنا أيضا من اكتساب نقاط على مستوى المؤشرات ذات الصلة، ويحسن جاذبيتها الاستثمارية لدى الفاعلين المغاربة والأجانب، وهو ما يمكن أن يؤدي، في نهاية المطاف،  إلى تقوية العرض السكني وتطويره وإنماء التنافسية المشروعة بداخله.
من المؤكد أن لوبيات الريع داخل هذا القطاع المدر لكثير من الأموال  لن تقبل الانتظام في دائرة الوضوح، أو الاحتكام، بسهولة، إلى مقتضيات القانون، لكن الإصرار على التقنين، وأيضا على تقوية العرض، سيمكن في النهاية من فرض شروط عمل جديدة لن يكون فيها مجديا التشبث بأساليب الاحتيال المعروفة اليوم.
إن الانكباب إذن على الفعل، وعلى الانجاز بلا كثير كلام للاستهلاك، والاعتماد على المدخل القانوني لإحاطة القطاع بالضمانات التشريعية والمؤسساتية والاحترازية، يعتبر استثمارا في العمق، فضلا على أن الحرص على الوصول اعتمادا على مشاركة المهنيين الحقيقيين، والمستثمرين الحقيقيين، وعلى قبولهم وتوافقهم، يعتبر أيضا أسلوبا عقلانيا لا يخلو من بعد نظر، ومن إصرار على السير بتوازن نحو نتائج تكون دائمة وممتدة وذات أثر ملموس على الواقع الفعلي للناس.
يبقى أن المستمرين العقاريين الحقيقيين عليهم اليوم هم أيضا مواكبة هذه الدينامية التشريعية والقانونية والإجرائية الجارية، وذلك بمبادرات وخطوات شجاعة وجريئة تروم تأسيس انطلاقة مهمة في القطاع، والزيادة في إقبال الناس، وهذا الانخراط الوطني لهؤلاء الفاعلين من شأنه أن يفتح أفقا جديدا لتطوير مصالحهم هم أولا، وأيضا تطوير وتيرة إقبال الأسر المغربية على المنتوج المعروض في السوق.

Top