رحيل صاحب مصطلح «الحساسية الجديدة» إدوارد الخراط

بيان24 عبد العالي بركات
كان للكاتب المصري إدوارد الخراط الذي غادر دنيانا أول أمس الثلاثاء، إسهام كبير في تحديث القصة القصيرة، ممارسة ونقدا، قام بالتنظير لهذا الفن وقدم جيلا جديدا من الأدباء، وسمهم بكونهم يمثلون حساسية جديدة.
لقد كان أول من نحت مصطلح الحساسية الجديدة، اعتبارا منه أنها “ليست قالبا مصمتا أحاديا نمطيا، فما يجمع بين إبداعاتها المختلفة باختلاف كتابها وباختلاف تياراتها الأساسية، أنها انقلابية على قواعد الإحالة على الواقع، لأن الواقع يحتمل معاني كثيرة”.
 كان الراحل صديقا للمثقفين والأدباء المغاربة، وعمل على التعريف بنماذج من الأدب المغربي الحديث في المشرق، سواء من خلال سهره على إعداد ملفات بهذا الخصوص، أو من خلال مجموعة من قراءاته النقدية التي كانت تنصب على العديد من الأعمال الأدبية المغربية، خاصة في مجالي القصة القصيرة والرواية.
 لقد استطاع الراحل إدوار الخراط أن يوازن بين الكتابة القصصية والروائية والتنظير لهما والبحث فيهما ونقدهما. وهذا الأمر نادرا ما يتحقق لدى الأدباء. لقد تحدى تلك القولة التي تفيد أن الناقد هو أديب فاشل. الخراط حافظ على المستوى الراقي لكتاباته النقدية والإبداعية؛ فبقدر ما تفوق في قصصه ورواياته، بقدر ما تفوق في مقالاته النقدية.
 وكانت له إضافته النوعية على هذا المستوى، ولا أدل على ذلك الموقع الذي بات يحتله إنتاجه في البحث الأكاديمي.
 تمتاز الكتابة القصصية والروائية للراحل، بصورها الشعرية. كان نثره يرقى إلى الشعر، وكان يبرز بوضوح اشتغاله الدؤوب على القاموس اللغوي، حيث أنه لم يكن يضع الجمل والعبارات بشكل اعتباطي، أو من أجل ملء فراغ الصفحة، بل كان يقوم بنحتها، ولهذا السبب كان أغلب كتبه يقع في صفحات جد محدودة، دون أن يعني ذلك أن القارئ قد يجد يسرا كبيرا في الانتهاء من قراءتها، بل كان يحفز متلقي إنتاجه على إعمال تفكيره وشحذ ذاكرته.     
  فضلا عن ممارسته الإبداعية والنقدية، كان الفقيد فاعلا جمعويا بارزا، وتجلى ذلك بالخصوص في عمله بمنظمة تضامن الشعوب الإفريقية والآسيوية وفي منظمة الكتاب الإفريقيين والآسيويين خلال الفترة الممتدة من أواخر الخمسينات إلى بداية الثمانينات من القرن العشرين.
  ومن إنتاجاته الأدبية، نذكر بالخصوص: “حيطان عالية”، “ساعات الكبرياء”، “رامة والتنين”، “الزمن الآخر”، “أضلاع الصحراء”، “يقين العطش”، “الحساسية الجديدة”.
 نال عدة جوائز، اعترافا بقيمة إنتاجه الأدبي، من بين هذه الجوائز: “جائزة الصداقة الفرنسية المصرية”، “جائزة سلطان العويس”، “جائزة كفافيس”، ” جائزة الجامعة الأمريكية لنجيب محفوظ”، “الجائزة التقديرية”، “جائزة الرواية”..
 غير أنه كان له منظور آخر للجوائز، ولم يكن ينتظرها، على خلاف العديد من الأدباء المعاصرين الذين صار همهم الأوحد هو عند انتهائهم من عمل إبداعي، التوجه به نحو المشاركة في مسابقة أدبية ما. كانت الجائزة الحقيقية بالنسبة إليه هي نيل محبة القراء.

Related posts

Top