يعتبر سوق «القريعة» بالدار البيضاء أحد أكبر الأسواق بالمغرب وأشهرها بشمال افريقيا، فبالإضافة الى زواره من الساكنة الاقتصادية، فإن هذا السوق معروف أيضا بزواره الذين يأتون من مدن بعيدة عن العاصمة الاقتصادية لاقتناء منتوجات وسلع لا تتوفر إلا في هذا السوق الذي تقتات منه الأف الأسر.
يعتبر سوق «القريعة» بالدار البيضاء أحد أكبر الأسواق بالمغرب وأشهرها بشمال افريقيا، فبالإضافة الى زواره من الساكنة الاقتصادية، فإن هذا السوق معروف أيضا بزواره الذين يأتون من مدن بعيدة عن العاصمة الاقتصادية لاقتناء منتوجات وسلع لا تتوفر إلا في هذا السوق الذي تقتات منه الأف الأسر.
أغلب الأشياء المعروضة تبدو غير ذات قيمة
كل شيء يباع في هذا السوق، حتى الأشياء التي لا تساوي شيئاً ولا يسأل عنها أحد تعرض في ذلك الفضاء، الذي حوله الباعة المتجولون سوقاً منذ أزيد من 50 سنة، فأضحى الناس يقبلون عليه. البعض يأتي إلى هنا ظناً منه أنه قد يفوز بتحف نادرة لا يدرك قيمتها عارضها، آخرون تقودهم أقدامهم إلى هنا، فقط من أجل قضاء الوقت. فلا شيء يثير لديهم رغبة الشراء.
تبدو أغلب الأشياء المعروضة في سوق القريعة الشهير الواقع بحي درب السلطان بقلب الدار البيضاء غير ذات قيمة.. قنينات فارغة، مستحضرات تجميل تحوّل لون ورقها إلى الأصفر، أعداد قديمة من صحف أسبوعية، كتب قديمة ممزقة أغلبها، مفاتيح وأقفال صدئة، كراسٍ، سراويل وقمصان وجوارب تغيرت ألوانها من شدة الاستعمال، أحذية قديمة نالت منها الطرقات.
كل شيء معروض على الأرض المغبرة دون أي تنسيق، أصحاب تلك المعروضات لاهون عنها. لكن ما إن تقف كي تلقي نظرة على ما يعرضونه حتى يقترب أحدهم، كي يوحي بأنه صاحب المكان.
وعندما تسأل من خبروا بتفاصيل ذلك المكان عن مصدر تلك «السلع» المعروضة، يوضح لك، بأنها تأتي في غالب الأحيان من أشخاص يجوبون الشوارع والأحياء والأزقة مساء، حيث يبحثون عن أشياء تخلت عنها الناس خاصة في الأحياء الراقية.
باعة يفرشون سلعهم على الأرض
كل ما يعثرون عليه ينتهي في ذلك السوق هناك. يفرغون عرباتهم فوق الأرض، ولا يتجشمون عناء فرز ما احتوته. لا يحدّدون مسبقا ثمناً لها، بل يصرحون به للسائل حسب مزاجهم في أغلب الأحيان. باب المساومة مفتوح على مصراعيه هنا. غالبا ما يتفق الطرفان على ثمن كل واحد يبدو راضياً عنه.
يأتون من الأحياء الفقيرة والهامشية، يطلبون رزقهم من تلك السلع التي يعثرون عليها بين الأشياء التي تخلى عنها الآخرون. هذا المكان ليس حكرا على الرجال، فقد ارتادته النساء منذ سنوات. نساء من مختلف الأعمار، زوجات وأرامل ومطلقات، يأتين إلى هناك، حيث يعرضن أواني وملابس وأحذية.
لكن أغلبهن لا يهرعن إلى المكان من أجل البيع والشراء فقط، بل إن منهن من يهربن من الرتابة ويستغللن الفرصة كي يخضن في أحاديث تتناول شؤون الحياة والناس، إلى أن يهل سائل عن بضاعتهن.
ليلى الحوري، تتحدث عن حكايتها مع ذلك الفضاء. فقد كانت تتردد عليه من أجل شراء، بعض الأشياء بأبخس الأثمان، وسرعان ما توطدت علاقتها ببعض النسوة البائعات، اللواتي أقنعنها بالانضمام إليهن، لعلمهن بأن زوجها، الذي يعمل حارس سيارات لا يستطيع تلبية حاجيات الأسرة. اشترت ملابس مستعملة من أحد أسواق الملابس المستعملة، والتحقت بأولئك النسوة اللواتي أفسحن لها مكانا بينهن في ذلك المكان، كي تعرض الملابس. مقامها هناك تجاوز العشرة أعوام، لم تتخلف يوما عن السوق، فقد أضحى رزق لها فيه يغنيها عن السؤال.
رواد يبحثون عن قطع ملابس نادرة
في هذا السوق تتكدس أكوام من الأقمصة والسراويل والصدريات النسائية وغيرها من الملابس القديمة.
يتاجر محمد في الملابس المستعملة أكثر من 16 سنة، يغامر محمد وهو يجلب الملابس القديمة المهربة من مدينة سبتة، حيث يشحنها على متن شاحنات تتوجه بها إلى الدار البيضاء تحت جنح الظلام خوفا من مصادرتها من قبل للجمارك أو الدرك الملكي. حدث أن تحمل خسائر مالية عندما صودرت منه هذه السلع. يضج هذا السوق بالباحثين عن ملابس التي ينعدم نظيرها في محلات الملابس الجديدة. رجال ونساء من مختلف الأعمار يقصدون السوق للتبضع.
بعض الناس يبحثون في هذا السوق عن رزقهم يبيعون ويشترون في كل شيء. إنهم يشغلون أنفسهم ويؤمنون رزقا يقيهم السؤال. هؤلاء الناس يخلقون لأنفسهم نشاطاً تجارياً يريدون من خلاله الفوز بنصيبهم مما تجود به مدينة الدار البيضاء. وتساهم أسواق السلع المستعملة في حل مشكلة البطالة في صفوف الشباب ومن هم في حاجة إلى العمل.
بيان24