عبد الرحيم البرديجي: يجب إطلاع المغاربة على الخلفية التاريخية التي تؤكد مغربية الصحراء

من بين القضايا التي طبعت النقاش أيام ملتقى طنجة للشباب والديمقراطية الذي نظمته الشبيبة الاشتراكية، قضية الوحدة الترابية للمغرب، بحيث أطر الأستاذ عبد الرحيم البرديجي رئيس جمعية حوار الصحراوية –الإسبانية، ورشة حول العلاقات بين الضفتين بين الماضي والمستقبل، تطرق فيه إلى نزاع الصحراء المغربية وأصل المشكل في ترافع قوي أمام الوفد الإسباني المشارك، حيث تمحور النقاش حول التاريخ الاستعماري لإسبانيا وتحرير الصحراء تدريجيا مع العودة إلى افتعال البوليساريو للنزاع، «بيان اليوم» حاورت الأستاذ الباحث في هذا الشأن ليقربنا أكثر من بعض المخرجات لهذه القضية والخطوات التي من الممكن أن تعطي إضافة نوعية لقضية المغاربة الأولى، قضية مغربية الصحراء.

> عرف هذا الملتقى المتوسطي للشباب نقاشا قويا حول قضية الصحراء، كما أنك أسهمت في تأطير الشباب في هذا الجانب من أجل أن يترافعوا بشكل جيد عن القضية، كيف تقيمون دور الديبلوماسية الموازية في التعريف بالقضية الوطنية؟

< الديبلوماسية الموازية قالها الملك محمد السادس صراحة أن على الجميع أن يتحمل مسؤوليته، الوقت الذي كان الملف محتكرا من طرف جهة معينة فقط، كنا في حالة جمود، والديبلوماسية الرسمية لم تتحرك بالطريقة التي كان عليها أن تتحرك بها، خصوصا وأننا نرى أن أعداء الوحدة الترابية يتعاملون بطريقة ماكرة، والديبلوماسية الموازية اليوم عليها أن تعمل، والسؤال هو كيف ستعمل، والمؤسف أن آلية العمل غير موجودة، فالديبلوماسية الموازية المتمثلة في الجمعيات والهيئات الحزبية وفي الطلبة غير مكونة، فالكثير لا يعرف كيف يتعامل مع القضية الترابية، وهذا راجع بالأساس إلى الجهل بالخلفية التاريخية للنزاع، بحيث أن الكثير لا يعرف عن كرنولوجية النزاع، ولا أسماء المحتجزين بمخيمات تندوف، وهذا لا يعقل، لذا يجب بداية أن نعطي أولوية للمد التاريخي وإطلاع المغاربة على الخلفية التاريخية التي تؤكد مغربية الصحراء.

> جزء كبير من الرأي العام الاسباني في الغالب لا يشاطر المغرب أطروحته، كيف تفسر ذلك؟

<  دعني أعود بك إلى أصل هذا المشكل، إن رجعنا إلى نهاية السبعينيات سنجد أن البوليساريو بعثت بعثات طلابية مع منح إلى اسبانيا، على أساس أن تكون أطروحتهم وبحوثهم حول الصحراء بالمنظور المضلل الذي تزعمه البوليساريو، وبالفعل، في أوساط الثمنينيات أنهى هؤلاء الطلبة دراستهم في حين ظلت بحوثهم في الجامعات الاسبانية، وبعد ذلك، أي إسباني يريد أن يكتب عن الموضوع يعود إلى المراجع المكتوبة والشرائط الوثائقية، وهنا يصادف فقط المراجع التي تركتها البوليساريو بإسبانيا، في حين نحن المغاربة لم نترك مراجع في هذا الصدد، لأننا لم نرسل إلا بعثتين ربما إلى إسبانيا على مدى عقود من الزمن، في حين كما ذكرت البوليساريو أرسلت بعثات مكثفة إلى العديد من الجامعات الإسبانية وتغلغلت بحوثها المضللة هناك، فهذا إشكال عويص، على الدولة أن تتداركه من خلال تمويل البحوث وإرسال بعثات طلابية متخصصة في هذا الشأن وتسهيل مأمورية الباحثين المغاربة، أنا شخصيا أؤلف كتابا عن تاريخ النزاع، وقضيت سنيتن مع الأرشيف الإسباني والبحث الذي أعده يتضمن 24 وثيقة، كل وثيقة تكلف 78 أورو، أنا شخصيا أتوفر على مورد رزق أسد به هذه الحاجات لكن بالنسبة للطلبة والباحثين الذين لا يتوفرون على دخل، هذا أمر مؤسف. يجب على الدولة أن تتحرك لتمويل الطلبة والباحثين في هذا الجانب.

> باعتباركم ناشطين في المجتمع المدني وترأسون جمعية للترافع عن قضية الصحراء ما هي الآليات التي يجب أن تكتسبها هيئات المجتمع المدني للترافع عن هذه القضية؟

<  أولا هذه مبادرات مهمة، لكن يجب بداية تكثيف الدورات التكوينية لفائدة المجتمع المدني والشباب والطلبة والخلايا الحزبية و لأي شخص يمكن أن يرافع عن قضيتنا الوطنية، وذلك من خلال إطلاعه على أصل النزاع والكرنولوجية وتلقينه نقط ضعف ونقط قوة الخصوم، وثالثا نقاط ضعفنا ونقاط قوتنا كذلك، بالإضافة إلى تقنيات الترافع، وهذا سيجني منه المغرب نتائج كبيرة وجيدة، أشير فقط إلا أن جاليتنا بإسبانيا تفوق مليون شخص، لو أن كل فرد كان متمكنا من الترافع واستطاع أن يقنع خمسة أشخاص إسبانيين فقط، سنقنع الرأي العام الإسباني كله، أشدد على ضرورة التوجه في هذا الإطار من أجل ترافع قوي لقضيتنا الوطنية الأولى، قضية الوحدة الترابية. ونحن في جمعية حوار الصحراوية – الاسبانية، وهي جمعية تحمل الاسم الجغرافي للمغرب وتحتضن أساتذة ودكاترة رفضوا العودة إلى مخيمات تندوف بعدما عادوا من كوبا، نشتغل على تأطير الطلبة وتلقينهم القوة في إحراج الخصوم من خلال مدهم بوثائق تاريخية واتفاقيات تدل على مغربية الصحراء، فمثلا اتفاقية أرخويس خير دليل على مغربية الصحراء، وهذه الاتفاقية تمت بين السلطان محمد بن عبد الله وكرلوس درثيرو، وتبين أن إسبانيا حين احتلت الصحراء لم تجدها أرضا خلاء بل منطقة آهلة بالسكان المغاربة ولهم بيعة للسلطان المغربي آنذاك، إضافة إلى اتفاقية وادراس واتفاقية مع الإنجليز في 1895، وأحداث ماكنزي بطرفاية، هناك العديد من الوثائق لا تحصى تبين مغربية الصحراء، يجب فقط تقديمها وشرحها للمغاربة.

> من منظورك، ما هي الأساليب التي يجب أن تسلكها المؤسسات في المغرب من أجل نجاعة الترافع على القضية الوطنية؟

< أولا يجب تقوية المنهج التعليمي كما ذكرت، فتاريخ الصحراء يجب أن يدرسه للأطفال منذ السنوات الأولى، وذلك من أجل إخراج جيل قادر على مواجهة الخصوم وأعداء الوحدة الترابية وإحراجهم في النقاشات الموازية على هامش المحافل والملتقيات الدولية، كذلك كما أشرت سابقا تمويل البحث الأكاديمي والعلمي في هذا المجال، وبعث وفود طلابية للجامعات الأوروبية، ثم تكوين المجتمع المدني وتكثيف الدورات التكوينية، كما لا أنسى الأحزاب السياسية التي يجب عليها أن تثقف قواعدها في هذه القضية، أمر آخر كذلك مهم وهو زيارة الصحراء، يجب على المغاربة أن يتوجهوا لصحرائهم ويطلعوا عن كثب على جغرافيتها، يجب علينا أن نتجاوز أسلوب التظاهر الذي لم نجني به ربحا، وأن نتوجه نحو أسلوب الحوار، فالتظاهر أضحى أسلوبا تقليديا. أنوه بعمل الشبيبة الاشتراكية، التي أطرت ورشة خلال هذا الملتقى المتوسطي للشباب والذي تمكنا فيه من النقاش مع جزء من الرأي العام الإسباني، كذلك سبق وأن نظمنا مع حزب التقدم والاشتراكية ورشة في هذا الصدد، لذا أدعو الجميع إلى العودة إلى التاريخ والتشبع بالوثائق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وتعلم اللغات من أجل ترافع قوي وإحراج خصومنا خصوم الوحدة الترابية.

 حاوره: محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top