يعيش الأوروبيون في حالة تأهب جديدة بعدما علقت إمدادات الغاز الأربعاء عبر خط أنابيب “نورد ستريم” الذي يصل حقول سيبيريا بألمانيا، بسبب أشغال صيانة يتوقع أن تستمر ثلاثة أيام، فيما يتواصل ارتفاع أسعار الطاقة.
وأوضحت مجموعة غازبروم العملاقة في بيان على تطبيق تلغرام الأربعاء أنها أوقفت “بالكامل” إمدادات الغاز عبر خط نورد ستريم بسبب “بدء أشغال مقررة في محطة لضغط الغاز” تابعة لنورد ستريم.
وأشارت بيانات نشرتها شبكة “إنتسوغ” الأوروبية لنقل الغاز إلى توقف تدفق الغاز بالكامل منذ الساعات الأولى من صباح الأربعاء في خط الأنابيب الذي يربط مباشرة حقول الغاز في سيبيريا بشمال ألمانيا. ومن هناك يتم تصدير الغاز إلى دول أوروبية أخرى.
وأكدت غازبروم في وقت سابق، أن أشغال الصيانة هذه، والمقرر استمرارها حتى السبت، يجب أن تحصل “كل ألف ساعة”، أي كل 42 يوما تقريبا.
غير أن موارد الطاقة حاليا في صلب المواجهة القائمة بين روسيا والدول الغربية التي تتهم موسكو باستمرار باستخدام الغاز “كسلاح”، في سياق الحرب في أوكرانيا.
وخلال الأشهر الأخيرة، خفضت غازبروم إمداداتها من الغاز عبر “نورد ستريم” بنسبة 80%.
واعتبر رئيس هيئة تنظيم قطاع الطاقة في ألمانيا كلاوس مولر أن الأشغال الحالية “غير مفهومة على المستوى التقني”.
ولفت إلى أن التجارب الماضية تشير إلى أن روسيا “تتخذ قرارا سياسيا بعد كل ما تسميه +أعمال صيانة+”.
يضاف إلى المخاوف من نقص في موارد الطاقة في فصل الشتاء المقبل نتيجة لتراجع الإمدادات بالغاز، ارتفاع جديد في أسعار الكهرباء التي بلغت في الأيام الأخيرة مستويات قياسية، ما ينذر باحتمال ارتفاع فواتير المستهلكين الأوروبيين.
وبالحديث عن عودة الإمدادات بعد التوقف الذي سيطول ثلاثة أيام، قال المتحدث باسم الحكومة الروسي دميتري بيسكوف إن العواصم الغربية “فرضت عقوبات على روسيا لا تسمح بتنفيذ أشغال صيانة وإصلاح طبيعية”.
وتصريحات بيسكوف غير مطمئنة في ضوء أحداث ماضية، منها أعمال الصيانة التي نفذتها غازبروم لعشرة أيام في يوليو على خط أنابيب “نورد ستريم”. فالمجموعة استأنفت ضخ الغاز بعد الأشغال، لكنها خفضت الشحنات التي أصبحت حاليا تساوي 20% من السعة العادية لخط الأنابيب.
في الأسابيع الأخيرة بررت روسيا خفض شحناتها من الغاز بعدم إعادة توربين سيمنز، الذي تم إصلاحه في كندا، إلى ألمانيا، بسبب العقوبات. وتتهم دول أوروبية موسكو بتأخير عودة التوربين لتتمكن من تبرير خفض شحناتها وبالتالي الضغط عليها.
وقبل بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، كان نورد ستريم ينقل حوالي ثلث كمية الغاز التي يشتريها الاتحاد الأوروبي سنويا وتبلغ 153 مليار متر مكعب، ثم يصدر الغاز من ألمانيا إلى عدة دول أوروبية.
يسود عدم اليقين أيضا على ميناء لوبمين عند بحر البلطيق حيث ينتهي خط “نورد ستريم”.
وفي حديث مع وكالة فرانس برس يقول أحد المسؤولين في شركة “غاسكيد” لنقل الغاز عبر “نورد ستريم” في ألمانيا “في يوليو، كانت الصيانة دورية ومخطط لها منذ فترة طويلة. أما هذه المرة، لم يكن مخطط لها ولا ندري ماذا تخبئ هذه العملية”.
في مواجهة مخاطر حدوث أزمة طاقة كبيرة هذا الشتاء، يكافح الاقتصاد الأوروبي الأول، منذ عدة أشهر، لإيجاد بدائل للغاز الروسي الذي تعتمد عليه برلين كثيرا ولتقليل استهلاكه.
قال المستشار الألماني أولاف شولتس الثلاثاء إن جهود بلاده بدأت تثمر، معتبرا أن ألمانيا “في وضع أفضل بكثير في أمن الإمدادات مما كان متوقعا قبل شهرين” ومن ناحية “التعامل بشكل جيد مع التهديدات من روسيا”.
وأعلن وزير الاقتصاد روبرت هابيك الأحد أن خزانات الغاز تمتلئ بشكل “أسرع من المتوقع” على الرغم من الخفض الحاد في الإمدادات الروسية.
وقالت وزارته إن هدف التخزين الذي حددته الحكومة لشهر أكتوبر عند 85% “يتوقع أن يتم الوصول إليه في بداية شتنبر”.
في الوقت نفسه، في يوليو استهلك قطاع الصناعة الألماني الذي يمتص عادة كميات كبيرة من الطاقة، كميات من الغاز اقل بنسبة 21,3% من معد ل الاستهلاك الذي سجل في أشهر يوليو من 2018 حتى 2021.
وسيبدأ تشغيل محطات عائمة جديدة للغاز الطبيعي المسال هذا الشتاء، في إشارة إلى ارتفاع اللجوء لاستخدام الغاز الطبيعي المسال.
وستكون أول محطة في ميناء لوبمين وستسمح له بالتعويض عن جزء من كميات الغاز التي لم تعد تصل إليه عبر “نورد ستريم”.
وقال ستيفان كنابي، رئيس مجلس الإشراف في شركة “دوتشيه ريغاس” التي تتولى تنفيذ مشروع المحطة العائمة بالغاز الطبيعي المسال في لوبمين، “نأمل أن نتمكن من ضخ الغاز في شبكة التوزيع في الأول من دجنبر”.
أ.ف.ب