في الحاجة إلى “نفس ديمقراطي جديد” في الوطن والحزب

تنطلق اليوم الجمعة بمركب مولاي رشيد للشباب والطفولة ببوزنيقة، أشغال المؤتمر الوطني العاشر لحزب التقدم والاشتراكية تحت شعار: “نفس ديمقراطي جديد”.
التقدميات والتقدميون يستقبلون هذا اليوم في بوزنيقة، على غرار ما دأبوا عليه في كل مؤتمراتهم السابقة، مئات الضيوف من شخصيات سياسية واقتصادية ونقابية وحقوقية وجمعوية وثقافية وإعلامية، فضلا عن وفود حزبية أجنبية صديقة، وأيضا المؤتمرات والمؤتمرين القادمين من كل جهات المملكة وفروع الخارج، وذلك في جلسة افتتاحية عمومية حاشدة تعلن بداية فعاليات مؤتمرهم الوطني.. ومن المؤكد أن هذه اللحظة ستكون ضاجة بالإشارات والدلالات السياسية والتنظيمية، وستعكس المعروف عن مناضلات ومناضلي حزب التقدم والاشتراكية طيلة كل تاريخهم وتاريخ حزبهم اليساري التقدمي الذي يزيد عمره عن سبعة عقود، أي الحرص الجماعي على حماية وحدة صفوفهم واستقلالية قرارهم الحزبي والسياسي والتنظيمي.
في مختلف المحطات الصعبة كان الحزب التقدمي ينبعث موحدا وقويا ومتجددا، وأيضا متطلعا إلى المستقبل.
هذه ليست خاصية “جينية” فقط يتميز بها أعضاء حزب التقدم والاشتراكية، ولكنها حقيقة راسخة يكرسها الحزب في كل مرة.
المؤتمر الوطني العاشر لحزب التقدم والاشتراكية ينعقد اليوم ضمن سياق سياسي وطني ووضع مجتمعي عام لا يخلو من بواعث قلق وسط المواطنات والمواطنين، كما أن فئات كثيرة وسط شعبنا وفعاليات سياسية واقتصادية متعددة لا تخفي إحساسها بالاستياء من ظروف شعبنا وأوضاع عيشه، ومن عديد ممارسات سياسية وغيرها، وكل هذا يجعل شعار المؤتمر ممتلكا لمعناه، ومعبرا عن الحقيقة الوطنية، ويجسد حاجة موضوعية وملحة لدينامية ديموقراطية ونفس قوي بالنسبة لبلادنا، يستحضران الأفق الذي كان قد دشنه دستور 2011، ويرتكزان كذلك على وعي حقيقي وإرادة جماعية بضرورة إنجاح الإصلاحات وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة…
النفس الديمقراطي الجديد المتضمن في شعار مؤتمر حزب التقدم والاشتراكية، هو مطلب وحاجة ومهمة ذات أولوية اليوم، وهو يعني التطلع الوطني العام لشعبنا، ولكن أيضا هو لا يخلو من معنى حزبي داخلي يهم التنظيم والمناضلين.
مؤتمر حزب التقدم والاشتراكية ينعقد بموجب مقتضيات تنظيمية جديدة لم يعتد عليها الهيكل الحزبي من قبل، وقامت مؤسسات الحزب من قبل باعتمادها، وهي اليوم تمثل أيضا سعيا جماعيا من المناضلات والمناضلين لتأسيس مرحلة تنظيمية جديدة، من أبرز عناوينها: إشراك أكبر للهياكل الحزبية المحلية والإقليمية والقطاعية في رسم معالم بناء الحزب وتكوين قيادته الوطنية، وأيضا تمتين الصرامة التنظيمية وربط المسؤولية بالمحاسبة عبر  كافة مستويات العمل الحزبي التنظيمي، ومن ثم، فهذه المنظومة التنظيمية المتجددة هي نفسها تعتبر نفسا ديمقراطيا جديدا يود الحزب اليوم ضخه في بنيانه العام.
حزب التقدم والاشتراكية ينتصر في مؤتمره العاشر للضمير النضالي الجماعي الذي يوحد السلوك الرفاقي لمناضلاته ومناضليه والعلاقات النضالية والتنظيمية فيما بينهم، ومع الناس، ويتطلع لترسيخ وعي عام بداخله يقوم على أن الانخراط في الحزب التقدمي يكون من أجل فكرة ومشروع وقيم، وألا مكان للأنا وللتسربات الانتهازية والوصولية، وأن السياسة يجب أن تمتلك نبلها وأن تسعى ليكون لها الأثر في الميدان وفي حياة الناس.
من المؤكد أن القضايا التنظيمية والحزبية الداخلية ستحضر بقوة في مناقشات المؤتمر العاشر لحزب التقدم والاشتراكية، لكن هذا لا يعني اختزال المؤتمر بكامله لمجرد جلسات لتوزيع أدوار ومهام أو تشكيل هياكل، ولكن الرهان التنظيمي هنا هو أن يجري إعمال التصور التنظيمي الجديد الذي اختاره المناضلون وأقرته مؤسسات الحزب بديمقراطية واستقلالية، وهو كذلك أن تبنى قواعد لأجرأة وتنفيذ مضامين خطة “تجذر” التي كان الحزب قد أعلن عنها من قبل، وبالتالي أن يجري تمتين الذات الحزبية ومعالجة اختلالاتها وتجليات القصور في عملها، بغاية الإعداد لمباشرة وخوض وكسب الرهانات السياسية والانتخابية القادمة.
واعتبارا لكل ما سلف، وتمعنا في السيرة التاريخية الطويلة لحزب التقدم والاشتراكية، فإن الرسالة الأولى لمؤتمره العاشر تبقى هي أن هذا الحزب الوطني اليساري التقدمي بلغ مرحلة مؤتمره هذا موحدا ومن دون أي توترات داخلية أو انغلاقات كبيرة، وفي ذلك دعوة للعقل، ولكي يعمل الجميع من أجل حماية الممارسة السياسية الرصينة والتعددية والنبيلة في بلادنا، ومن أجل تفادي تبخيس عمل الأحزاب الوطنية الجادة.
أما الرسالة الثانية فمؤداها أن حزبا وطنيا عريقا وعقلانيا ومنتجا للمقترحات والأفكار والمخارج والحلول مثل حزب التقدم والاشتراكية يعتبر ضروريا لبلادنا، وقوة مهمة.
وهناك كذلك رسالة أخرى تقوم على أن الحزب الذي أنجز كامل مهمات المرحلة التحضيرية لمؤتمره بنجاح، وشهدت إقرار مختلف الوثائق والقرارات بالإجماع أو بما يقترب من ذلك، لا يمكن إلا أن يكمل الأيام الثلاثة للمؤتمر في بوزنيقة بنفس مستوى النجاح، وفي إطار الوحدة الحزبية الداخلية، التي اعتبرت دائما الصخرة التي تتكسر عليها مختلف المناورات والضغوط التي استهدفت الحزب عبر التاريخ، وبما في ذلك في السنوات القليلة الأخيرة.
وسيكون المؤتمر الوطني العاشر مناسبة لتجديد التعبير عن التضامن الحزبي الداخلي القوي، وعن الإصرار الجماعي للمناضلات والمناضلين على ممارسة الديمقراطية الداخلية في كامل معناها، وفي ذات الآن صيانة وحدة الحزب واستقلالية قراره التنظيمي والسياسي.

محتات الرقاص

Related posts

Top