يشهد الموسم الدراسي الحالي، منذ انطلاقته في بداية شهر شتنبر الجاري، ظروفا استثنائية، تتمثل في لهيب أسعار الكتب و الأدوات المدرسية، وعدم وجود بعض المقررات الدراسية في مواد وأسلاك تعليمية مختلفة، مما ترتب عنه عدد كبير من المشاكل بالنسبة لعدد من الآباء و الأمهات و أولياء الأمور الذين يصرفون وقتهم وجهدهم في التنقل بين المكتبات وأسواق الكتب المستعملة دون جدوى، خاصة في ظل تشبث المؤسسات التعليمية بعناوين هذه المقررات، خصوصا المؤسسات الخصوصية، رغم علمها بواقع نذرتها إن لم نقل غيابها شبه التام الأخيرة بالمكتبات المغربية.
و في مقابل هذا التعنت لمؤسسات التعليم الخاص، لا يزال عدد كبير من الآباء و الأمهات و أولياء الأمور يبحثون عن مقررات معينة، رغم مرور أسبوع كامل عن بداية الموسم الدراسي 2022 .
و في تصريح لأحد المواطنين لجريدة “بيان اليوم” تحدث قائلا: ” مع موجة الغلاء، التي واجهتنا هذه السنة بالموازاة مع الدخول المدرسي، وجدنا أنفسنا عاجزين عن تلبية جل متطلبات أبناءنا، و اكتفينا بشراء الأشياء الضرورية، على أمل إكمال الأشياء المتبقية في الأيام القادمة”، و عبر مجموعة من الأساتذة عن “استيائهم من غياب المقررات التي تجعل التلاميذ يتأخرون في استيعاب الدروس بشكل سليم، يتماشى و شروط العملية التعليمية التعلمية التي تنشدها الوزارة الوصية على القطاع”.
الكتب المستعملة بين الإقبال و الاحتكار
أمام فشل الأسر المغربية في الحصول على المقررات من المكتبات، إما بسبب الغلاء الذي رافقها خلال هذه السنة، أوعدم إيجاد النسخة الجديدة بالمكتبات، توجه عدد كبير من أولياء أمور التلاميذ، صوب باعة الكتب المستعملة، راجين الحل البديل، لكن هذا الأمر، لم يكن هو الآخر مثاليا، نظرا لما تواجهه من إكراهات عديدة، من قبيل وجود بعض الأوراق الممزقة بالمقرر هذا في حال الحصول عليه، و احتكار بعض المقررات غير الموجودة في السوق مع الرفع من ثمنها.
و لتشخيص الوضعية (الدخول المدرسي)، بشكل أكثر دقة، انتقلت بيان اليوم، إلى درب السلطان بمدينة الدار البيضاء، حيث يوجد سوق باعة الكتب القديمة و المستعملة، و تحدثت إلى أحد باعة الكتب القديمة الذي أكد أنه يشتغل في هذا المجال، مضيفا أنه “كل عام يرافق الدخول المدرسي نشتري الكتب القديمة من عند التلاميذ أو أولياء أمورهم التي انتهوا من استعمالها بثمن مقبول، ثم نعيد بيعها بثمن مناسب، أي بأقل تكلفة من الثمن الذي يصدر به الكتاب في نسخته الجديدة الأصلية”.
وأضاف المتحدث ذاته ” يوجد عدد كبير من المغاربة، يقتنون لأبنائهم الكتب القديمة، لأنها لا تكلفهم كثيرا”.
وفي استفاضة مع نفس البائع حول موضوع ” ندرة بعض المقررات”، سألناه، عن كيف يتم تدبير هذا المشكل داخل سوق الكتب المستعملة، قال: إن ” هذا المشكل لا يمكننا معالجته، نشتري عددا كبيرا من الكتب المستعملة، و بعدها نتفاجأ بتغيير طبعتها أو حذفها واستبدالها بنسخة أخرى”.
مما يجعل جل هذه الإكراهات تحول دون تحقيق دخول مدرسي متوازن، و سليم يسير وفق شروط الجودة التي سطرتها وزارة التربية و التعليم منذ صدور الميثاق الوطني للتربية و التكوين.
رهان الجودة و سؤال الإكراه
نبه في وقت سابق، قبل بداية الموسم الدراسي 2022/2023 كل من خالد السطي ولبنى العلوي عن الاتحاد الوطني للشغل بمجلس المستشارين إلى ضرورة تجنب هذه المسألة قائلين:” المكتبات ما زالت تنتظر أن يتم تزويدها بالمقررات المدرسية على بعد أقل من شهر من الدخول المدرسي”.
وعليه وجها سؤالين كتابيين إلى شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية مفادهما أن ” المكتبات مازالت تنتظر إجراءات استعجالية لتوفير الكتب المدرسية في أقرب الآجال تفاديا لأي ارتباك في الدخول المدرسي المقبل”.
وأكدا أن:” بعض المؤسسات التعليمية تحولت إلى مكتبات تمارس عملية بيع المقررات المدرسية لفائدة تلاميذها في مخالفة صريحة للقانون 06.00 المنظم للتعليم الخصوصي المتعلق بالجانب التربوي دون التجاري”.
و سأل المستشاران ذاتهما الوزير عن” الإجراءات التي ستتخذها وزارته لتسريع عملية تزويد سوق الكتاب ومنع بيع المقررات والأدوات المدرسية داخل فضاءات المؤسسات التعليمية الخاصة”.
جدير بالذكر أن الموسم الدراسي خلال هذه السنة شهد استثناءات عديدة، جلها مست جيوب المواطن المغربي، بدءا من ارتفاع أثمنة الكتب و غلاء الأدوات المدرسية اللصيقة بهذه الفترة، وصولا إلى مشكل غياب بعض المقررات الدراسية في مختلف الأسلاك التعليمية بالقطاع العام و الخاص، مما يسهم بشكل سلبي في طرح مشكل الانقطاع الدراسي، خصوصا في صفوف أبناء الأسرة المغربية التي تعيش وضعا ماديا محدودا، و يحول دون تحقيق شعار الجودة الذي تنشده وزارة التربية الوطنية منذ سنوات خلت.
عبد المالك اجريري (صحافي متدرب)