في يوم الشعر…

خلدت اليونسكو وكل محبي الشعر عبر العالم، أول أمس، اليوم العالمي للشعر، وشهدت مناطق ومدن وفضاءات متعددة في الكون كله فعاليات وتظاهرات شعرية، وقراءات للقصائد ولجميل القول بكل اللغات…
الاحتفال المذكور تقرر من لدن اليونسكو بناء على مقترح مغربي تقدم به «بيت الشعر» المغربي، وناضل من أجله الشاعر المغربي محمد بنيس وزملاؤه، وحضي بدعم من حكومة التناوب التوافقي حينها، ومذ ذلك التاريخ صار 21 مارس من كل سنة يوما عالميا للشعر.

وحيث إن الشعر يعبر عن سمو روح الإنسان وجماليته الفنية، فهو ضروري في زمننا هذا، خصوصا أنه القول الذي يجسد المحبة والسلام والإنصات إلى الآخر، ويتفاعل مع الثقافات والحضارات، ويكرس الانفتاح على العالم وعلى… الحلم.
اليوم العالمي للشعر يحل في مارس دلالة عن مزيد يناعة وتحفيز على الاحتفال والربيع والعطاء وجمالية المدى…
وإن الاحتفال بالشعر هو احتفاء أيضا بفعل التجاوز للقيود، ذلك أن الشعر الحقيقي هو الذي يثور على القيود والأغلال، ويرفض أن يخرج مكبلا بالأشكال والقوالب وتعليمات السلط كلها، كما لا يقبل الافتراق عن الحلم، وعن سعة الأفق…، وتأسيسا على ذلك نحن في حاجة اليوم إلى الشعر الحقيقي، وإلى الشعراء الحقيقيين، وإلى الإبداع المرتبط بالإنسان وبالوجود، والمتطلع إلى… البهاء.
في بلادنا، يحفل منجزنا الشعري الوطني بكثير من الثراء والقوة والتميز، وبتجليات التنوع والتعدد والجمالية، وقد أتاح لنا تحولنا الدستوري والسياسي تجديد اللقاء مع ذاتنا الشعرية المتعددة (عربية، زجل مغربي، أمازيغية بكل روافدها، حسانية وغيرها)، وتكرس بعض التصالح في الذات ومعها، وبات من الضروري اليوم تثمين كامل هذا المنجز والاحتفاء بصناعه ومبدعيه والتعريف بهم.
إن الشعر المغربي في حاجة اليوم إلى تقوية حضوره في الفضاء العام لمؤسساتنا التعليمية، وفي المقررات الدراسية إلى جانب ما يتم تلقينه من شعراء عرب مشارقة وغيرهم، فالمدرسة هي القادرة على ترسيخ ارتباط الأجيال المغربية بشعرنا وشعرائنا، وبإمكانها تمتين حضور ومسيرة الشعرية المغربية بكل مكوناتها اللغوية والفكرية والجمالية.
الإبداع الشعري المغربي في حاجة أيضا إلى وجود صناعة مغربية في قطاعي النشر والتوزيع تكون قوية مهنيا ومنصتة للحاجيات الفنية والثقافية للمغاربة، ومستحضرة للرهان الاستراتيجي للاحتفاء بالشعر المغربي، وهو كذلك في حاجة إلى مزيد انفتاح عليه من طرف عالم الموسيقى والسينما والمسرح وأيضا الإشهار والدعاية والترويج والتلفزيون، وذلك بما يمكن مستقبلا من تقوية علاقة المغاربة بالقول الشعري المغربي، وتمتين تفاعلهم مع أثره الجمالي والنفسي والروحي.
تحية للشعر في المغرب وفي كل الدنيا.
تحية للشعراء في بلادنا وعبر العالم.
لنقرأ القصيدة…
لننصت إلى الشعراء…

[email protected]

Top