قال أوسكار وايلد إن فن الموسيقى هو أقرب شيء للدموع وللذكريات..
قوي هو التأثير الذي تحدثه فينا الألحان.. تعود إلى بيتك بعد يوم من العمل الشاق يجعلك تحتاج لكثير من الراحة والهدوء.. لكنك رغما عنك تنغمس في التفكير في كل المشاكل التي تواجهك، في كل المواقف التي مررت بها ذاك اليوم، كيف تصرفت وكيف كان عليك أن تتصرف.. تتيه في عالمك الداخلي المتشعب كمتاهة لا مخرج منها.. فجأة تسمع أغنية ما أو مجرد موسيقى أو لحن معين فيعود بك الزمن بشكل لحظي إلى الوراء، كرحلة إلى الزمن الماضي دون عناء أو انتظار.. لحن واحد كان من شأنه أن ينيم الوحش اليقظ فينا ويخمد غضبه وينقله في ذات اللحظة إلى عالم مواز لكنه سبق أن عاشه حقا سابقا.. الموسيقى تذكرة مجانية للسفر إلى أية نقطة أو مرحلة في الزمن..
وبعيدا عن كون الموسيقى وسيلة لإيقاظ مشاعرنا الدفينة من سباتها وإعادتها إلى سطح مستنقعات همومنا، تعد الموسيقى علميا علاجا قائما بذاته حسب العديد من الدراسات. يساعد العلاج بالموسيقى على تجاوز ومواجهة الكثير من الاضطرابات بما في ذلك الاكتئاب، التوحد، إدمان المخدرات ومرض الزهايمر. كما تحفز الموسيقى الذاكرة، تقلل من التوتر والقلق وتعمل على تنشيط مناطق واسعة في دماغ الإنسان…
تبث أن الموسيقى تزيد من إبداع الإنسان ومن إنتاجيته. الروائي أثناء الكتابة قد يستعين بالموسيقى ليغوص في الأحداث بطريقة أعمق. فمثلا عندما يروي لنا عن حدث وقع في منتصف الليل في إحدى الغابات بينما هو يستمع إلى أصوات الحيوانات الموحشة كخلفية موسيقية، قد يستشعر القارئ واقعية الحدث بشكل أقوى.. قد تشتت الموسيقى انتباهنا بينما نحن نقوم بمهام تتطلب الكثير من التركيز أو عندما نتعلم أشياء جديدة. بدلاً من ذلك، عندما يتعلق الأمر بالأعمال المنزلية أو الأعمال المكررة، فإن الموسيقى بمثابة مفر من الملل الذي يصاحبها ودافع للاستمرار في القيام بها.
قال نيتشه «بدون الموسيقى ستكون الحياة خطأ». نحن محظوظون اليوم، لأن الموسيقى في متناول الجميع. فلم لا تخرج خريطة ذكرياتك أو لم لا خريطة أحلامك ثم تختار وجهتك وتضع سماعاتك؟ رحلة ممتعة..
بقلم: هاجر أوحسين