ليست وكالة للتشغيل

كان رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع دقيقا في خطابه الملفوف بنبرة انتقادية حادة، عندما خاطب معشر التقنيين المغاربة من خلال الإدارة التقنية الوطنية، بكثير من الصراحة قائلا: “الجامعة ليست وكالة التشغيل، كما أن الحصول على دبلوم التدريب ليس وسيلة للضغط قصد الحصول على منصب”. 

وليست هذه المرة الأولى التي يعبر فيها رئيس الجامعة صراحة عن عدم رضاه للطريقة التي تدار بها الأمور داخل منظومة تقنية، تكلف خزينة الجامعة سنويا ميزانية كبيرة من حيث الأجور بالإضافة إلى تكلفة التعويضات والامتيازات ومصاريف الهواتف والسيارات، وغيرها من الوسائل التي خصصت للعمل، وليست امتيازات تبدو بالنسبة للرأي العام مبالغا فيها، مقارنة بما هو منجز على أرض الواقع. 

انتقادات لقجع القوية أكدت بوضوح، أنه يستمع لنبض الشارع ويقف على تفاصيل الأمور، بالرغم من تعدد المهام وكثرة الانشغالات اليومية، كما أن لديه إحساسا بأن الأمور  داخل هذا المرفق، ليست على ما يرام بعد تجربة ليست بقصيرة، كان من الممكن أن تبرز لنا بوادر مشجعة، إلا أن العكس ما حصل، وبات الحصول على المنصب هو الشغل الشاغل بالنسبة للأغلبية الساحقة من الأطر الوطنية. 

فقد أصبح التهافت على الدخول لمنظومة الإدارة التقنية، هدفا أساسيا، وللوصول إلى ذلك تستعمل كل الطرق، وتمارس كل الضغوطات والعلاقات الخاصة، ويختلط الحابل بالنابل وكثرة الشكاوى وخطابات المظلومية، وتحول مقر الجامعة بشارع النخيل بالعاصمة الرباط، إلى قبلة تشرئب لها العيون من كل حدب وصوب داخل المغرب وخارجه.

  فقد انتقد لقجع خلال هذا اللقاء الذي كان مرتقبا منذ مدة، طريقة العمل المتبعة، كما رفض استمرار تقاعس الأغلبية، وغياب الاجتهاد وعدم الخلق والمبادرة، والاكتفاء فقط  بمتابعة شكلية والاستكانة لدفء الامتيازات المتوفرة، والتي خصصت أصلا لأداء الواجب، عوض اعتبارها امتيازا خاصا.

   فهذه الحقيقة أصبحت حديث الخاص والعام داخل الأوساط الرياضية الوطنية، حتى أصبح ينظر للأمر بمثابة إهدار لمال زائد، في حين أن الأمر في الواقع هو هيكلة تقنية ضرورية داخل مؤسسة وطنية تشرف على الشأن الكروي، بما له من تأثير واسع واهتمام متزايد، وما تخصيص مناصب شغل، ومنح كافة وسائل الاشتغال، إلا قيام بالواجب من طرف إدارة الجامعة، إلا أن البعض للأسف فهم الأمر في غير محله.

   قال لقجع إنه يجب وضع قطيعة مع إنجازات الصدفة، لأن كرة القدم أصبحت علما قائم الذات، ينبني على أسس علمية دقيقة وبطريقة احترافية واضحة، مبرزا دور التكوين في بلورة العمل، إلا أن هذا البعد الأساسي لم يفهم -للأسف- من طرف أغلب الأطر الوطنية -إلا من رحم ربي- واعتقد البعض أن الالتحاق بالإدارة التقنية، هو مجرد مكافأة ما، على عمل ما، أو علاقات خاصة، وليس استحقاقا علميا وخدمة وطنية ومساهمة في ورش الإصلاح الذي تسعى إليه الجامعة.

  والمؤكد أن الانتقادات الصادرة عن لقجع ستكون لها تبعات وستتبعها بدون أدنى شك قرارات قد تكون صادمة للبعض، وهذا هو المطلوب من أجل الوصول إلى تحقيق الأهداف المتوخاة، فبدون إصلاح المجال التقني، لا يمكن أن تقوم قائمة لأي رياضة من الرياضات، وكرة القدم كما هو معروف، قطعت أشواطا كبيرة على درب التطور والتغيير قاريا ودوليا، والتقنيون المغاربة لم يستوعبوا بعد الدرس، ولم يفهموا الرسالة جيدا. 

فالشخص الذي يكتفي -كما قال لقجع- بالاشتغال لمدة ساعتين في اليوم، ويشاهد مقابلة واحدة في الأسبوع، لا يظهر أدنى شعور بالمسؤولية، وهذا إخلال بالواجب يقتضي المحاسبة، والمحاسبة من طرف الجامعة بدأت بالخطاب الصريح والاعتراف الجريء، في انتظار قرارات وحاسمة في مستوى المسؤولية… 

محمد الروحلي

Related posts

Top