ما معنى الجرأة؟؟؟

بلا شك أن انطلاق جلسات الاستماع إلى الأحزاب السياسية حول مواقفها بشأن المراجعة الدستورية، مكن المتابعين من التعرف على آراء مختلفة وعلى القواسم المشتركة التي برزت بين المذكرات الحزبية، ومن ثم فإن هذه الدينامية السياسية كرست في البلاد حوارا وطنيا لا بد من تثمينه والحرص على تقوية مضامينه حتى نحصن بلادنا من أن تضيع الرهان. يعني هذا أن الطبقة السياسية ووسائل الإعلام وكل النخب مدعوة اليوم إلى القراءة الجيدة للحظة، من دون أن نخطئ في الاتجاه أو في الأصوات التي تنبعث من كل الجهات.
اليوم، النقاش يهم مختلف بنود الدستور، وكل المؤسسات والسلط والعلائق، ويجب أن نقول بأن هذا كله جيد، وهو سلوك غير مسبوق في تاريخ الترافع الحزبي من أجل الدستور، وقد أسس لحراك حزبي لا يخلو من جرأة، ونفي كل هذا اليوم، ولوك التعابير المسكوكة عن الأحزاب كلها كما لو أنها من فصيلة واحدة، والإصرار على تبخيس اللحظة برمتها، هذا يعني إما أننا لا نريد لهذه الدينامية أن تنجح، أو أن البعض  يحس براحة وهو أعمى لا يبصر شيئا من حوله.
لقد تابعنا آراء حزبية بشأن المؤسسة الملكية وصلاحياتها ووضعيتها في المعمار المؤسساتي والسياسي لبلادنا، واتفق بعضها وتباينت مواقف البعض الآخر، وهذا كله صحي ومفيد، لكن من يكتفي بانتقاد الكل اليوم واعتبار كل ما قيل لا يصل إلى «الطابق العلوي»، لم نفهم موقفه بالذات، وماذا يريد لهذه البلاد بالضبط؟
المنطقي أن من يقول عن الآخرين أنهم أقل جرأة وشجاعة، عليه أن يتحلى هو بالصفتين البطوليتين ويقول للمغاربة أو يكتب لهم ماهي مطالبه الجريئة والشجاعة، وآنذاك نناقش جميعا بوضوح.
المغرب في حاجة حقا إلى الجرأة،  لكن من خلال الإصرار على المنحى الحداثي والديمقراطي للبلاد، ومن خلال الحرص على استقرار البلاد، ومن خلال جعل الوثيقة الدستورية ترتفع بمغرب اليوم إلى مصاف الديمقراطيات الحقيقية، وإلى الاحتكام إلى حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها كونيا، وبالتالي أن تفتح الباب في القريب أمام إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية شاملة.
وإن التحدي المذكور يطرح نفسه أمام أعضاء اللجنة وأمام القيادات الحزبية الجادة وأمام وسائل الإعلام ومختلف النخب السياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية والجمعوية، كي يمتلك الكل وضوح الرؤية حتى لا نفوت الفرصة على بلادنا.
لا يسمح المجال اليوم للالتباس والغموض إن في الموقف أو في التحالفات أو في … المزايدات.
الوقت للذكاء ولبعد النظر ولرصانة الكلام الذي يذهب أبعد من أنف قائله.
الحوار اليوم يسمح بالإنصات حتى للمزايدين، فليطرحوا جرأتهم في ساحة النقاش العمومي..
الكلمة لكم…
[email protected]

Top