ما وضع فنون الشارع في المغرب؟

1 – فرجات الشارع

الفرجوي هو كل ما يدرَك على اعتباره ينتمي جوهريا لما يعرض أمام أنظار متفرجين. وإذا كانت الحضارات الإنسانية قد أنتجت أشكالا فرجوية فنية في مختلف الأمكنة والأحقاب.. فإن الإبداعية المغربية كان لها حظ وافر للإدلاء بدلوها الجمالي والفني في هذا المضمار سواء من خلال التجمعات الاحتفالية المرتبطة بالأعراس والمآتم والمناسبات الاجتماعية والطقوسية ومواسم الحصاد ومجالس التسلية وغيرها… أو من خلال ظواهر وأشكال فرجوية شعبية اندثر بعضها كالفنانين المتجولين “إيميديازن” وفنون البساط وسلطان الطلبة وسيدي الكتفي… الخ وتكرس بعضها الآخر كفن الحلقة وعبيدات الرمى والرقص الشعبي مثلا.
كل تلك الأشكال وغيرها استطاعت أن تبلورها العبقرية الفنية المغربية الجماعية على مدى فترات زمنية مغرقة في القدم والجمال.. ومن هذه الفرجات الشعبية عرفت مراكش واحدة من أنضجها وأكثرها أصالة وتعبيرا عن وجدان المغاربة. إنها ظاهرة فن الحلقة التي نشأت وتفرعت مضامينها في الأسواق وساحات المدن العامة كباب فتوح في فاس وباب منصور العلج في مكناس وساحات الدار البيضاء العامة وغيرها من المدن المغربية بشكل عام.
أما الساحة التي استطاعت أن تحافظ على تأثيرها الثقافي والعجائبي ووصلت شهرتها – بفضل مسرحها الشعبي (فن الحلقة) – الآفاق، فهي ساحة جامع الفنا في قلب المدينة الحمراء مراكش. الساحة التي عرفت منذ قرون مهرجانا يوميا من الفرجات الشعبية بدء من المداح والمسيح وبقشيش مرورا بعبيدات الرمى والرقص على النغم الكناوي والأمازيغي والعروبي والشعبي وليس انتهاء بفن الحكاية والإماءة والألعاب البهلوانية.

2 – مهرجان أول ناغ

يعتبر إحياء كل هذه الأشكال أو استلهام عناصرها الفرجوية أو التفاعل معها بمقتضيات العصر ومستجداته نوعا من تصالح الوجدان المغربي مع  أشكالنا التعبيرية والفرجوية التقليدية تلك .. ناهيك عن هذا الرجوع العام وفي مختلف البقاع إلى تقنيات وجماليات هذه الأشكال الفرجوية.. والحراك الذي تعرفه الساحات والشوارع في المغرب يدخل في هذا السياق..
بعد عديد من العروض مابين 2005 و2007 تم تقديم عروض فرجوية في ساحة جامع الفنا / مراكش كالبخيل إخراج خالد طامير الذي أسس سنة 2005 جمعية “ائتلاف شعاع القمر / Collectif Eclats de Lune”  بمدينة مراكش. ثم أطلق مع عدد من الفنانين والفاعلين الثقافيين سنة 2007 مهرجان فنون الشارع “أوال ناغ” / Awaln’Art والتي تعني بالأمازيغية “كلامنا”. وفعاليات المهرجان عبارة عن لقاءات فنية دولية في الساحات العامة بمدينة مراكش وجهة الحوز حيث تقدم العروض في ساحات القرى المحيطة بالمدينة الحمراء: تاحناوت، تامصلوحت، أيت أورير، أغمات …
المهرجان في دورته السادسة، مثلا، قدم في إطار فعالياته خمسة عشر عرضا فنيا واستضاف أكثر من 100 فنان من 6 دول. بالإضافة إلى ورشات تكوينية لفائدة الشباب وإقامات فنية لإنجاز العروض.
ومن الفرق المشاركة: جنريك فابور – ترانس إكسبريس – وفرق مغربية تياتر نوماد – ترمينوس – كولو كولو –  وغيرها ..
ومن العروض التي أنجزت في إطار مهرجان أوال ناغ وبشكل جماعي: استعراض “أزالاي” وهو عبارة عن منجز فني استعراضي ينتمي إلى فن الشارع يتكون من دمى عملاقة وبهلوانيين من ذوي السيقان الطويلة تواكبها فرقة إيقاع وعجلات ضخمة ودراجات ثلاثية العجلات. العرض أنجز في إطار شراكة بين بذور الشمس وشعاع القمر، وقدم في العديد من المدن المغربية وشارك في مهرجانات مختلفة كما أنه قدم في مدينة مارسيليا ومدن أخرى مجاورة لها (كاروس، صالون دي بوفانس، برينيول، أوباني، ليستاك)  وذلك في إطار مارسيليا عاصمة أوربا للثقافة 2013.
ومن العروض التي أنجزت كذلك في إطار مهرجان أوال ناغ: عرض “الجدار – راوي مراكش” في إطار مارسيليا عاصمة أوروبا للثقافة 2013 وهو إنتاج الموسم 2013/2014 ومن إنجاز جماعي. وعرض “حلزوني” تصميم وإخراج عبد الجبار خمران وزكرياء حدوشي.

3 – أهداف المهرجان :

إلى جانب برمجة عروض فرجوية في مجال فنون الشارع في أفق فتح سوق ومجال لاحتضان تجارب فنية في هذا المجال .. وكذا احتضان إقامات فنية.. يفتح المهرجان نقاشا جادا حول تطوير مجال فنون الشارع والتفكير في كيفية النهوض بهذا القطاع.. في هذا الإطار بادر “ائتلاف شعاع القمر”، ووزارة الثقافة المغربية والمديرية الجهوية لمدينة مراكش بشراكة مع السفارة الفرنسية، ووزارة الثقافة والاتصال الفرنسية، والمعهد الفرنسي بمراكش، وفرقة “خارج الجدران”، وبدعم من فدرالية ولونيا- بروكسيل بالرباط، المنظمة الدولية للفرانكفونية والهيئة العربية للمسرح،  إلى تنظيم، على مدى يومين، مؤتمر كبير جمع فنانين، ومندوبي وزارة الثقافة الإقليميين، وجامعيين ومدراء دور الثقافة. حوالي ستين فاعلا ثقافيا وفنيا قدموا من مختلف المدن المغربية وكذلك من العراق ولبنان وأمريكا الشمالية وفرنسا وبلجيكا والسينغال ومالي.. لتبادل وجهات النظر حول مجال الفنون في الساحة العامة وذلك استكمالا للندوة الأولى التي عقدت بجهة تحناوت في أبريل 2013.
كما انعقدت ندوة ثانية تمحورت حول الاعتراف والهيكلة والاحترافية في مجال الفنون في الساحة العامة.. وأكدت الندوة على إمكانية وضرورة فتح حوار مشترك بشكل منتظم وشفاف بين مختلف الفاعلين الثقافيين: من فنانين، جامعيين، وشركاء ووزارة الثقافة. كما تطرق النقاش في هذه الندوة إلى مسألة دور الدولة ودور الفنان، والمسؤولية المنوطة بكل منهما على حدة وكيفية الدفع من خلال العمل المشترك على فتح الطريق باتجاه تطوير المجال والعودة بشكل منتظم إلى الحوار وتبادل وجهات النظر. ولاحظ المنتدون أن الإيقاع الزمني للمسار الثقافي لا يوازيه الإيقاع نفسه للمسار السياسي والإداري. الفنانون المشاركون في هذه الندوة اعتبروا أن دور الفنان يتمثل في تحديد الحاجيات وكذا اقتراح الحلول التي من شانها إنعاش هذا القطاع الفني. هذا الدور المعياري في رصد ما يحتاجه القطاع يسجل عبره الفنانون نوعا من الفجوة بين رؤية الفاعلين الثقافيين في المجتمع المدني في المغرب والرؤية التي تتبناها الوزارة. وهذه الفجوة حاليا تبعث على استياء الفاعلين الثقافيين الذين يشعرون بأن ميزانيات وزارة الثقافة المرصودة يعوزها التفكير الشامل في تحديات القطاع خاصة من جهة إيقاظ الوعي، التوزيع الجغرافي، الجمهور.
وقد أكدت وزارة الثقافة من خلال ممثلها في الجلسة الافتتاحية للندوة، على الرغبة في الإصغاء والتأقلم ومواكبة مستجدات القطاع وتغيراته.. والوزارة على استعداد لتغيير أشكال الدعم وذلك من خلال النقاش والتشاور مع الجسد الاحترافي للفنون في الساحة العامة.
من خلال هذا اللقاء الأساسي والفعال اتضح أنه على الفاعلين في مجال فنون الساحة العامة أن يكرروا عقد مثل هذه اللقاءات من أجل ترتيب أولويات هذا القطاع (التكوين، الترويج، الإبداع، الدعم، الإنتاج…) وتحديد المصلحة العامة لهذه المهنة. في سياق يعمل فيه كل طرف وبشكل مستمر بإمكانيات مادية، بشرية وخدمات لوجستيكية.. غير كافية وغير مستقرة، مع تسجيل صعوبة الاشتغال بشكل جماعي.
اللجنة التحضيرية للكنفدرالية المغربية لفنون الشارع المزمع تأسيسها يمكنها تخطي هذه العقبة مع الأخذ في الاعتبار المساهمة بأفضل ما يمكن واستحضار السياق العام الذي يمكن أن تتطور من خلاله. هذا مع العلم أن الكونفدرالية لا تعني التطابق التام في الرؤى والأفكار بين أعضائها، لكنها بمثابة تجمع لمكونات مختلفة ومغايرة لأجل نوع من الضغط على مستوى العمق. لكن هذا المشروع أهدر ولم يتم إحياؤه أو رسم أفق ثقافي وفني لتأسيسه ومساره.
تم طرح مقترحات ملموسة، من بينها، تنظيم جامعات حرة لأجل تشجيع انتشار تفكير جماعي حول فنون الساحة العمة، أو أيضا، خلق “رابطة الساحات” لأجل ربط دينامية المجتمع المدني في تنشيط الحياة الثقافية للساحات العامة بالمغرب.
وبمعزل عن سياق الفنون في الساحة العامة بالمغرب، وجب تأمين كل مجالات الإبداع والترويج الفني في المغرب: حقوق المؤلف، الضمان الاجتماعي، وضعية الفنان..الخ نفس الشيء فيما يتعلق بالأماكن المخصصة للإبداع فكل التخصصات الفنية في المغرب تعاني من نقص في (الأماكن) المخصصة للوُرش الإبداعية. شهادات المشاركين في هذين اليومين المخصصين للندوات أكدت على أن وجود “مكان” قار سيعطي نوعا من الدينامية من خلال توفير شبكات وشركاء متعددين. مسألة “المكان” هذه يمكن أن تحتل الأولوية من حيث المعالجة. وقد تم اعتبار توفر “المكان” بمثابة شرط أساسي للمضي قدما في تطوير هذا المجال وكذا كافة المجالات الفنية الاخرى.
وقد تم الاعتراض على مقترح خلق مجموعات عمل على شكل لجن مصغرة تشتغل على المواضيع المطروحة للنقاش في هذين اليومين، لصالح قرار تحمل كل طرف مشارك المسؤولية الاخلاقية . كما توافقت الآراء على منح وقت أكثر للتفكير العميق حول الديناميكية الراهنة التي يعرفها القطاع.
حتى اليوم ما يزال المحاورين متعددين وغير محددين: الساحات العامة التي هي تحت إشراف الجماعات المحلية وأحيانا وزارة السياحة، الممارسات الفنية تنضوي تحت وصاية وزارة الثقافة، كما يمكن أن يعني الأمر وزارة الداخلية.
المثقفون والفنانون يكتنفهم شعور بالعزلة، ووزارة الثقافة تقدم كيانها كمحاور وشريك للفنانين. لكننا ما نزال بعيدين عن تحقيق الأهداف المرجوة وملامسة تطلعات المبدعين في هذا المجال.
وما يزال أمامنا وقت طويل يسمح باستمرار وتبادل التشاور لأجل رسم نموذج مغربي للثقافة ذي بعد اقتصادي وإنساني وجمالي.
————————————————-
*هذه الورقة القيت كمداخلة في اللقاء الذي نظمته جمعية جذور حول وضعية فنون الشارع في المغرب 2014

*******

محمد فركاني: ممثل ومخرج مسرحي
مسرح الشارع هو البديل
إن ظاهرة مسرح الشارع التي بدأنا نلمسها في السنوات الأخيرة، هي راجعة إلى عزوف الجمهور عن المسرح داخل قاعات العرض، حيت أصبح الفنان ملزما للذهاب عند الجمهور (عامة الشعب) وتقديم عرض مسرحي يعالج قضاياهم بطريقة فنية.
من هنا يمكن القول على أن الجمهور المغربي بدأت تموت فيه ثقافة ارتياد قاعات المسرح (الذهاب للقاعات ومشاهدة العروض المسرحية) .. لهذا أقول على أن هذا النوع من المسرح (مسرح الشارع) قد يشكل البديل الذي يبحث عنه الفنان والجمهور على حد سواء.. فمسرح الشارع هو ما يحتاجه المغرب حاليا، للنهوض بالقطاع المسرحي، وأيضا لإعادة إحياء ثقافة المسرح والفرجة عند المغاربة.
بعد تجربتي المتواضعة كمدير مهرجان المسرح وفنون الشارع في دورته الأولى بمدينة سلا الجديدة تحت عنوان “حتى المسرح كيديفلوبي”، لاحظت على أن الجمهور متعطش لمشاهدة أي شكل من أشكال الفرجة في الشارع، شريطة أن يكون العمل يعالج قضاياه ومشاكله ومعاناته اليومية بطريقة فنية تساعده للوصول إلى ما نسميه بـ “التطهير”.
بالنسبة للإكراهات والصعوبات التي تواجهها فرق مسرح الشارع، ينتصب الإكراه المادي بالدرجة الأولى والذي سيظل يواجه المبدعين مادامت هناك سياسة التهميش غير المباشرة لهذا النوع من الفرجة الحية.  على سبيل المثال الدعم الذي تخصصه وزارة الثقافة لفنون الشارع غير كاف من أجل إنتاج عمل فني إبداعي متكامل.
لكن هناك فنانين شباب همهم الوحيد هو خلق إبداعات فنية جديدة من أجل ضمان آفاق مستقبلية لمسرح الشارع في المغرب.
*مدير فني لفرقة فركانيزم

****

طارق الكناش: مخرج مسرحي وسينمائي

مسرح الشارع فن قريب من جميع فئات المجتمع

عرفت الساحة الثقافية والفنية في السنوات الأخيرة ظهور مجموعة من الأنشطة الإشعاعية حيث حرصت وزارة الثقافة على احتضان مجالات لم تكن لها حركية سابقة مثل مسرح الشارع والإقامات الفنية والمشاريع الفنية المرتبطة بالفنون التشكيلية والسمعية البصرية.. وبخصوص مسرح الشارع استفاد مجموعة من الفنانين خصوصا طلبة وخريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي الذين أسسوا لنفسهم برامج فنية تساعدهم على الخلق والإبداع والابتكار..
استطاعت جمعية محترف باناصا للفنون، في مشرع بلقصيري، استضافة أربعة عروض مسرحية تنتمي لصنف مسرح الشارع والتي كانت أول تجربة بهذه المدينة الصغيرة . حيث تركت هذه الفرجات انطباعا خاصا لدى ساكنة المدينة المتعطشة لكل ما هو جديد وجميل، وهذا ما جعل القائمين على تسيير الشأن المحلي بالمدينة بمساهمة من عمالة إقليم سيدي قاسم يقومون بتشييد ساحة عمومية تتوفر على مسرح في الهواء الطلق تنظم فيه أنشطة ذات طابع فرجوي..  إذن مسرح الشارع جنس فني ليس بجديد عنا كمغاربة فهو استمرار لفن الحلقة الذي تمتاز به مجموعة من المدن المغربية، اليوم نجد المبدعين المغاربة وخصوصاً الشباب يجددون إبداعاتهم ويريدون إيصال الفن المسرحي إلى الأماكن العمومية من ساحات وحدائق … أعتقد أنه هذا الفن سيكون له مستقبل لأنه قريب من جميع فئات المجتمع أطفال نساء ورجال،  فهو فن يذهب إلى الناس ويتواصل معهم مباشرة ويلتقي بجمهور غير جمهور القاعات الذي يكون له معرفة مسبقة بعنوان العرض.. نتمنى من الوزارة الوصية على الميدان المسرحي الاهتمام بهذا الجنس ودعمه ومساندته حتى يستطيع أن يجد لنفسه موقعا ليصل إلى عامة الناس .
*رئيس محترف باناصا للفنون
 بمشرع بلقصيري

***

عبد القادر أطويف: مخرج مسرحي

مسرح الشارع في حاجة ماسة إلى مواكبة نقدية رصينة

تكمن خصوصية مسرح الشارع في انفتاحه على المجال العام، وتمرده على الطريقة الإيطالية ورفض منظوماتها وقواعدها. ويتميز بقدرته على ابتكار وإبداع نماذج مسرحية متنوعة، ولا يمكن لأحد اليوم التشكيك في قدرة هذا الجنس أو النوع المسرحي القديم / الجديد على استقطاب أكبر عدد من الجمهور مقارنة مع المسرح داخل القاعة، وفي اعتقادي الشخصي يعود كل هذا إلى قدرة مسرح الشارع على التفاعل مع جميع فضاءات المدينة واستثمارها في العرض بدل الحاجة الدائمة إلى البناية المسرحية، وآليات الخشبة، والسينوغرافيا، والإضاءة… كما أن مسرح الشارع يعتمد على المباشراتية (مبدأ المباشرة) وبالتالي يتحقق مفهوم الفرجة الحية (spectacle vivant) فضلا عن اعتماد تقنيات المشاركة في علاقة المؤدين (les acteurs) بالجمهور وبالتالي كسر الإيهام، ناهيك عن استثمار طاقة الممثل / المبدع في الارتجال حتى مع وجود النص المكتوب، والاعتماد على التقنيات التكنولوجية الحديثة، والانفتاح على باقي فنون الأداء.
كل هذه العوامل متكاملة تشكل عناصر جذب للجمهور الذي يحقق المتعة والفائدة عن طريق الفرجة، دون أن ننسى مجانية العروض (بدون مقابل) وجدة التيمات والمواضيع المقترحة إذ غالبا ما تعكس الواقع المعيش والمشاكل الآنية (اجتماعية، سياسية …) مع جرأة في طريقة التناول والمعالجة.
لقد أصبح مسرح الشارع يحظى بالكثير من الاهتمام سواء من لدن الجمهور المغربي، كما يتضح ذلك جليا من خلال نسب الحضور والمشاركة للجمهور في مختلف المهرجانات بالمملكة، أو من طرف المبدعين الشباب، خاصة خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، الذين أصبحوا ينتظمون في فرق مسرحية احترافية متخصصة في هذا الفن، والذين يمكن التمييز فيهم بين عينة تعتمد النهل من معين الذاكرة الفرجوية الشعبية في بحث ذؤوب عن هوية تراثية محلية لإبداعاتهم الفنية، وعينة أخرى تبحث عن المضمون أكثر من الشكل من خلال تناول مواضيع اجتماعية صرفة تتسم بالآنية.
إلا أنه ورغم كل هذه المجهودات المحمودة، يبقى مسرح الشارع بالمغرب في صيغته الحالية في حاجة ماسة إلى مواكبة نقدية رصينة، وبناءة لا هدامة. كما يتطلب اهتماما متزايدا من طرف الجهات الوصية على قطاع المسرح لدعم كل جهود البحث والإبداع والتكوين في هذا النوع المسرحي، واحتضان كل المبادرات الفنية في هذا المجال.

*مدير فرقة أوديسا / ومدير مهرجان العيون لمسرح الشارع

بقلم: عبد الجبار خمران

Related posts

Top